مجتمع

بعد مطالبتهم بإحضار مرافق.. مزاجية مدراء أبناك تجاه المكفوفين تسائل حماية معطياتهم الخاصة

يعيش ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة المكفوفين وضعاف البصر، بالمغرب، مشاكل مع وكالات بنكية مبنية على “مزاجية” مدرائها الذين يطالبون زباءنهم من هذه الفئة بإحضار شاهدين أو وكيل من أجل الاستفادة من الخدمات، وسط غياب أي سند قانوني في الموضوع يفرض ذلك، الأمر الذي يسائل حماية معطياتهم الشخصية ويجعلهم عرضة للتمييز المبني على الإعاقة.

وتفجرت بحر هذا الأسبوع واقعة أعادت النقاش للموضوع، بعد رفض مدير وكالة بنكية حديث التعيين بها، السماح لزبونة تعاني من إعاقة بصرية من الاستفادة من إحدى الخدمات البنكية، بدعوى أن هناك قرارا داخليا يمنع عليه التعامل مع فئتها دون وتواجد شاهدين أو وكيل.

جريدة “العمق” ربطت اتصالا هاتفيا بالمواطنة، إذ أفادت أنها تعرضت رفقة زوجها للمنع من الاستفادة من خدمات حسابهما البنكي بسبب إعاقتهما البصرية، وأنهم يقومان إلى اليوم بصرف الأموال من الشباك الآلي، مما دفع بهما للجوء إلى القضاء من أجل إنصافهما.

وأوضحت لمياء لحلو كمال، أنها قامت بزيارة الوكالة البنكية بعد الحادث، مرفوقة بمفوض قضائي حيث قام بمعاينة قضائية، وأنها بصدد رفع دعوى قضائية مطلع الأسبوع المقبل، مسنودة بإحدى المحاميات من هيئة الدار البيضاء، وأن زوجها الكفيف يستعد لنفس الخطوات، قصد إنصافهم.

وقالت لمياء، وهي موظفة بالقطاع العام، في ذات الاتصال إن المشكل الذي سببه مدير الوكالة البنكية، أثر سلبا على حياتها اليومية، الأمر الذي دفعها إلى فتح حساب آخر في مؤسسة بنكية أخرى دون أي تعقيدات تذكر.

هذا وأوضحت أنها موظفة منذ 2011 وقد فتحت حسابها البنكي حينها في الوكالة البنكية بمدينة الدار البيضاء، ودأبت على استعماله بشكل عادي، ولم يتم تسجيل أي مشاكل منذ تلك الفترة، إلى أن تم تغيير مدير الوكالة.

وزادت أن المدير الجديد طالبها بإحضار شخصين أو كفيل كي تتمكن من التصرف في حسابها بدعوى أنها كفيفة، رغم أنها أوضحت له أنها تتمكن من تطبيقات على هاتفها تساعدها على التعامل مع أي معاملة بنكية، وأنها المعنية بالخوف على أمولها أكثر من أي شخص آخر.

واسترسلت أن مدير الوكالة أخبرها بأن قراره مسنود بقانون داخلي وسط المؤسسة، الأمر الذي دفعها وفق تعبيرها إلى التواصل مع البنك المركزي للوكالة، لسؤالهم عن هذه الشروط الجديدة، إذ أكدوا لها بأنها إجراءات غير موجودة وأنها مجرد اجتهاد داخلي من طرف المدير الجديد، وفق تعبيرها.

ودافعت المواطنة المذكورة عن حقها بالقول: “ليس من المعقول أن أشارك معطياتي الخاصة مع أي كان، خاصة وأن زوجي كفيف أيضا، ولست قاصرا لإحضار وكيل من أجل القيام بأي خدمة بنكية أو غيرها”، مشيرة إلى أن هذا السلوك “يعتبر تمييزا بسبب الإعاقة، وبالتالي سلوك يضرب دستور المغرب والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب والمتعلقة بحماية المعطيات الشخصية”.

رشيد الصباحي، رئيس التنسيقية الوطنية للدفاع عن حقوق المكفوفين وضعاف البصر، علق في تصريح لجريدة “العمق”، على الواقعة بالقول: “هذه الممارسات وشبيهاتها، تشكل إحدى القضايا التي تثير اهتمام معظم الفعاليات الجمعوية المدافعة عن ذوي الاحتياجات الخاصة، لأنها تعتبر تعسفا على أهلية هذه الفئة وإنقاصا لها”.

وانتقد رشيد الصباحي، طلب مدير الوكالة البنكية من زبونة لدى وكالته لمدة تصل 11 سنة بإحضار مرافق لها للقيام بعملية ذات طابع شخصي، معتبرا طلبه ضربا لحريتها الشخصية ومسا بأهليتها وخرقا للدستور المغربي والقوانين الدولية التي ترفض رفضا قاطعا كل تمييز بسبب الإعاقة، وتشدد على ضرورة المساواة بين المواطنين.

وشدد المتحدث على أن الولوج إلى القضاء لردع هذه الممارسات أصبح ضرورة ملحة، مطالبا في هذا السياق من النيابة العامة التدخل من أجل فتح تحقيق في الموضوع ومدى مطابقتها للقوانين المنظمة في هذا المجال.

هذا وتساءل الصباحي عن خلفيات عودة مثل هذه الممارسات المعزولة إلى الواجهة، خصوصا في الوقت الذي كان فيه العديد من ذوي الإعاقة على مستوى البصر يحاولون تجاوز مثل هذه المشاكل.

واسترسل الإعلامي والصحافي، رشيد الصباحي، أن مدير الوكالة البنكية قام بمنع زبونة الوكالة من الاستفادة من خدمة معينة في ظل غياب أي وثيقة رسمية، اللهم ادعاءه بوجود مذكرة داخلية تنظم عمل مؤسسته، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة التي لا تعد ملزمة من الناحية القانونية.

ولفت إلى مثل هذه المشاكل تقع مع العديد من ذوي الإعاقة في مؤسسات بنكية مختلفة، وأن الأمر يتعدى المؤسسات الخاصة إلى المؤسسات العمومية، خاصة عند طلب خدمات تصحيح الإمضاء.

ودعا في هذا الإطار إلى تجاوز مثل هذه الممارسات والبحث عن وسائل وصياغة قوانين أو نصوص تنظيمية تؤطر عمل المؤسسات والإدارات مع هذه الفئة من المواطنين بشكل يضمن للطرفين حماية الحقوق وحفظ كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة وحماية معطياتهم الشخصية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *