وجهة نظر

نحو أفق جديد للمناصفة وفق رهان 2035

تمثــل المســاواة بيــن الجنســين والمشــاركة المجتمــعية للنساء من المؤشرات الدالة على التنمية والتي يسعى المنتظم الدولي إلى تحقيق مؤشرات عالية للنجاعة في تنزيلها وفق الأجندة الدولية لاهداف التنمية المستدامة. ويمثـل تعزيزهـا أحـد الرهانـات الكبـرى للمغـرب الحديـث من خلال السعي إلى تقليص الفـوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الرجال والنساء على حد السواء.

لقد عمل المغرب على إقرار مبدأ المساواة في الوثيقة الدستورية وجعل المناصفة آلية تمكن من تنزيلها بصورة تدريجية، من خلال الوفاء بالتزاماته الدولية لاسيما اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة.

وبما أن المناسبة شرط فإن حلول ذكرى تخليد اليوم الوطني للمرأة الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة يجعل السؤال مشروعا أكثر من ذي قبل، تحت طائلة بعده التقييمي خصوصا أن المغرب دخل مرحلة سياسية جديدة بتعيين جلالة الملك حفظه الله للحكومة الجديدة، التي هي بصدد إعداد برنامجها الحكومي.

فهل يمكن بناء مجتمع ديمقراطي حداثي دون مساهمة النساء في وضع كل السياسات العمومية ودون أن تكون لهن نفس الحقوق ونفس الواجبات ودون احترام كرامتهن الإنسانية وضمان حقهن في المواطنة الكاملة، ودون أن تكون لهن نفس الحظوظ في الوصول إلى كل مواقع القرار؟

هذا السؤال أيضا هو مطروح بإلحاح على الحركة النسائية التي يتعين عليها أن تغير أدوارها من خلال المرافعة المتكيفة مع رهانات المرحلة، بخطاب جديد يستوعب التحولات المجتمعية وبالعمل على بروز وتأهيل نخب نسائية تمتلك آليات الترافع البناء في إطار التكتل والتنسيق والتعاون لتشكل جماعات للضغط بقوتها الاقتراحية القادرة على التأثير في صناعة القرار العمومي المرحلي الذي سيسير في إطار تنزيل جيد لمضامين النموذج التنموي الجديد.

لقد تضمن التقرير العام الذي صدر عن لجنة اعداد النمـوذج التنمـوي الجديـد التنصيص على ضرورة توسـيع مشاركة  النسـاء في كل المجـالات الاقتصادية والسياسـية والاجتماعيـة.

ومـن شـأن هـذا الإدماج المرتكـز علـى تطويـر القـدرات والولـوج المتكافـئ للفرص

وتعزيـز الحقـوق أن يجعـل النسـاء أكثـر اسـتقلالية وأكثـر اسـتعدادا لمواجهـة ظـروف الحيـاة لدعـم دورهـن داخــل الأســرة والمجتمــع ، وفــي هــذا الســياق، تــم رصــد ثــلاث رافعــات أساســية مــن شــأنها توســيع هــذه المشـاركة وهـذه الاستقلالية.

الآليات القانونية والتشريعية / الآليات المؤسساتية والدستورية / آليات الإنتاج المعرفي والبناء القيمي وجميعها ستعمل بدرجة أولى على:

رفـع الإكراهـات الاجتماعية التـي تحـد مـن مشـاركة النسـاء، لا سـيما مـن خـلال: تطويـر الخدمـات والبنيـات التحتيـة التـي تمكنهـن مـن المشـاركة الشاملة.
إجــراءات قويــة مــن أجــل التســاوي فــي الأجـور والإنصـاف فـي الولـوج إلـى فـرص الشـغل) أهـداف للمناصفـة فـي القطـاع العمومـي، محاصصـة فـي عضويـة المجالـس الإدارية للمقـاولات والتنظيمـات النقابيـة، تحفيـزات ضريبيـة لفائـدة المشـغلين المحترميـن لمبـدأ المناصفـة.

دعـم آليـات التربيـة والتكويـن واإلدمـاج والمواكبـة والتمويـل المخصصة للنسـاء. فـي هـذا الإطار، لذلك اقترحت اللجنـة الميكانيزمات التالية لبلوغ هذه الأهداف:

دعـم مكثـف لمجهـودات محاربـة الأميـة والهـدر المدرسـي للبنـات فـي التعليـم الإعـدادي والثانـوي، ممـا يسـتدعي تحسـين الولـوج للعـرض التعليمـي فـي شـروط تمكـن الفتيـات مـن مواصلـة الدراسـة مثـلا عـن طريـق الداخليـات (بالخصـوص فـي العالـم القـروي وفـي المـدن الصغـرى، وتعزيـز قنـوات التكويـن والتوجيـه والإدمـاج علـى مدى الحيـاة برامج التصديـق على المكتسـبات المعرفية،

حمايـة الحقـوق المرتبطـة بالرأسـمال والعقـار، لا سـيما بمواصلـة مبـادرات تمليـك أراضـي الجمـوع لفائـدة النسـاء القرويـات تطبيقـا للقانـون رقـم 17.62

إنعــاش المقاولــة النســائية مــن خـلال تحسـين الولـوج للتمويـل والدعـم العمومـي المخصـص للمقـاولات والتعاونيـات المسـيرة مـن طـرف نسـاء، وضمـان حمايـة اجتماعيـة أكبـر للنسـاء فـي إطـار المقـاوالت الذاتيـة.

النهـوض بقيـم المسـاواة والمناصفـة وتنميتهـا وعـدم التسـامح كليـا مـع كافـة أشـكال العنـف والتمييــز إزاء المــرأة. ويتطلــب هــذا الأمــر مــا يلــي

أنشــطة تحسيســية منــذ ســن مبكــرة (كتــب مدرســية، نمــاذج للإقتــداءعلــى المشــاركة فــي الحيــاة الاجتماعية والاقتصاديــة والسياســية وفــق قيــم المناصفــة والمســاواة،

دعــم “هيئــة المناصفــة ومكافحــة كل أشــكال التمييــز” فــي ممارســة مهــام تعزيــز المناصفــة ومحاربــة التمييـز،

إصلاح مدونـة القانـون الجنائـي وتعديـل القانـون رقـم 13.103 المتعلـق بمحاربـة العنـف ضـد النسـاء ليشـمل كل أنـواع العنـف والتحـرش، بمـا فـي ذلـك داخـل الفضـاءات الخاصة ولتبسيط المسـطرة المرتبطــة بالتبليــغ والتحقيــق فــي حــالات العنــف ضــد النســاء المرتبطــة بالتبليــغ والتحقيــق فــي حــالات العنــف ضــد النســاء

دعــم التكفــل بالنســاء ضحايــا العنــف بواســطة تنســيق أكثــر فعاليــة بيــن الفاعليــن المعنييــن،

تدابيــر تضمــن مســتوى عاليــا مــن حمايــة النسـاء فـي الفضـاءات وفـي وسـائل النقـل العمومية إضافـة إلـى توسـيع مشـاركة النسـاء

ومهما يكن من أمر، فإن ضمان المساواة هو قبل كل شيء رهان يروم تحقيق التنمية. وتقييد النساء في أعداد مخفضة يعيق وصولهن إلى مواقع صنع القرار لذلك، حدد النموذج التنموي الجديد هدفا مهما يتمثل أساسا في زيادة نسبة مشاركة المرأة من 22 في المائة حاليا إلى 45 في المائة بهذه المراكز في  أفق 2035، وبما أننا نعيش زمن التعايش مع جائحة كوفيد 19 وبدرجة أولى مواجهة تداعياتها التي تضررت منها النساء بشكل كبير مفهوم جديد يطرح نفسه على ساحة النقاش العام حول قضايا المساواة هو: النوع الاجتماعي الآمن ” فهل ياترى سيكون على أجندة أولويات المدبر العمومي اليوم؟

* خبيرة في قضايا النوع الاجتماعي والمساواة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *