مجتمع

موسم دفء يتسلل للعلاقات بين المغرب وموريتانيا

قال رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، إن “العلاقات الموريتانية المغربية ترتكز على أسس من الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التعاون المثمر وحسن الجوار البناء، والتصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الاستقلال لا تتماشى مع ثوابت الدبلوماسية المغربية، ولا تعبر إلا عن رأيه”.

تلك تصريحات أدلى بها بنكيران بعد خروجه من لقاء مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أمس الأربعاء، في مدينة زويرات بأقصى الشمال الموريتاني، على بعد كيلومترات من الأراضي المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو منذ أكثر من أربعين سنة.

زيارة بنكيران تأتي في سياق سعي مغربي لتطويق أزمة فجرتها تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، اعتبر فيها موريتانيا جزءا من المغرب، مما سبب موجة استهجان واسعة من الأحزاب السياسية الموريتانية في الموالاة والمعارضة والتي نددت بالتصريحات وطالبت باعتذار رسمي عنها.

وقد بدا الموقف الحكومي المغربي هو الآخر رافضا لتصريحات شباط، حيث اعتبرها بيان للخارجية خطيرة وغير مسؤولة و”تنم عن جهل عميق بتوجهات الدبلوماسية المغربية” وهي نفس المضامين التي عبر عنها ملك المغرب محمد السادس في اتصال هاتفي بالرئيس الموريتاني أمس، وقد نشرت الوكالتان الرسميتان فحواه.

ورغم أن بنكيران -بعد استقبال الرئيس الموريتاني له- كان حريصا على تشديد نأي المغرب الرسمي بنفسه عن موقف شباط، فإنه لم يحصر نفسه في هذا الملف، بل تجاوزه إلى التأكيد على حرص البلدين على تطوير علاقاتهما.

أزمة صامتة

وربما كان هذا المنحى في زيارة بنكيران مطلوبا، فقد عرفت علاقات البلدين أزمة صامتة منذ 2012 حيث امتنعت موريتانيا عن تعيين سفير جديد لها في الرباط منذ ذلك التاريخ، ورفض المغرب تغيير سفيره في نواكشوط رغم طلب موريتانيا منه ذلك أكثر من مرة.

وخلال السنوات الأخيرة بدت مواقف نواكشوط الأفريقية أقرب إلى الجزائر، واتهمت الرباط نواكشوط بالانحياز لجبهة البوليساريو.

وفي المقابل، اتخذت الرباط مواقف اعتبرتها نواكشوط غير ودية، فقد احتضن المغرب شخصيات موريتانية معارضة، من أبرزها رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، كما ظل الإعلام المغربي الخاص يهاجم الحكومة الموريتانية، قبل أن تنتقل العدوى إلى الإعلام العمومي في الأسابيع الأخيرة.

ورغم أن تصريحات بنكيران بشأن تطوير علاقات البلدين كانت عامة ولم تدخل في التفاصيل، فإن محللين سياسيين يرون أن المغرب سعى من خلال هذا التحرك لتجاوز حالة الفتور في علاقاته مع موريتانيا، معتبرين أن بقاء الوزير المنتدب بالشؤون الخارجية المغربي ناصر أبو ريطة في موريتانيا يؤكد حرصه على تجاوز النقاط التي أزمت علاقات البلدين.

تجاوز الفتور

ويقول الكاتب الصحفي الموريتاني سيد أحمد ولد بابا إن “الزيارة قد تذيب بعض الجليد في العلاقات الموريتانية المغربية”.

ويضيف ولد بابا في حديث لـ الجزيرة نت أن “بنكيران وإن لم يوضح أهم الملفات التي ناقشها مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلا أن حصول اللقاء في هذا الوقت بالذات وبهذه السرعة، وبقاء الوزير المغربي المنتدب بالخارجية يعني أن العلاقات الموريتانية المغربية تشهد مستوى من الحلحلة على المستوى الدبلوماسي، وإن كان لا يزال يشوبها التعقيد على مستوى الأمن والحدود”.

ويرى بعض المحللين السياسيين أن سعي المغرب إلى تجاوز حالة الفتور في علاقاته بموريتانيا يندرج في سياق مراجعاته لسياساته الأفريقية، ومحاولة العودة إلى الاتحاد الأفريقي، وفق ما يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة نواكشوط محمدو ولد محمد المختار.

ويقول ولد محمد المختار في حديث للجزيرة نت إن “الدبلوماسية الموريتانية نشطت في السنوات الأخيرة وبدت مؤثرة وحاضرة بقوة خاصة في دوائر صنع القرار الأفريقي، ومن المنطقي أن يسعى المغرب للاستفادة من ذلك، إن لم يكن بدعم موريتانيا مواقفه في القارة، فعلى الأقل بتجنب الصدام معها”.

المصدر: الجزيرة