وجهة نظر

الجبل والجبيل من مفترق الفكر واللغة

من خلال جولة مكوكية بالمناطق الجبلية للوقوف على طبيعتها من التضاريس والحياة البشرية، ارتأينا ان لا تمر الجولة من واقع الارضية، دون عبرة من القلم عن الجامد والمتحرك من الطبيعة، ولو بأسلوب وجيز ورؤية خاصة عن الجبل والجبيل .

وهكذا عرفنا أن الجبل مرتفع شاهق من الأراضي يعلو البرية، تكسوه الثلوج من فصل الشتاء، والذوبان من فصل الصيف، والجبيل مرتفع كئد غير شاهق، بمعناه السفح الأدنى المتصل بالجبل أو المنفصل كالجبيل، الذي يجري عليه مناخ السهل أكثر من مناخ الجبل، إذ لا يصل علوه من الارتفاع إلى مستوى تساقط الثلوج، ومن ثمة انحدر الجبيل من الجبل وإن انفصل.

ومن اللغة تقول العرب : تمخض الجبل فولد الجبيل، وهو من اللغة اسم تصغير، يأخذ من الجبل صغره أو تقزيمه، ومن السهل هوائه، أي شكله من الجبل، ومناخه من السهل .

وعند العرب ينسب ساكنة الجبل جبليون من طبيعتهم الجبلية، وساكنة الجبيل يسمون أهل جبيل .

وينسب الانحدار في الاسم اللغوي، والخلاف من النسب، إلى علماء التضاريس الطبيعية من فكر الأوائل، والمجددين من الفكر الذين يقولون بأن منطقة الجبيلات سلسلة تضاريس جبلية، غير ذات علاقة مع السلسلة الأطلسية، بل قائمة بذاتها من شكل منفصل وغير متصل فيما بينها وبين الأطلس الكبير أو المتوسط .

ويمكن من وجهة الابحاث الفضائية إعادة النظر من مفترق الفكر واللغة من العلاقة بين الجبل بالأطلس والجبيل بالسهل، من وجهة العلاقة القائمة أو المنعدمة من التضاريس الجبلية.

موقع الجبل والجبيل:

المغرب من البلدان التي تتوفر على سواحل بحرية، وسهول برية، ومرتفعات جبلية، وصحراء قارية، ومن المواقع الجبلية تحمل المرتفعات الجبلية، أسماء الأطلس الكبير، والأطلس المتوسط، والأطلس الصغير، وهناك جبال الريف المحاذية للجهة المتوسطية، وسلسلة الجبيل البرية العارية الرأس من الأغطية الثلجية شتاء، والمرتفعة الحرارة من البرية صيفا، وهو الجبيل الذي لا ينسبه الجغرافيون إلى السلاسل الجبلية الأطلسية، بينما اللغويون ينسبونه إلى الجبل من قصر الجبيل حجما وقامة عن الجبل.

فهل هذا يعني أن جبال الأطلس لها علاقة من المحيط، وجبال الريف لها علاقة مع البحر المتوسط، وسلسلة الجبيلات لها علاقة مع البر من المناخ الشبه الجاف .

الجبيل :

الجبيل مرتفع جبلي من سلسلة كأدية مرتفعة من قمة “ت/قزيمة”، تحدو حدو الجبل من القمم وسط البراري، فكان منه جبيل الجبل من البراري، يستفيد من التساقطات المطرية من الوجهة البرية، ولا يستفيد من التساقطات الثلجية من الوجهة الجبلية، مما يجعله في منحدر كالسفح المنفصل الجبيل من الجبل .

تقع سلسلة الجبيل شمال وادي نسيفة، ويفصله عن سلسلة الجبل سهل الحوز، وإن يشترك مع الجبل في المصب من نهر نسيفة .

ومن الدارسين من ينسبه جبل مراكش، الذي يمتد من كدية العبيد جنوب وادي نسيفة، إلى كدية قرن العبد شمالا من نسيفة، وهي سلسلة مرتفعات برية جافة، ذات مناخ قاري بعيد عن الرطوبة المناخية، التي تتميز بها المناطق الجبلية .

كان الجبيل موطن طرائد الصيد البرية، ومراعي موسمية للمواشي والذواب من الركوب وحمل الأثقال بالمناطق البرية، والتنقلات المحلية .

وعهد الاهتمام بالمجال الغابوي، تحولت السلسلة إلى محميات غابوية، ومجمعات سكنية، ومسالك برية للزراعة الموسمية

كما ارتفع مستوى الحياة بالمنطقة، من مجال التنمية القروية، التي أدت إلى ظهور شبكة من الطرق المعبدة، وانتشار الانارة القروية، وتعميم التزود بالماء الصالح للشرب، فضلا عن تطور العمران من سكن زراعي، إلى شبه حضري، حاضن لبنايات التعليم المدرسي والتمريض الخاص بالمساعدة الاجتماعية في مجال الصحة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *