منتدى العمق

المستشفيات المغربية في خبر كان

لطالما كنت أرى مجموعة من مقاطع الفيديو و أقرأ عبر الجرائد حزمة أخرى من المقالات التي تجسد المستوى المتدني الذي وصل إليه قطاع الصحة في بلادنا لكن ما وصفه لي والدي فعلا هو شيء يقارب إلى حد كبير لوحة سريالية أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع ، واقع مؤلم إلى حد البكاء لا أعرف حقيقة من أين أبدأ ؟ و لا أين أنتهي ؟ هل من حجم الإكتضاض الذي يضطر معه المريض للإنتظار لمدة قد تطول لتصل إلى 3 أيام و أكثر بفعل توافد المواطنين من مختلف بقاع المغرب رجال و نساء من جميع الأعمار منهم من يفترش الأرض و يلتحف السماء في إنتظار عداد الأرقام الذي لا تريد أن تمر أعداده في ظل الفساد الذي ينخر قطاع الصحة ، و لكم أن تتساءلوا كيف لمريض ، في سن أبي مثلا و الذي كانت حالته جد حرجة ، أن يبقى واقفا لمدة 12 ساعة في انتظار من يسعفه أو ينظر إليه نظرة رحمة ؟ و هو من كان بين الحياة و الموت أما الممرض المداوم فيتكلم معه بكل عنجهية مهاجما إياه بالقول “بغتي تصبر صبر ما بغيتش سير تموت ” أما الطبيب فلا يوجد إلا واحد مداوم الشيء الذي زاد الطين بلة أو كما يقال “زاد الخير على الخمير”.

لقد إضطر هذا المسن الذي إشتعل رأسه شيبة لإنتظار طوابير طويلة ليتمكن من إجراء العملية المنشودة كان إحداها فوج من طلبة الجامعة الذين حلوا بالمستشفى بعد عراك مع رجال الأمن لا أعلم حقيقة من إفتعله و لا وقائعه ولكن ما شهده والدي فقط دماء ملطخة من الطرفين و حالات مستعجلة أخرى تنضاف لطابور المرضى .

إن ما أستفزني فعلا هو وجعلني أخط هذه السطور هو أن رجل شارف على السبعينات إظطر لتوسل باكيا لممرض مداوم من سن أولاده راجيا منه إدخاله لملاقات الطبيب و هو يعاني من ألام حادة لا يعلمها إلا الله ، أليس هذا الرجل مواطنا مغربي ؟ ألم يقدم والدي أي خدمة لهذا الوطن تشفع له للحصول على عناية تليق به و بشيبته ؟ أم أن كرامة المواطن المغربي لم يعد لها موطئ قدم عند هؤلاء الذين لا أعلم أهم ملائكة رحمة أم عذاب ؟؟؟؟

إن حادثة مثل هاته التي عاشها والدي يمكن أن تحدث لكل واحد منكم أو لأبائكم من “أولاد الشعب” فقط لأن تغطيته الصحية لا تسمح له أن يلج مستشفى خاص من الطراز الرفيع ناهيك عن هؤلاء الذين لا يملكونها أصلا ، لذلك أدعوا الجميع للوقوف لحظة صمت و حدادا مع قراءت سورة الفاتحة ترحما على واقع صحي لم يعد موجودا إلا في مخيلة صناعي القرار الذين لا يعرفون للمستشفى العمومي عنوان ، فهم إذا ما أرادوا الإستشفاء فما عليهم سوى ركوب الطائرة نحو بلاد العجم على نفقة الدولة أم المواطن المغربي البسيط فما عليه سوى إنتظار الموت الذي ربما يحل و هو في انتظار رأيت طبيب قد يأتي و قد لا يأتي .