وجهة نظر

النظام الجزائري واستقالة العقل

“تشبع الرئيس تبّون، ومن خلفه أعضاء المجلس الأعلى للأمن، بهذا الرفض لأي مبادرة عربية لرأب الصدع في العلاقات الجزائرية المغربية لا يدل على حكمةٍ سياسيةٍ وطنيةٍ أو بعد نظر دبلوماسي، ولا عن حسّ استراتيجي يحفظ ماء الوجه، بقدر ما ينمّ عن تشنج وانفعال غير عقلاني، بسبب ما يبدو صدمةً كبرى متخيلةً منذ عقود”: محمد الشرقاوي

– في مقال جديد للكاتب المغربي محمد الشرقاوي أستاذ تسوية النزاعات الدولية وعضو لجنة الخبراء في الأمم المتحدة سابقا، بعنوان “الجزائر والمغرب .. التصعيد وسباق التسلح وغياب الحوار”، نجد أنفسنا أمام تحليل سياسي بالغ الرقي والأهمية، مستند إلى قدر كبير من التحليل العلمي والاستقراء الموضوعي للأزمة الجزائرية المغربية، وبقد ما نعبر عن اختلافنا مع الكاتب في سياقات أخرى، بقدر ما نعلن عن تأييدنا لوجهة نظره حينما نراها حصيفة وراجحة، وهكذا فنحن لسنا في حاجة إلى التطبيل ونظم قصائد المدح والوقوف المرضي إلى جانب طرف دون آخر (ظالما أو مظلوما) ، نتوق فقط إلى التعاطي الموضوعي المسؤول مع الصراعات الدولية ونخص بالذكر الصراع الجزائري المغربي، والآن وبغض النظر عن انتمائنا المغربي ، وعلى الرغم من عدم تأييدنا لمجموعة من القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، إلا أننا نرى دون ادعاء منتفخ أو افتخار غير مؤسس أننا في أمس الحاجة إلى تسمية الأشياء بمسمياتها دون مواربة.

– فلا أحد ينكر الآن القرارات الانتحارية الصادرة عن النظام العسكري الجزائري، من إغلاق الحدود البرية والجوية وقطع العلاقات الدبلوماسية وإيقاف العمل بخط أنبوب الغاز المار إلى إسبانيا عبر المغرب والرفض المطلق لأي وساطة قد تخفف من وطأة الأزمة الحادة غير المسبوقة بين القطرين المغاربيين والاتهامات الجنونية المضحكة المبكية.. أليس في النظام الجزائري رجل عاقل يدعو إلى انتهاج مسلك الاعتدال والتوازن، والنزول من قمة “الشجرة” لمناصرة قيم الحكمة. إن النظام العسكري ذهب بعيدا جدا جدا في محيط الانعزالية المنغلقة والمواقف الحدية والقرارات “الصفرية”؛ تقف حجرة عثرة أمام الدعوة المغربية المفتوحة أمام المصالحة غير المشروطة بين البلدين الجارين، وفي كل الأحوال ننتظر من الدولة الجزائرية الشقيقة أن يطل علينا عقلاء يسعون إلى البحث عن الحلول الأخرى حيث حتمية التواصل والانفتاح والعمل المشترك والاحترام المتبادل. والسلم والأخوة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *