مجتمع

أئمة أنزلتهم وزارة التوفيق من المنبر في 2016 لهذه الأسباب

لا يمكن ذكر الحقل الديني بالمغرب في سنة 2016 التي نعيش اليوم آخر أيامها، دون تذكر لحظات اهتز لها المجتمع أو بعضه، بسبب قرارات للوزارة الوصية على الأوقاف والشؤون الإسلامية في حق أئمة وخطباء جمعة، لعل أبرزها السابقة في تاريخ المغرب على الأقل منذ استقلاله، لما عمد مواطنون إلى الاحتجاج داخل مسجد يوسف بن تاشفين، وتعطيل أداء صلاة الجمعة تعبيرا عن رفضهم لعزل محمد أبياط الذي خطب فيهم منذ 27 سنة.

وفي الوقت الذي اختلفت فيه الأسباب التي دفعت وزارة أحمد التوفيق لإصدار قرارات العزل والتوقيف في حق الأئمة والخطاب، توحدت العلة التي تعلنها الوزارة بكون الخطيب المعزول خالف “دليل الإمام والخطيب والواعظ”، والذي أعدته رفقة عدد من العلماء، وصادق عليه المجلس العلمي الأعلى.

محمد أبياط.. “حرائق إسرائيل” و”الإذن من موازين”

“عباد الله.. إذا بقي أهل الحق ساكتين متنازعين مختلفين متخاذلين، فسيأتي يوم يضطر خطباء الجمعة والأعياد إلى أخذ الإذن والرخصة من موازين ومن الموسيقى الروحية.. وسيأتي وقت لن نستطيع صعود المنبر حتى يعطونا هم الإذن، ومن معامل الخمور، ومن الأبناك الربوية، ومن الجمعيات الإلحادية، ومن المكتب السياسي اليهودي، ومن القنصليات ومن السفارات الأمريكية وغيرها…”.

كلمات عرفت انتشارا قويا وتفاعلا لافتا من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صدح الأستاذ الجامعي وخطيب مسجد يوسف بن تاشفين بفاس محمد أبياط، فأبكته وبكى معه جموع المصلين، لم تكن كفيلة لإصدار قرار في حقه أو استفساره في حينه، حتى تفاجأ الناس بقرار عزل الإمام الذي خطب فيهم منذ 1989، وذاع صيته في العاصمة العلمية وجامعتها، دون أن يعرف هو أو جمهوره سبب إنزاله من المنبر رغم عضويته بالمجلس العلمي المحلي.

آخر جمعة صعد فيها أبياط المنبر بداية شهر دجنبر المشرف على الانتهاء بعد سويعات، تحدث فيها عن الحرائق التي هزت الكيان الصهيوني، والتي اعتبر أنها “عقاب من الله على محاولته منع الآذان بالقدس”.

توقيف أبياط كان صادما لمحبيه الذين صدموا الشارع المغربي بتفاعلهم غير المتوقع وغير المسبوق، حيث عمدوا إلى الاحتجاج ورفع الشعارات داخل المسجد، ورفض أداء صلاة الجمعة مع الخطيب الجديد، ولسان حالهم يقول “كل قرار في وزارة التوفيق، يجد صداه في مسجد بن تاشفين”.

من جهته، أكد أبياط أنه لم يحرض الناس على الاحتجاج ومقاطعة صلاة الجمعة، وشدد أنه تولى مهمة الخطابة في المسجد المذكور منذ سنة 1989 ولم تحدُث أي تظاهرة أو ضجة منذ ذلك الوقت، حتى وقعت بسبب توقيفه، كما اعتبر في بيان حصلت جريدة “العمق” على نسخة منه، أن “الجمهور الحي يُعبّر عن مواقفه ومشاعره بما يراه مؤثرا، وبأسلوب حضاري، ولا سلطة لي على أحد”، مضيفا “اتصل بي أناس يستفسرون عن سبب توقيفي، فأحلتهم على الوزارة المعنية. واتهمني البعض بتعطيل صلاة الجمعة فوكلت أمري إلى الله. وعبر البعض عن أسفه من أجلي، فقلت له: لا يجدي أسفك من أجل فرد عابر في هذه الدنيا، ولكن تأسّف واحزن على الأمة وثوابتها”.

الخامسي.. ولاية مراكش “تغضب” لموازين

قبل مسجد يوسف بن تاشفين، استنفر خطيب جمعة مسجد النهضة بمدينة يوسف بن تاشفين، عبد المنعم الخامسي، مسؤولي ولاية الجهة بسبب حديثه عن مهرجان موازين، والذين عمدوا إلى الاتصال بمندوب وزارة الأوقاف بالمدينة عمر الضريس على الفور، وإبلاغه بخبر خطيب تحدث في “المحظور”، رغم نهجه أسلوب التلميح والابتعاد عن التصريح في ذكر مهرجان “مغرب الثقافات”.

جريدة “العمق” التي كانت سباقة ومنفردة بنشر خبر العزل حين صدوره، أفادت مصادرها بأن مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كان منشغلا بحفل قرآني بمسجد الأميرة لالة لطيفة على مسافة قريبة من مسجد النهضة، قبل أن يتلقى اتصالا عاجلا من ولاية جهة مراكش آسفي، مباشرة بعد انتهاء خطبة الجمعة التي تحدث الخطيب عبد المنعم الخامسي في إحدى فقراتها عن ضرورة مقاطعة المهرجانات استعدادا لاستقبال شهر رمضان، ولمح لمهرجان موازين الذي كان صادف افتتاحه يوم الخطبة.

وأصدرت وزارة أحمد التوفيق قرارها بتوقيف الخطيب المذكور، بعد أن استفسرته كتابيا وحصلت على جوابه، ثم بعد أن عقدت جلسة استماع للإمام حضرها مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمراكش ومسؤولين آخرين، أوضح فيها الخامسي حيثيات كلامه عن “موازين” خلال الخطبة التي كان موضوعها “كيف نستعد لرمضان؟”.

عبد المنعم الخامسي الذي اشتغل خطيبا بمدينة مراكش منذ أكثر من 12 سنة، دأب على الحديث عن المهرجان المذكور كل سنة في خطبه، لم يتوصل من قبل بأي تنبيه أو اتصال بخصوص الموضوع.

المدغري.. زلزال الريف “يطيحه” من المنبر في سلا

لم يكن خطيب مسجد حمزة بن عبد المطلب بمدينة سلا يحيى المدغري، يدري أن تحذيره من ارتكاب المعاصي قد يجلب على القوم المصائب والكوارث الطبيعية، تزامنا مع الهزات الأرضية التي عاشتها مناطق بالريف وشمال المغرب أوائل سنة 2016، ستجعل “جيوشا” إعلامية تزلزل المنبر من تحت قدمه إلى أن “يُسقط” منه.

قصة توقيف المدغري تعود إلى شهر فبراير من السنة المشرفة على الانتهاء، لما تفاعل مع الهزات الأرضية المذكورة، وشدد في خطبة الجمعة على أن “الذنوب سبب في استجلاب عقاب الله والكوارث الطبيعية”، واستشهد في كلامه على “انتشار تجارة المخدرات” بالريف.

خطبة المدغري جرت عليه انتقادات واسعة وهجومات إعلامية متعددة، انتهت بإصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قرارا بتوقيفه عن الخطابة دون التوضيح عما إذا كان القرار نهائيا أم مؤقتا، غير أنه مازال ساريا إلى حدود اليوم، كما لم يشفع له التوضيح الذي أدلى به ونشره على قناته في موقع يوتيوب، ولا خطبه السابقة عن شهامة أبناء الريف وعن دورهم في الدفاع عن استقلال البلد.

المدغري الذي جر توقيفه سجالا قويا في بين مختلف الأيديولوجيات على المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، وانخرط فيه عدد من الرموز العلمية والدينية بالمغرب، اختار الابتعاد عن التصعيد وصب الزيت في النار، بإقدامه على الاعتذار لأهل الريف عما ضرهم من كلامه، ومغادرة البلد لأداء مناسك العمرة، مما جعل القضية تهدأ في غضون الأسابيع القليلة التي أمضاها بالديار المقدسة.

لمرابط.. “غلاء الأسعار” و”كرامة الأجداد”

تقارير توصلت بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في حق خطيب مسجد التوبة بمدينة تازة محماد المرابط، دفعت إلى استفساره في دعوته الحكومة خلال ثاني جمعة من السنة المشرفة على الانتهاء، إلى “أن تتقي الله عز وجل في هذا الشعب، لقد ارهقته بالزيادات التي أوهنت كاهله كالزيادة في النقل والدقيق والسكر والشاي والماء والكهرباء وغير ذلك”.

وشددت التقارير التي اعتمدتها الوزارة الوصية على القطاع الديني وشؤون الأئمة والخطباء، حسب الاستفسار التي توصل به الخطيب وتداولته وسائل الإعلام، على أن لمرابط تعرض “بالنقذ اللاذع للمشروع الذي صادقت عليه الحكومة بتاريخ 7 يناير 2016 المتعلق برفع سن التقاعد”.

ورأت الوزارة بأن التطرق لمثل هذه المواضيع داخل المسجد، “زج بخطبة الجمعة في حساسيات ضيقة، وأنها ليس من اختصاصات الخطيب الخوض فيها”.

رد محماد لمرابط على استفسار مندوبية الأوقاف، والذي اختار تعميمه على المنابر المحلية، أكد أنه لم يتحدث عن الزيادة في النقل والدقيق والسكر والشاي، خلال الخطبة التي تطرق فيها لموضوع تضحيات الوطنيين المطالبين بالاستقلال، لأنه حسب تعبيره “غير متخصص في مبيعات المواد الغذائية، وأن هذا الأمر لا يتناوله إلا من فقد وعيه، بل تحدث عن الكرامة التي ينشدها كل مواطن مغربي دافع  أجداده عنها أيام الحماية الفرنسية”، فأشار إلى “العيش الكريم الذي يطلبه كل مواطن أيا كان، والذي يدخل ضمنه التخفيف عنه من عبء فاتورات الكهرباء والماء التي يعاني منها كل المغاربة، وبدون استثناء”.

المودن.. وزير الثقافة لم يعجبه حديث “جهاد صفية”

استشهاد خطيب مسجد مولينا بالعاصمة الرباط عبد الله المودن في خضم كلامه عن تربية الأبناء، بحديث قصة صفية عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، أدى إلى غضب محمد الصبيحي وزير الثقافة الذي اعتاد الصلاة بالمسجد المذكور لقربه من مقر وزارته، ورآه تسويغا وإشادة بالفكر المتطرف.

وحسب مصادر متطابقة، فقد تضمنت خطبة رابع جمعة من سنة 2016 بالمسجد المذكور، قصة صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق، “لما تسلل أحد اليهود الذين نقضوا العهد وهموا بغدر مسلمي المدينة إلى الحصن الذي كانت تحتمي به النساء والأطفاء، فقامت صفية رضي الله عنها بحزِّ رأسه بسكين ثم ألقت به من أعلى الحصن فتدحرج حتى استقر بين أيدي يهود كانوا أسفل الحصن يهمون بالاعتداء على من بداخله، ، فلما رأى اليهود رأس صاحبهم؛ قالوا: «قد علمنا أن محمداً لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حماة»، فولوا مدبرين”.

وحسب ما تناقلته منابر متطابقة، غاب الخطيب عبد الله المودن عن المنبر في الجمعة الموالية، معتبرة أن “سخط” الصبيحي على الاستشهاد الذي اختاره الخطيب، دفع القائمين على وزارة زميله في الحكومة أحمد التوفيق إلى إصدار قرار عزله.

الدكاكي.. تمرد على خطبة الموحدة وانتقد الصوفية

فؤاد الدكاكي، خطيب مسجد ابي بكر ببوعنان في تطوان، وأستاذ لمادة التربية الإسلامية بالتعليم الثانوي التأهيلي، ودع المنبر مطلع شهر أبريل بسبب “تمرده” على الوزارة والوصية وقراراتها، وكذا بسبب ما تم اعتباره مخالفة لثوابت البلد ودليل الإمام والخطيب والواعظ.

الدكاكي الصادر بحقه قرار العزل في 8 أبريل، عللت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قرارها بعزله إلى كونه امتنع عن إلقاء الخطبة الموحدة  ليوم الجمعة 2 فبراير2016.

وأضافت رسالة العزل التي توصل بها الدكاكي، أن القرار يرجع كذلك إلى إقدامه على انتقاد الثوابت الدينية ببلادنا كالعقيدة الاشعرية والتصوف و أهله  وقراءة الحزب، في خطبة يومي الجمعة 12 و 19 فبراير 2016.

ياسين.. عزل يفجر انتفاضة أئمة ضد “الحكرة”

فجر قرار عزل خطيب وإمام مسجد دوار “واكليم” بتنغير، الشهر المشرف على الانتهاء، بسبب تقارير المجلس العلمي المحلي ومرشد الأئمة ومتفقد المساجد، غضب مجموعة من الأئمة والخطباء المنضوين تحت لواء “رابطة أسرة المساجد بالمغرب”، والتي لا تعترف بها الوزارة، وسبق أن وقع ياسين التزاما قبل سنتين بالاستقالة منها.

وحسب قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي حصلت جريدة “العمق” على نسخة منه، يرجع سبب الإعفاء إلى تقرير لرئيس المجلس العلمي المحلي بتنغير يؤكد من خلاله على “إصرار المعني بالأمر على ترك قراءة الحزب الراتب والخروج من الصلاة بتسليمين، والأذان مرة واحدة يوم الجمعة، وترك القنوت في صلاة الصبح والدعاء عقب الصلوات، بالإضافة إلى تبخيسه قيمة كل ما ورد بكتاب دليل الإمام والخطيب والواعظ الذي صادق عليه المجلس العلمي الأعلى”.

من جهته، هاجم ياسين وزارة التوفيق والمجلس العلمي المحلي، في تصريح لجريدة “العمق”، وقال إن قرار وزير الأوقاف بالنسبة له أمر عادي مقارنة مع الخروقات القانونية التي تتعامل بها وزارة الأوقاف مع منتسبيها بشكل عام، “خصوصا وقد تم مؤخرا توقيف العديد من العلماء والدعاة المخلصين بشكل عشوائي، وآخر من طالته أيادي الظلم والفساد سيدي وأستاذي وشيخي المبجل فضيلة الدكتور محمد أبياط بفاس” على حد تعبيره.

بدروها، لم تقف “رابطة أسرة المساجد بالمغرب” مكتوفة الأيدي، حيث عمدت إلى تنظيم وقفة احتجاجية صامتة أمام مقر مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتنغير، شارك فيها أزيد من 60 إماما، رافعين لافتتات تستنكر توقيف الإمام والخطيب لحسن ياسين، وتندد بالطريقة “الاستفزازية” التي يتعامل بها مندوب الأوقاف بتنغير مع أسرة المساجد، وبـ “التواطؤ” مع رئيس المجلس العلمي المحليّ، وكذا “التوقيفات العشوائية التي تنهجها الوزارة في حق أسرة المساجد”، على حد اعتبارهم.

وطالب أئمة تنغير في البيان الختامي للوقفة الاحتجاجية والذي توصل “العمق” بنسخة منه، بالتراجع عن القرار التعسفي الصادر في حق الإمام والخطيب لحسن ياسين لمجرد مطالبته بأبسط الحقوق في الزيارة الأولى للمندوب، مطالبين بـ “عدم تكرار مثل هذه السلوكيات العشوائية كلما طلبنا ببعض حقوقنا المهضومة “، على حد تعبير البيان.

العلمي.. سبب مجهول والمعزول متفاجئ

قصة عزل خطيب مسجد عبد الله الفخار بمدينة تطوان إدريس العلمي، مختلفة عن سابقاتها، حيث مازال إلى غاية نهاية السنة لم يعرف سبب القرار الذي اتخذته وزارة التوفيق في حقه يوم 20 يوليوز 2016، فيما بدا الخطيب الموقوف مستغربا من عدم ذكر سبب توقيفه كما جرت به مسطرة الوزارة في قرارات العزل.

وأشار العلمي الذي خطب في التطوانيين منذ 17 سنة، في تصريح لجريدة “العمق” نشرته حينها، إلى أن الوزارة لم توجه له أي استفسار طيبة تكليفه خطيبا بمسجد عبد الله الفخار منذ أزيد من 10 سنوات.

ولم يذكر وزير الأوقاف أي سبب لتبرير قراره حسب مراسلة القرار، اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منها، مكتفيا بأن هذا القرار تم بناء على الظهير الشريف رقم 1.14.104 في شأن مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم، والظهير الشريف رقم 1.16.38 في شأن اختصاصات وتنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

إدريس العلمي، أكد في تصريحه لجريدة “العمق”، أنه لم يخالف قواعد الخطابة أو شيئا من ثوابت البلد أو ما جرى به العمل، “ولم يصدر مني في ذلك شيء يذكر، حتى يقال: فلان فعل ما يستحق عليه أن يحال بينه وبين دعوة الناس إلى ربهم وتعليمهم، لأني بحمد الله أعي معنى أن أكون خطيبا على منبر أنوب فيه عن ولي الأمر، ولست حديث عهد بالخطابة، ولا دعيا لصيقا بهذه المهمة، وذلك الفضل من الله”، على حد قوله.

وكشفت مصادر “العمق”، أنه سبق لوزارة الأوقاف، أن رفضت السماح للخطيب العلمي باجتياز مباريات أساتذة التعليم العالي رغم حصوله على شهادة الدكتوراه، مشيرة إلى أنه يعمل موظفا في وزارة الأوقاف بعمالة المضيق.

عريضة.. كفى من “الشطط والخضوع للإملاءات”

تفاعلا مع توالي قرارات توقيف الخطباء والوعاظ، أطلق نشطاء مغاربة عريضة على موقع العرائض الدولي “أفاز”، تطالب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالتراجع عن التوقيفات التي تطال بعض الخطباء والأئمة، متهمينه بـ”الشطط في استعمال السلطة والخضوع لإملاءات وابتزازات من لا يؤمنون بالملكية ولا المالكية”.

ودعت العريضة إلى “احترام هامش معقول من الحرية يجب أن يتمتع به الخطباء والوعاظ بعيدا عن أسلوبي الترهيب والتهديد بقطع الأرزاق، حتى لا يصبح التوقيف سوطا مسلطا على رؤوسهم يمنعهم من القيام بواجب التأطير المنوط بهم سعيا لتوفير الأمن الديني للبلاد”.

وطالبت وزارة الأوقاف بـ”احترام المساطر الإدارية المعتادة لمحاسبة أي خلل أو خطا باستدعاء المعني بالأمر والاستماع إلى حججه والتحقق من الكلام المنسوب إليه بواسطة التسجيلات أو الثقات من الحاضرين وتحكيم المجالس العلمية في مدى صوابية أقواله، والتدرج في تنبيهه وإنذاره إذا ثبتت تجاوزاته”.

العريضة الاحتجاجية أتت أياما بعد توقيف وزير الأوقاف، الخطيب إدريس العلمي عن مهمة الخطابة بمسجد عبد الله الفخار بمدينة تطوان شهر يوليوز الماضي، داعيا المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بتطوان إلى تنفيذ هذا القرار، فيما خرجت دعوات من طرف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، للاحتجاج على قرار الوزارة والتنديد بـ”حملة توقيف الخطباء”.

وندد نشطاء في العريضة المذكورة، إقدام الوزارة على “توقيف العديد من الخطباء والوعاظ المشهود لهم بالعلم والورع والتقوى والذين يتمتعون بالقبول بين الناس ويتميزون باتباع نهج الوسطية والاعتدال والالتزام بوحدة المذهب المالكي، وذلك إما بسبب إبداء آرائهم حول بعض المنكرات المنتشرة أو بسبب مبررات واهية أو شكايات كيدية من منابر إعلامية مغرضة وجهات حاقدة يسوؤها الإقدام الكبير للمغاربة على التدين، بحيث لا يتم التحقق من صدق الادعاءات، وأحيانا يتم التوقيف بدون أي تبرير ولا استفسار ولا حتى استماع للخطيب المعني بالأمر”.

وأشارت العريضة إلى أن “من هؤلاء الخطباء والوعاظ الموقوفون الذين حرم جمهور رواد المساجد من غزارة علمهم ومنع الشباب خصوصا من تأطيرهم للصحوة وترشيدها والنأي بها عن الغلو والتنطع والتطرف من جهة، ومن الابتذال والتمييع والتسطيح والتبعيض لتعاليم الدين”.

وحمل النشطاء الوزارة الوصية، المسؤولية الكاملة عن “مآلات هذه التوقيفات التعسفية اللامسؤولة وما قد يتسبب عنها من إذكاء نفس الاحتقان وحالة التوتر والإحباط لدى الشباب خصوصا، مما يفضي إلى جنوحهم إلى بدائل غير آمنة في المواقع الالكترونية تغذي التطرف والغلو والنزوع إلى العنف والفكر الجهادي المنحرف”.