أخبار الساعة

السنوسي: هل تحول المغرب إلى شعب من اللاجئين؟

المغرب ما خلاش شي حاجة كتعلق بحقوق الإنسان و حقوق الطفل و حقوق المرأة و حرية التعبير و كل أنواع الحقوق و الحريات و ما سناش عليها اللي جابو ليه كيوافق و يمضي عليها، و يمضي في سياسته القمعية و خرقه للقانون و اعتدائه على الإنسان و حقوقه، هاد الاتفاقيات كلها موجودة في أرشيف الأمم المتحدة، الإنسان المغربي تحاصره قوات القمع السريع إذا خرج محتجا ضد الاستبداد و القهر، يحاصره الفقر و البطالة و الأمية و كل أنواع الأمراض، كما يحاصر قانون جائر حقه في التعبير عن حقوقه و منها الحرية و الكرامة و في هذه الأيام الباردة تحاصر الثلوج في الجبال و المناطق النائية أطفال و نساء و شيوخ و مرضى يموتون جراء النسيان السلطوي و قساوة الطبيعة.

من بين التعريفات التي وضعتها مندوبية الأمم المتحدة للاجئين لـ ” اللاجئ” هو الشخص الذي “لم يعد يتمتع بحماية حكومته مما يستوجب على المجتمع الدولي أن يضطلع بهذا الدور”. سالا كلام الأمم المتحدة.

و تضمن الاتفاقية الأممية التي وقعت عليها أغلب دول العالم و منها المغرب بطبيعة الحال، حقوق اللاجئين و على رأسها التعليم و العمل و الصحة، لكن هذه الاتفاقيات أهملت اللاجئين ولاد البلاد في بلادهم الأصلية، و الذين يعيشون عزلة قاتلة على مدار السنة بفعل حرمانهم من كل مقومات الحياة الكريمة من سكن لائق و تعليم و صحة و شبكة طرقية، فيما تتضاعف هذه العزلة عشرات المرات بفعل تساقط الثلوج ( و هذا ربما سيثلج صدر المسؤولين الذين يمارسون التزحلق و التمتع بمنظر الثلوج و هي تغطي الأشجار) حيث تنقطع كل صلة لهم بالعالم، و تشح مؤونة التغذية و التدفئة بل و تنعدم تماما فيما تستحيل عملية نقل الحوامل و المرضى في حالة حرجة، فيما تكتفي السلطات بإعلان القرى الجبلية مناطق منكوبة بعد أن تتذكر وجودها مرة واحدة في السنة و كأن انتمائها للمغرب مرتبط ببعض فصول السنة دون غيرها لذلك فإنها تحاول تبرئة ذمتها من مأساة “المنبوذين” المنسيين، عبر اصطحاب كاميرات التلفزة المخزنية للقيام بالتغطية على الحقائق و تصوير عملية توزيع الأغطية و بعض المواد الغذائية، ثم تنطفئ أضواء الكاميرات ليعود المسؤولون إلى قواعدهم فرحين بما “أنجزوه”، فيما يعود المعزولون المقهورون إلى تجرع مآسيهم تحت لهيب الثلوج الحارقة و المميتة ( كون اكتاشفو شي معادن ثمينة كون طلعو ليها حتال راس الجبل) و لولا الجمعيات المدنية و بعض المتطوعين من شرفاء الوطن لما سمع أحد بمأساة قرية انفكو التي اكتشفتها السلطات فقط عام 2007 رغم أنها توجد على بعد كيلومترات قليلة من إقليم خنيفرة حيث تتواجد ضيعاتهم الشاسعة الأطراف، ففي تلك السنة المشؤومة توفي عشرات الأطفال الرضع بفعل تساقط الثلوج و البرد.

و ككل سنة يتجند المغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل توفير الغذاء و الأغطية و الأدوية لسكان انفكو بعد ان استوعبوا ألا حياة لمن تنادي، و إنه من قبيل العبث أن يراهنوا على السلطات من اجل فك العزلة عن انفكو التي تحولت إلى رمز حي، بل أكثر من ذلك إلى جرح مفتوح يكشف حقيقة الشعارات و الخطب و يدين ورثة أطروحة ” المغرب النافع و المغرب غير النافع” التي أطلقها المستعمر في شخص الماريشال ليوطي. و لتي امتدت لتشمل كل جهات المغرب المنسي الذي لم يعد يقتصر على قرى الأطلس المظلومة، بل شمل أحزمة الفقر و العذاب و الحصار والإقصاء و انعدام الأمن التي تحيط بالمدن الكبرى و تعشش بداخلها و في محيط شوارعها و أحيائها “الراقية ” ، حيث يتيه من شردتهم الأيام و السياسات الظالمة و عقود من التجريب و الارتجال و المهانة التي حولت شعبا كاملا إلى لاجئين.
أحمد السنوسي