اقتصاد

فوربس: كيف حصل دونالد ترامب لسنوات عدة على مكانة أعلى في قوائم الأثرياء؟

تحقق المدعية العامة في نيويورك مع الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في ما يخص التلاعب بقيمة ممتلكاته، وهو ما لا يخفى علينا في فوربس مع محاولات ترامب المستمرة لتضليلنا بشأن بياناته المالية لعقود. وتعد هذه المقالة الأولى في سلسلة تتعمق في الأرقام المالية الخاصة بترامب.

ما مقدار الأموال التي يمتلكها دونالد ترامب؟

تضاربت أقاويله، فكثيرًا ما ذكر أنه يمتلك الكثير، وأحيانًا أخرى كان يقول إنه يمتلك القليل. فيما يقول البعض إنه محطم.
تعد معظم ممتلكات الرئيس السابق من العقارات التي يصعب تقييمها، من بين أكثر من عشرين من ممتلكاته. من المفترض أن يكون تحديد السيولة النقدية والأصول السائلة سهلًا، فما عليك سوى أن تجمع الأرصدة في كشوف حسابه، لكن ترامب لا ينشر ذلك علنًا. ولم تلزمه الإفصاحات المالية المفروضة من قبل حكومته سوى بإدراج أمواله واستثماراته بصورة عامة غير دقيقة. وهو ما جعل أموال ترامب وممتلكاته أمرًا يصعب اختراقه.

أوضح الصور

تقدم الإيداعات التي نشرتها المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، الثلاثاء (25 يناير 2022) كجزء من تحقيقها المدني في المعاملات المالية لمنظمة ترامب، أوضح صورة حتى الآن، فقد بلغت الأصول السائلة لترامب نحو 93 مليون دولار في 2020، وفقًا للوثائق.

إذًا ترامب ليس فقيرًا. إلا أن ما يحوزه في البنك يعد أقل من العديد من زملائه من أصحاب المليارات العقاريين. ولديه أقل بكثير من المبالغ الخيالية التي حاول أن يوحي بها لفوربس، والمقرضين، وشركات التأمين الخاصة به، على مر السنين.

لقد كان ترامب يبالغ بخصوص ممتلكاته طوال حياته المهنية، ففي 1982، وفي سعيه للحصول على مكان أعلى في قائمة فوربس 400 لأغنى الأميركيين، وجه ترامب محاميه روي كوهن إلينا. قال كوهن للمراسل جوناثان غرينبيرغ، الذي روى المحادثة الهاتفية في مقال تم نشره في صحيفة واشنطن بوست في 2018: “أنا أجلس هنا أنظر إلى كشف حسابه المصرفي الحالي، الذي يظهر أن لديه أكثر من 500 مليون دولار من الأصول السائلة، النقدية فقط”. لم نصدق هذا الرقم الضخم، الذي كان أكثر مما كانت تستحقه الإمبراطورية العقارية لعائلة ترامب بأكملها في ذلك الوقت.

بيانات مالية مضللة

عندما جلسنا مع ترامب من أجل قصة غلاف المجلة عام 1990، كان غارقًا في الديون وكان على وشك تقديم أول مجموعة من حالات الإفلاس، كتبنا: “مع دخولنا مكتبه في الطابق 26 في برج ترامب في مانهاتن، كان متأهبًا: سأريكم أرقام التدفق النقدي التي لم أعرضها على أي شخص من قبل . لقد أظهر لنا المزيد من الأرقام التي تشهد على ثروة من الأموال النقدية والأوراق المالية القابلة للتداول، لكنه كان يطوي الصفحة حتى لا نتمكن من رؤية العمود التالي.” ماذا كان يخفي؟ لقد وجدنا إيداعات تشير إلى أنه اقترض مبلغًا كبيرًا مقابل حافظة أسهمه.

كان ترامب يزود المقرضين المحتملين بالأرقام أيضًا، بناءً على الميزانيات العمومية الشخصية السنوية التي ساعدت منظمة ترامب في تجميعها، قدرت ميزانيته العمومية لعام 2004، التي تم إفشاؤها بعد سنوات كجزء من دعوى قضائية، أصوله السائلة بنحو 230 مليون دولار في يونيو/ حزيران من ذلك العام.

وتظهر الميزانيات العمومية لعامي 2011 و2012، التي قدمها محامي ترامب السابق مايكل كوهين إلى الكونغرس في 2019، مبالغ نقدية بنحو 259 مليون دولار ونحو 170 مليون دولار على التوالي.

أما ميزانيته العمومية لعام 2013، التي قدمها كوهين أيضًا، فقد أدرجت نقدًا بقيمة 346 مليون دولار. وبعد بضعة أشهر، أخبر ترامب فوربس أن لديه 500 مليون دولار. (فيما بلغ تقديرنا في ذلك الوقت نحو 300 مليون دولار).

الأمر المتسق والثابت الوحيد هو سعي ترامب الحثيث للحصول على مكان أعلى في قوائم فوربس للأثرياء، بما في ذلك المساومة مع المراسلين على وجبات الغداء ودعوتهم إلى استعراض الوثائق في مكاتبه. فقد ذهبت في 2014 إلى برج ترامب لأحصي أمواله، وألقيت نظرة على كومة كبيرة من كشوف الحسابات المصرفية بينما وقف بجانبي موظف صغير ليتأكد من أنني لم أسرق صفحة أو ألتقط صورة. بلغ مجموعها في ذلك الوقت نحو 300 مليون دولار.

في يونيو/حزيران 2015، وبعد أقل من عام، انطلق ترامب في رحلته للبيت الأبيض. أصدرت حملته بيانًا ماليًا يظهر نقودًا وأوراقًا مالية قابلة للتداول بنحو 302 مليون دولار في يونيو/حزيران 2014. لكن سرعان ما قدمت وثائق أخرى مجموعة مختلفة من الأرقام.

وكان على ترامب أن يقدم إقرارًا ماليًا للحكومة الفيدرالية كمرشح لمنصب الرئيس. وهو ما أظهر حافظة من النقد والأوراق المالية بقيمة تتراوح بين 78 مليون دولار و232 مليون دولار بداية من منتصف عام 2015.

لم يمنعه ذلك من محاولة الحصول على تقييم أعلى من ذلك بكثير. كان ذلك عندما قضت فوربس ما يقرب من ساعتين مع ترامب، في تمشيط ثروته سطرًا سطرًا، في سبتمبر/أيلول 2015. وتمامًا مثل ما حدث عام 1990، جلس ترامب في مكتبه في برج ترامب يلوح بأدلة تفترض وجود كومة ضخمة من النقود. تفاخر ترامب قائلًا في ذلك الوقت: “من اليوم، أنا أمتلك 793 مليون دولار”، أي نحو 2.5 ضعف ميزانيته العمومية قبل عام، كيف حدثت الزيادة الحادة؟ “لأنني أبيع أشياء”. وكان مثاله الوحيد هو بيع مسابقة ملكة جمال الكون بأقل من 30 مليون دولار، وقال: “هذا هو رقمك النقدي هنا – أو القيمة السوقية: 793″، وهو يمسك بإثباته الذي كان عبارة عن قطعة من الورق المطبوع مكتوب عليها بخط أسود سميك رقم 793. لكننا ثبتنا عند تقييمنا بنحو 300 مليون دولار.

حتى هذا الرقم قد يكون مرتفعًا جدًا. وفي العام التالي، بعد أن قدم ترامب إفصاحًا حكوميًا آخر، وأدرج المبالغ النقدية والأوراق المالية التي تتراوح قيمتها بين 61 مليون دولار و173 مليون دولار، قمنا بخفض تقديراتنا بنسبة 30٪. من هناك، قمنا بتحسين الرقم مع توليه الرئاسة بإضافة العائدات كلما باعت منظمة ترامب عقارًا وطرحنا المصروفات الكبيرة مثل 25 مليون دولار التي دفعها ترامب لتسوية الدعاوى المرفوعة ضد جامعة ترامب.

وقدم ترامب إفصاحًا آخر وقت مغادرته منصبه، أدرج فيه النقود الخاصة به بمبالغ تتراوح بين 50 مليون دولار و169 مليون دولار. وهو ما قدرته فوربس بنحو 110 ملايين دولار

ويبدو أن ترامب كان يمتلك أقل بقليل من ذلك، وفقًا لميزانيات ترامب الشخصية الأخيرة، التي حصل عليها مكتب جيمس. إذ امتلك نحو 114 مليون دولار في 2016، و76 مليون دولار في 2018، و87 مليون دولار في 2019 و93 مليون دولار في 2020، وهو العام الأخير له كرئيس للولايات المتحدة. وهذا على افتراض أن أرقام ترامب ليست مبالغًا فيها. يعتمد جزء كبير من القضية التي ترفعها جيمس ضد ترامب على عدم دقة التقييمات الواردة في تصريحاته الشخصية وكون أغلبها مضللًا، وفقًا لبيان صحفي صدر مؤخرًا. ندد ترامب بالتحقيق باعتباره مطاردة حزبية، فجيمس من الحزب الديمقراطي وتستعد لترشيح نفسها لإعادة انتخابها لمنصب حاكمة نيويورك.

البيانات مقدمة من فوربس

مع احتدام المعركة القانونية، شكل الوباء عبئًا إضافيًا على أموال ترامب، حيث تعاني ممتلكاته، ويخسر فندقه في واشنطن العاصمة، كذلك تفقد منتجعات الجولف في أسكتلندا وأيرلندا الأموال. منذ فترة طويلة بأقل من 100 مليون دولار نقدًا لن يكون هناك الكثير من الأمان لترامب، الذي عليه نحو 738 مليون دولار من الديون المستحقة على مدار السنوات الثلاث المقبلة منذ أكتوبر/تشرين الأول.
قد توقف صفقته المزعومة لبيع الفندق بعضًا من هذه الخسارة المالية. الأهم من ذلك، من المحتمل أن يكون ترامب قد حصل على مكاسب كبيرة العام الماضي، عندما قام صندوق الاستثمار العقاري Vornado Realty Trust، الذي يمتلك 70٪ من ناطحتي سحاب مع ترامب، الذي يمتلك الجزء المتبقي، بإعادة تمويل أحد المباني ودفع نحو 616 مليون دولار للمستثمرين في هذه العملية. وبافتراض حصول ترامب على نسبته البالغة 30٪، ينبغي أن يصل تقييم نقود الرئيس السابق إلى 280 مليون دولار الآن، وفقًا لتقديرات فوربس، أي بنحو ثلاثة أضعاف ما كان عليه في 2020، وذلك بفضل إعادة تمويل الصندوق في الوقت المناسب.

لسوء حظ ترامب، جذبت تلك الشراكة انتباه مكتب جيمس، التي قامت الثلاثاء (25 يناير 2022) باتهامه باستغلال الشراكة لتضخيم التقدير النقدي في ميزانياته العمومية. ويبقى السؤال هل ستثبت مزاعم جيمس، التي تشير إلى احتمالية وجود تحريفات أكثر خطورة؟

في غضون ذلك، يعمل ترامب بجد لجمع الأموال. ففي الشهر الماضي، أعلنت مجموعة ترامب للتكنولوجيا والإعلام Trump Media & Technology Group أنها حصلت على مليار دولار إضافي من المستثمرين للمساعدة في تمويل شركة وسائط اجتماعية جديدة. وعلى الرغم من أن ترامب لا يترشح لأي منصب حاليًا، إلا أن حملته استمرت في جمع التبرعات، وحققت نحو 82 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الماضي.

المصدر: فوربيس الشرق الأوسط

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *