منتدى العمق

الذكرى الأولى لوفاة مؤسس الحركة السياسية الأمازيغية أحمد الدغرني

مقدمة لا بد منها

لقد انطلق العمل الثقافي الامازيغي ببلادنا منذ اواخر ستينات القرن الماضي من مبررات لا نهاية لها من قبيل تهميش الامازيغية بشموليتها من طرف السلطة العليا بعد الاستقلال و من قبيل تهميش المناطق المحافظة على امازيغيتها على مختلف الاصعدة و المستويات تحقيقا لمقولة المغرب النافع و المغرب الغير نافع و من قبيل اقبار الاسلام الامازيغي رسميا على اقل او البعد الديني الضخم لدى الامازيغيين كما كنت اسميه في وقت من الاوقات .

لقد انطلق العمل السياسي الامازيغي في سنة 2005 من نفس هذه المبررات تقريبا مع تحقيق بعض المكاسب الرمزية وقتها في اطار سياسة الدولة الجديدة تجاه الامازيغية كشان ثقافي لغوي لا اقل و لا اكثر حيث ان المرحوم الاستاذ احمد الدغرني يعتبر المؤسس الاول للحركة السياسية الامازيغية في عهد الملك محمد السادس باعتباره اصدر كتابه تحت عنوان البديل الامازيغي الذي شكل أطروحة سياسية امازيغية تجاوزت الطابع الثقافي للقضية الامازيغية انذاك
و كذا ايديولوجيات العمل السياسي بالمغرب من احزاب سياسية و نقابات الخ حيث تطرقت هذه الاطروحة السياسية الامازيغية اذا جاز التعبير الى مواضيع عديدة من قبيل السياسية و الشان الديني و حقوق المراة الخ من هذه المواضيع وفق المرجعية الامازيغية الاصيلة كما ساسميها الان لان اغلب المغاربة اعتقدوا ان هذه المرجعية هي عرقية او الحادية الخ من هذه الافكار الجاهزة مع العلم عندنا في المغرب حزب يرجع جذوره الايديولوجية الى الشيوعية بصريح العبارة الا و هو حزب التقدم و الاشتراكية و كان يسمى عند التاسيس بالحزب الشيوعي المغربي سنة 1943 او بعدها …

ان المرجعية الامازيغية الاصيلة تشمل تاريخنا المغربي الطويل و الممتد ل 33 قرنا أي قبل الاسلام و بعده في عز حضارتنا الامازيغية الاسلامية كما اسميها شخصيا و كما ان المرحوم احمد الدغرني هي سليل اسرة علمية ينتهي نسبها الى الوالي الصالح سيدي حماد اوموسى كما قال احد الباحثين في برنامج خاص حول هذا المناضل الكبير بثته القناة الامازيغية في مساء يوم 18 اكتوبر الماضي من اعداد الاستاذ عبد الله بوشطارت باحترافية عالية…

الى صلب الموضوع

ساختصر في محطات مسار هذا المناضل بقدر الامكان حيث ولد سنة 1947 باحدى قرى منطقة ايت باعمران حيث كان والده فقيها و قاضيا و تعلم على يده القران الكريم و حفظه ثلاث مرات كما قال الاستاذ احمد الخنبوبي ثم انتقل الى المعهد الاسلامي بمدينة تارودانت و بمدينة تيزنيت في اواخر الخمسينات حتى حصل على الشهادة الابتدائية ثم انتقل الى مراكش لاستكمال مساره الدراسي

هناك حتى حصل على شهادة الباكورية سنة 1967 ثم انتقل الى مدينة الرباط للدراسة الجامعية حتى تخرج و اصبح محامي في اواخر السبعينات و كان انخرط في حزب التقدم و الاشتراكية …

اما على الصعيد الامازيغي فكان المرحوم كان عضو بارز في منظمة تاماينوت الى جانب الاستاذ حسن اد بلقاسم و التي اسست سنة 1978 او سنة 1979 تحت اسم الجمعية الجديدة للثقافة الشعبية ….

و كان رئيس المجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الثقافية الامازيغية سنة 1993 بعد التوقيع على ميثاق اكادير صيف سنة 1991 .

و كان عضو مؤسس للكونغرس العالمي الامازيغي سنة 1995 و اسس جريدة تامزيغت الاسبوعية سنة 1999 اذا كانت ذاكرتي قوية لانني كنت اتعلم القراءة في ذلك السياق الحساس بالنسبة كمعاق لان بعد عام ساعيش مشاكلي العميقة ما اسميه بايديولوجية التخلف القروي اي في مارس 2000 بالتحديد.

و كما اسس الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي سنة 2005 حيث لازلت اتذكر انني شاهدت فيديو على الانترنت حوالي شتاء 2007 حول مؤتمر الحزب الاستثنائي في الشارع العام بمراكش لان المخزن قد فرض حصار فضيع على هذا الحزب باعتباره يدافع عن العرف الامازيغي و عن الحكم الذاتي لجهات المغرب و مخترع مبادرة حركة الحكم الذاتي لسوس التي اسست سنة 2007 .

اعتقد ان هذا الحزب قد ظلمه الجميع بما فيها الحركة الامازيغية دون الدخول في التفاصيل لانني احترم جميع رموز النضال الامازيغي من قبيل الاستاذ عصيد و الاستاذ الحسين ايت باحسين و الاستاذ ارحموش الخ لكن كان هناك تيار عام داخل الحركة الثقافية الامازيغية يرفض تسيس القضية الامازيغية مطلقا لان السلطة بدات تعترف بالثقافة الامازيغية و قامت بتاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الخ من هذه المبررات المشروعة الى حد معين لكن هذا المعهد هو مؤسسة استشارية تعنى بالامازيغية كلغة و كثقافة فقط..

لا احد يجادل هنا في اهمية المعهد الملكي للثقافة الامازيغية في مجالاته المعروفة لكن الحزب السياسي ذو المرجعية الامازيغية يلعب ادوار حاسمة في تحقيق مطالب امازيغي المغرب السياسية و الاقتصادية و التنموية الخ و فتح نقاش عمومي صريح حول الاسلام الامازيغي على سبيل المثال او العلمانية الاصيلة او قضية الارض الخ من هذه القضايا الاستراتيجية ..

الاعتراف الملكي بمؤسس الحركة السياسية الامازيغية

لا احد في الحركة الامازيغية قد توقع ان الملك محمد السادس سيرسل برقية التعزية و المواساة الى اسرة المرحوم احمد الدغرني يشيد بكفاءته المهنية كمحامي و نضاله كحقوقي في مجال حقوق الانسان ببلادنا و يقول الملك محمد السادس في برقيته السامية علمنا ببالغ التاثر وفاة المشمول بعفو الله الاستاذ احمد الدغرني تغمده الله سبحانه و تعالى بواسع رحمته.

و يقول جلالة الملك بهذه المناسبة المحزنة نعرب لكم و من خلالكم الى كافة اهل الفقيد و اقاربه و اصدقاءه و لعائلته الحقوقية الكبيرة عن احر التعازي اصدق مشاعر المواساة في فقدان مناضل حقوقي مشهود له بالكفاءة المهنية و الالتزام بنبل و شرف مهنة المحاماة و قضايا حقوق الانسان و اتكرر قضايا حقوق الانسان اي ان هذه البرقية الملكية تحمل معاني الاعتراف من جلالة الملك بصفته رئيس الدولة و بصفته امير المؤمنين حسب الوثيقة الدستورية الحالية بكون المرحوم كان مناضلا في قضايا حقوق الانسان اي مناضلا في قضايا الحقوق الثقافية و اللغوية و السياسية لامازيغي المغرب منذ ثمانينات القرن الماضي الى وفاته ….

ان هذا الاعتراف الملكي هو شيء جوهري باعتباره اعاد الاعتبار للمرحوم احمد الدغرني الذي عاني من حصار اعلامي فضيع من بعض القنوات التلفزيونية الوطنية كالاولى و الثانية و ميد1 تيفي حيث تصوروا معي ان المرحوم ظل ممنوعا من المرور على هذه القنوات المذكورة طيلة حياته و اول ظهور تلفزيوني له هو ظهوره على قناة الجزيرة في دجنبر 1999 او في يناير 2000 و اول ظهور تلفزيوني له في المغرب هو سنة 2012 في برنامج شؤون امازيغية للاستاذ عصيد على قناة تامزيغت و على الاذاعة الامازيغية في برنامج الاستاذ رشيد بوقسيم سنة 2011 .

انني اعتقد شخصيا ان هذا الاعتراف الملكي سيكون ما بعده على مستقبل تاسيس حزب سياسي بالمرجعية الامازيغية لان من المستحيل ان تحل القضية الامازيغية بشموليتها بدون المدخل السياسي الصريح و بدون تحطيم اساطير الماضي من قبيل اسطورة الظهير البربري و بدون استرجاع اصالتنا الامازيغية الاسلامية اي الاعراف الامازيغية مع التحين و التجديد لكي تناسب مع العصر الذي نعيش فيه باعتبارنا لسنا نقدس الماضي بشكل مطلق كما هو الحال بالنسبة للسلفيين الحقيقيين.

و بدون تاسييس نظام فدرالي حقيقي يشمل كل جهات المغرب .

ان هذا الاعتراف الملكي يشبه الى حد كبير مع رسالة الراحل محمد الخامس الى مساجد المغرب بعد صدور ظهير 16 ماي 1930 حول شرعية العرف الامازيغي التاريخية و الدينية لكن انذاك كان الامازيغيين لا يتوفرون على وعي سياسي قوي و لهذا السبب فقط استطاعت نخبة اهل فاس السيطرة على المناصب العليا ببلادنا بعد الاستقلال و فرض تصوراتها المشرقية ..

و علينا كحركة امازيغية استغلال ايجابيا هذا الاعتراف الملكي السامي لصالح بناء حزب قوي من جميع النواحي لمواجهة التحديات المطروحة امام القضية الامازيغية الان بعد وقوع سلسلة من التراجعات المؤلمة منذ سنة 2013 الى الان فانظروا الى واقع الثقافة الامازيغية نفسها اليوم بين تجاهل الجهات الوصية و اتساع نفود فقهاء الاسلام السياسي في مجتمعنا المسلم يوم بعد يوم لان من الصعب اقناع العامة بان هؤلاء لا يمثلون الاسلام المغربي لان خطابهم موجود اصلا في حقلنا الديني الرسمي منذ الاستقلال الى الان بحكم ان هذا الحقل يعتمد على ايديولوجية الظهير البربري كما شرحت ذلك اكثر من مرة في مقالاتي و في كتابي الحبيس داخل حاسوبي و قررت التخلي عن طبعه نهائيا…

ان املي هو كبير بعد هذا الاعتراف الملكي الصريح برمز تسيس القضية الامازيغية ببلادنا دا حماد الدغرني رحمه الله و قد رحل الى الاخرة تاركا وراءه افكاره و مواقفه لجيلنا الحالي و جيل ما قبلنا الذين ساهموا معه في تاسييس حزبه كالاستاذ عبد الله بوشطارت و الاستاذ عبد النبي ادسالم و الاستاذ عمر افضن و الاستاذ الحسين اوبليح و الاستاذ علي موريف و الاستاذ رشيد بوقسيم و الاستاذ الحسين بوزيت و الاستاذ عبد الواحد درويش و المرحوم محمد منيب و الاستاذ ابراهيم باوش و ربما المرحوم الحسين المالكي الخ لان القائمة مازالت طويلة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *