خارج الحدود، سياسة

هل يرهن جنرالات الجزائر بقاءهم في السلطة بمباريات كرة القدم؟

يبدو أن نتائج مباريات كرة القدم أصبحت مصدر قلق حقيقي لحكم الجنرالات بالجزائر، إذ لم يخف هؤلاء الحكام وبعض منابرهم الإعلامية استغلالهم للخضر لتصفية مجموعة من الحسابات بمناسبة أو بدونها، الداخلية منها والخارجية أيضا.

بيع الوهم

ويرى العديد من المتتبعين أن الاهتمام الغريب لجنرالات الجزائر بنتائج مباريات كرة القدم محاولة لبيع أوهام الانتصارات للشعب الجزائري الذي لا يزال يطالب منذ سنوات بحقوقه في العيش الكريم.

وقال العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إن نظام الجنرالات مدعوما بمنابر إعلامية وصحافيين مشهورين، حاولوا على مدى شهور استغلال ما حققه منتخب الخضر منذ تتويجه بالنسخة الماضية لكأس إفريقيا لإلهاء الشعب الجزائري وصرفه عن المطالب التي خرج من اجلها في حراك دام شهورا عديدة.

وبخروج المنتخب من الدور الأول من النسخة الحالية من بطولة أمم إفريقيا المقامة في الكاميرون قال نشطاء مخاطبين حكام الجزائر إن مفعول التخدير قد زال وانتهى مفعوله وآن الآوان أن تستجيبوا لمطالب الحراك “لأن لنا عودة والعودة ستكون أشد و أقوى”. وفق تعابيرهم.

جريدة “الجزائر تايمز” قالت في مقال نشرته في وقت سابق “الكل يعلم أن نسبة الجهل والفقر في الجزائر مرتفعة جدا، لذلك الجنرالات يعلمون أن منتخب كرة القدم هو الأفيون المفضل للشعب الجزائري لتغيبيه عن مشاكله ولجعله ينسى أن كل همومه والطوابير التي يعاني منها سببها الجنرالات”.

لغة واحدة

هذا الخوف من عودة الاحتجاجات يجد مبرراته في تصريحات المسؤولين الجزائرين بعد كل مباراة يخوضها منتخب الخضر، فعقب التعادل الأول مع المنتخب السيراليوني خرج رأس النظام عبد المجيد تبون في تغريدة له على التويتر يقول “ستبقون كبارا، برغم التعادل في مباراتكم الأولى في البطولة الإفريقية..نحن معكم دومًا وأبدًا، في السّراء والضّراء..موفقون بحول الله”.

وبعد الإقصاء قال تبون “هذا هو منطق كرة القدم.. يبقى الكبير كبيرًا، فلا تيأسوا، نشجعكم و نقف وراءكم، اليوم وغدًا..حظا أوفر في المقابلات القادمة، إن شاء الله”.

وعلى غرار تبون قال رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة عبر الحساب الرسمي لوزارة الدفاع على الفيسبوك: “إن إقصاءكم من نهائيات كأس أمم إفريقيا، لا يعني أبدا نسيان الانتصارات والألقاب التي حققتموها، بل بالعكس سنزيد من دعمنا وتشجيعنا لكم وستظلون بالنسبة لنا أبطالنا الذين صنعوا الأفراح لكل الشعب الجزائري في كثير من المناسبات. حظ أوفر في مباراة السد المؤهلة لنهائيات لكأس العالم 2022 بقطر”.

وقبل حوالي شهر بعد فوز رفاق محرز بكأس العرب، وفي خلط عجيب للأوراق، اعتبر شنقريحة أن فوز منتخب بلاده في بطولة كأس العرب التي أقيمت مؤخرا في قطر “رد قوي على أعداء الأمس واليوم”.

ونسجا على منوال الجنرالات، قال وزير الشباب والرياضة، عبد الرزاق سبقاق، مساء الخميس، إن تعثر المنتخب الوطني وخسارته لا تنقص أبدا من قدره شيئا.

وأضاف سباق في تصريح له أن “هذه هي كرة القدم ونحن كجزائريين حكومة وشعبا لا ننكر جميل وفضل هؤلاء الأشبال وأشبال بلماضي اللذين صنعوا أفراح الجزائر خلال هذه السنوات الأخيرة وبالتالي نحن نشد على أياديهم ونقول لهم هذه مجرد محطة من المحطات، ولازالت هناك محطات أخرى قادمة يمكن إعادة ترتيب البيت وتشخيص أسباب الفشل في هذه المنافسة الأفريقية والمنتخب”.

تهييئ للهزيمة 

المعلق الرياضي بشبكة ببين سبورت لم يكن بدعا من جوقة جنرالات الجزائر، إذ حرص على كتابة تغريدات وتدوينات لتهييئ الشعب الجزائري لتقبل الخسارة والخروج المبكر من الكان.

وأكد المعلق الجزائري الذي التقى بوزير خارجية الجزائر قبيل المباراة بقطر أن الشعب الجزائري يصنع الاستثناء في كل الحالات، مُعتبرا إياه استثنائيا عندما يفوز رفاق القائد رياض محرز في مبارياتهم، واستثنائيا أيضا حتى عندما تتعرض كتيبة “الخضر” للخسارة.

وكتب المعلق الرياضي ذاته أن الشعب الجزائري قد يبالغ أحيانا في حب منتخب بلده الجزائر، لأن الأخير منحه في الكثير من الأحيان وعلى مدار ثلاث سنوات كاملة طاقة إيجابية، بسلسة مباريات دون هزيمة بلغت 35 مباراة.

وأضاف في سياق حب الجزائريين المبالغ فيه أحيانا لوطنهم، بالتأكيد على أنهم يحبون وطنهم بجنون وبعقل في الوقت ذاته، سواء فاز المنتخب الوطني الجزائري أو خسر مبارياته.

ولم يخف الإعلامي الرياضي خلال تعليقه على المباراة الاخيرة رسائله الموجهة لتهدئة الشعب الجزائري وتقبل نتيجة المباراة، إذ ظل يكرر على مسامع المتابعين ان المنتخب الجزائري يستحق استقبال الأبطال عند عودته للجزائر، مشيرا إلى أن “النحس” هو السبب في هذا الإقصاء.

حفيظ الدراجي حاول في كل المناسبات أن يغطي نتائج المنتخب الجزائري بخلقه عدو وهمي تماما كجنرالاته، إذ حطم كل الأرقام القياسية في استفزاز مشاعر المغاربة، فبعد الهزيمة امام غينيا الاستيوائية وصف المغاربة بـ”المعقدين” في تغريدة على حسابه بتويتر حيث قال: “منتخب الجزائر عظيم لأنه يسعد الجزائريين عندما يفوز، ويسعد بعض المعقدين عندما يخسر”.

تجاوز لكل الأعراف

ولم يقف الدراجي، الذي كان يحظى بمكانة كبيرة في مجاله، عند هذا الحد بل تجاوز ذلك لينهال في رسائل منسوبة إليه بالسب والشتم، بأوصاف قبيحة شملت الشعب المغربي بأكمله واتهام أبنائه بكونهم مجهولي النسب.

هذه التهمة الاخيرة وإن نفاها الدراجي عبر حسابه على تويتر، خرج الإعلامي بقناة الجزيرة عبد الصمد ناصر، بتغريدة نارية، ردا عليه، بعد تطاوله على المغرب والمغاربة.

وقال الإعلامي الشهير في شبكة الجزيرة الإخبارية، إن “قذف المحصنات والطعن في شرف وأعراض المغربيات والمغاربة جريمة نكراء وشنيعة لا يجب السكوت عنها”.

وأردف “فلا يعقل أن يصل الإسفاف والتطاول هذا الحد دون مراعاة لحرمة دينية ولا للمؤسسة التي يعمل بها ولا لبلد الإقامة. الرأي العام في ‎المغرب المختصة التصرف.. طفح الكيل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *