وجهة نظر

عبد الباري عطوان ناطقا رسميا باسم النظام الجزائري!

1 – المغرب “الأقصى” يخدمُ العربَ في السراء والضراء:

أضحت صحيفةُ “رأي اليوم” اللندنية، التي يرأس تحريرها الإعلامي العربي المقيمُ في بريطانيا السيد عبد الباري عطوان، منصةً لقصف المملكة المغربية ليس فقط عبر الاقتصار على نشر المقالات المناوئة للحق المغربي في تحصين وحدته الترابية لمن هب ودب، والإحجام عن نشر مقالات أخرى تحمل رأيا يخالف رواية النظام العسكري الجزائري المليئة بالأساطير والادعاءات، بل إن السيد عطوان نفسه ولج غمار المعركة للذود عن الجمهورية الجزائرية رمزِ “التصدي للكيان الصهيوني والدفاع عن تقرير مصير الشعوب غير المستقلة!”، من خلال ما يخصصه من “افتتاحيات” تقطر حقداً على الأمة المغربية وثوابتها المقدسة، وعبر فيديوهات ترشح عداءً وتطرفاً لهذا المغرب “الأقصى” القريب إلى كل الشعوب العربية الشقيقة في السراء والضراء. لا يتوانى السيد عطوان عن التعبير عن “مشاعره المجروحة والقلقة” إزاء الدولة الجزائرية “المهددة” بالتقسيم والعدوان المغربي الإسرائيلي، دون أن ينتبه ولو مرة واحدة “لشيء” اسمه الأمة المغربية التي يعود تاريخها إلى قرون من البناء والإشعاع، والتي تعرضت لأكثر من خمسين سنة الأخيرة لأسوء عداء يمكن أن يصدر من دولة نحو جارتها في العالم، لا يهم السيد عطوان أن تجعل الدولة الجزائرية من المغرب شأنها الداخلي، وتحشر أنفها في قضاياه الخاصة، ولا يهمه أيضا “نضال ومقاومة” المسؤولين الجزائريين من أجل تقسيم المغرب وتدريب الانفصاليين المغاربة في تندوف وتسليحهم وتموليهم، وجعل كل وسائل الإعلام الرسمية و”الخاصة” في خدمة جبهة البوليساريو الانفصالية، لا بل إن السيد عطوان استهان بالشعب الجزائري العظيم ممثلا في حراكه الشعبي المجيد، والذي خرج مطالبا بالدولة المدنية الديمقراطية، وإقامة نظام سياسي عصري منفتح على شعبه وعلى دول الجوار والعالم، بذهنية حديثة بعيدة عن دوغمائية عهد الحرب الباردة، وانتصر للأسف الشديد للنزعة العسكرية الاستئصالية المغامرة بأحلام الشعوب المغاربية في الوحدة بدل التقسيم والانفصال.

2 – الصحافة حياد موضوعي وليس انحيازا مرضيا:

كيف لإعلامي مثل السيد عطوان أمضى عقودا من السنين في المضمار الصحفي بالغ التنوع والثراء أن يغرق حتى أذنيه في الذاتية المرضية والعاطفة المأزومة، والانحياز للدكتاتوريين وقاهري الشعوب والرافضين لأي حل سلمي مع شعوبهم المضطهدة والمعدمة، إلى درجة يصبح عاجزا عن التعاطي المحايد والمتوازن والموضوعي مع قضايا سياسية عربية حساسة جدا؟ لماذا هذا الإقصاء والإهمال الفظيعين للمكانة والدور المحوري للدولة المغربية التي أضحت رغم أنف “الجميع” قوة ضاربة بالمعنى العميق للكلمة في الإقليم اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وعسكريا، رغم أنها تستورد مصادر الطاقة “النفيسة” من الخارج مثل الغاز والنفط؟ عكس بعض الأنظمة العربية العسكرية “الغنية” والفاشلة حتى في ضمان وسائل العيش الكريم “لمواطنيها” المساكين ! دون أن يعني ذلك أن المغرب أضحى جنة من حيث حقوق الإنسان والديمقراطية بمفهومها الأممي، بل إنه مطالب بدوره بالمضي قدما نحو قيم الحرية، والعدل وبذل مزيد من الجهد لإرضاء متطلبات الفئات الاجتماعية المتضررة.

3 – المغرب ليس مسؤولا عن الفشل التنموي الجزائري:

كان من المفروض على السيد عطوان أطال الله في عمره، وهو في مرحلته الأخيرة من العمل الصحفي الشاق والمديد، أن ينظر ولو مرة واحدة إلى هذا الشعب المغربي الذي بنى ما بناه من إنجازات أضحت مفخرة كل العرب وفي شتى الميادين، في سياق جوار بالغ العداء والجرم والاستعداد لإضرام “الحرائق”، وإعلان الحرب الكارثية على المنطقة المغاربية كلها انسجاما مع “مبدأ” علي وعلى أعدائي. إذا كانت الدولة الجزائرية قد أخلفت مواعيد كثيرة و أهدرت فرصا عديدة لبلورة تنمية شاملة ونهضة سياسية فاعلة، فإن السبب يعود إلى القرارات الانتحارية المقامرة التي أقدمت عليها منذ الاستقلال إلى الآن. كان من المنتظر من السيد عطوان أن يَطْلَعَ علينا بحديث عقلاني مكتوب أو مصور يوضح فيه الحقيقة “الغائبة”؛ حقيقة أن الجزائر ليست في حاجة إلى اقتناء هذا الكم الهائل من الأسلحة وبشكل متواصل، على حساب حق الشعب الجزائري العظيم الذي يعاني حاليا الأمرين للحصول على أبسط المواد الغذائية الأساسية، بل إنها في أمس الحاجة إلى الاستجابة لطلب الملك المغربي المفتوح والداعي إلى الصلح والتطبيع وفتح الحدود، ولقاء القرن من أجل تصفية المشاكل العالقة بين البلدين التوأمين بهدوء وروية واتزان.

4 – الصحافة دفاع عن الحرية والوحدة والسلام”

كان من المرتقب أن ينصح الدولة الجزائرية بالحفاظ على موقفها في الدفاع عن “تقرير مصير الشعوب في الحرية والاستقلال”، وترك قضية الصحراء المغربية بين أيدي الأمم المتحدة، دون تسليح وتدريب وتمويل ومساندة إعلامية ودبلوماسية قل نظيرها لجبهة البوليساريو الانفصالية.. كان من المفروض على السيد عطوان وهو أدرى الناس بدور الإعلام ووظيفته المثلى في الدفاع عن الخير بدل الشر، أن يقدم على خطوات ملموسة تسعى إلى التقريب بين الشعبين الجارين لنبرهن للعالم أن العرب ليسوا كائنات دموية جهنمية، يتقنون “ببراعة” فن الدمار والخراب والاقتتال الداخلي ويجهلون فن التعمير والبناء والتسامح، كان على السيد عبد الباري عطوان في هذا الزمن العربي الأغبر أن يقتدي بخير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل: (رحم الله امرءا قال خيرا فغنم، أو سكت فسلم).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *