مجتمع

فريق ريان التطوعي.. مبادرة عربية لترسيخ قيم التطوع وحماية الأطفال أثناء الكوارث والحروب

أُعلن مؤخرا عن تأسيس هيئة على المستوى العربي تحمل اسم “فريق ريان التطوعي”، بإشراف من شبكة القرويين للتنمية والحكامة من المغرب، ومنصة “فيجن”، إلى جانب منصة “بيفول” الدولية، وذلك مباشرة بعد واقعة الطفل ريان أورام الذي تم انتشاله بعد مرور 5 أيام من سقوطه في بئر ضيق بقرية إغران بإقليم شفشاون.

وتهدف هذه المبادرة التي أطلقها نشطاء وهيئات من عدد من الدول العربية، إلى مساعدة الأطفال في الظروف الصعبة، بغض النظر عن جنسياتهم وأماكن وجودهم، وتضم متطوعين ومهتمين في مجال التطوع ودعم وحماية الأطفال.

وبحسب الأوراق التعريفية للفريق، فإن من مهام هذه المبادرة، تقصي حالات الأطفال التي تحتاج مساعدة في مختلف الدول، وتسليط الضوء على معاناة الأطفال، والتحرك السريع لتقديم العون لهم، إضافة إلى تدريبهم على ملهارات للتغلب على الظروف الصعبة التي يمكن أن يمروا بها.

وفي هذا الصدد، عقد القائمون على هذه المبادرة، الملتقى الدولي الأول لــ”فريق ريان التطوعي”، نهاية الأسبوع المنصرم، عبر تقنية التناظر المرئي، بمشاركة أزيد من 160 ناشطا عربيا، وذلك لمناقشة سبل تفعيل مهام هذا الفريق ومختلف المجالات المرتبطة بعمله.

وكان لافتا الحضور البارز للمشاركون من دول العراق، حيث بلغ عددهم 54 شخصا، إلى جانب 23 من السعودية و20 من مصر و14 مغربيا ومثلهم من الجزائر، إلى جانب 22 مشاركا من دول عربية أخرى.

الملتقى الذي سيره الناشط المغربي حسن مشهور، عرف تقديم فكرة فريق ريان التطوعي وتصوره الأولي من طرف أحمد مزهار، رئيس شبكة القرويين بالمغرب، حيث أبرز أن هذه المبادرة تبتغي تسليط الضوء على معاناة الأطفال وإطلاق مبادرات موحدة لتحسين وضعياتهم.

وأشار مزهار إلى أن الفريق يروم تقديم أفكار مشاريع تُحسن من وضع الأطفال وتعزز تمتعهم بحقوقهم، مع تدريب العاملين معهم وتقوية قدراتهم، بالموازاة مع الاشتغال على بحوث، والتشبيك بين مختلف المؤسسات العاملة في مجال الطفولة.

ولفت المتحدث إلى أن الفريق يستهدف، أساسا، الباحثين والإعلاميين والمشاهير والمؤثرين، فيما يتكون فريق ريان التطوعي من فريق قيادة وتنسيق، فريق الحملات الإعلانية، فريق المشاريع، إلى جانب فريق البحث، حسب قوله.

من جانبه، عرض بشار الحراكي، مؤسس منصة “بيفول” (BEVOL) الدولية من سوريا، فيديو يلخص أحداث واقعة ريان ويظهر معاناة أطفال المخيمات السورية، وخصوصا عدم الاستفادة من التعليم، بالإضافة لقصة الطفل المصاب بالسرطان بألمانيا.

وأوضح الحراكي أن منصة “بيفول” تنطلق من شعار “معا نستطيع أن نفعل الكثير”، داعيا إلى الانضمام إليها وقدم شرحا حول طريقة التسجيل والانضمام للمنصة التي تعتمد على مجموعة من المنظمات المحلية والدولية.

قراوي بومدين من الجزائر، رئيس منصة الإغاثة، أبرز في مداخلة له في الملقى أن العمل الإغاثي هو علم يدرس في كبريات الجامعات، ويعمل على رعاية الطفل منذ وجوده في بطن أمه في أماكن النزوع و الحروب.

واقترح المتحدث برامج تراعي العمل الإغاثي في مجالات الصحة والتغطية والتعليم والسكن والمخيمات وإكراهاتها إلى جانب المجال النفسي ومجال الاستقلال المادي والاقتصادي لأولياء الأطفال.

وشدد على أن التدخلات ذات الأولوية تمكن في الإغاثة العاجلة والتعليم الاستعجالي والطب النفسي والفئات الخاصة والتوعية والتحسيس لمحيط الطفل، إلى جانب التدريب والتكوين للطفل، حيث طرح إشكالية أولوية التدخل بين الحالات وآليات رالصد من أجل الاستشراف ووضع خطط استباقية.

وفي مداخلة للصحافي المغربي محمد عادل التاطو المملكة الذي واكب تغطية حادثة ريان مع مجموعة من القنوات والمنابر الإعلامية الدولية والعربية، أبرز المتحدث أن حادثة ريان ستبقى ملحمة إنسانية استطاعت تسليط الضوء على العمل الإغاثي والتطوعي.

وأشار التاطو إلى أن الإعلام المغربي أعطى قيمة كبيرة لقضية ريان، وكان له دور كبير في إظهار أهمية العمل التطوعي وإبراز الوجه المشرق للإعلام العربي والمغربي، مبرزا مجموعة من التحديات الجغرافية والتقنية والصعوبات التي واجهت الإعلاميين في تلك التغطية.

وأضاف الصحافي أن ملف الطفل ريان رحل لكنه ترك للعالم رسائل بليغة، على رأسها وجوب الاتعاظ وأخذ الدروس من مشاهد التضامن والتآزر التي طبعت المأساة، وإعادة الاعتبار لأهمية الروح البشرية وقدسيتها، وضرورة الاهتمام بالأطفال وحمايتهم، مشددا على أن هذا الملتقى هو مبادرة مهمة في هذا الصدد.

من جانبه، قام عبد المنعم الحمود، المدير العام لمنصة “فيجن” من السعودية بالتعريف بهذه المنصة والفعاليات المتنوعة المجانية التي تقدمها بشكل يومي، ومن بينها ورش عمل خاصة بالأطفال، داعيا إلى الانضمام إليها عن طريق كل قنوات الاتصال الافتراضي.

وعقب ذلك، اعتبر غياث أحمد دك، المدير التنفيذي لمركز مكر للدراسات والتطوير من سوريا، أن كل يوم يتطوع عدد كبير من الشباب ليجدوا أنفسهم أمام ما يرونه من حالات صعبة، فيما أشخاص آخرون قد بردت مشاعرهم وأصبحوا يتعاملون كموظفين فقط.

ويرى المتحدث أن الشعور بالمسؤولية كبير عند المتطوعين لمن يستحق المساعدة، موضحا ان المتطوع يحمل رسالة وعليه أن يغلب العقل على العاطفة دون أي رياء أو تحيز، مضيفا أن الشعب السوري عانى كل أشكال الظروف القاسية والكوارث، والفرق التطوعية هي من تخفف من حدة هذه المعاناة.

ومن الأردن، قالت ياسمين كفراوي، ممثلة جمعية باب الخير للعمل التطوعي، إنه تثمن توجه جمعيتها للتشبيك مع فريق ريان، معتبرة أن العمل التطوعي ينظم من طرف جمعيات ومنظمات غير الربحية، مما يجعله يعاني من تحديات أصعب ما يكون في التنظيم والتسويق والموازنة.

وقالت المتحدثة إن جمعية باب الخير الأردنية تقوم على الاشتغال على فئة اليافعين الأيتام من خلال تدريبهم وتمكينهم اقتصاديا هم وأمهاتهم، معتبرة أن التنسيق مع فريق ريان التطوعي سيكون رافعة لعمل الجمعية.

وفي مداخلة من العراق، أوضح عمر حازم الراشدي، قائد فريق أطباء الخير التطوعي في بلاد الرافدين، أنه في ظل الظروف الصعبة، تقوم الفرق التطوعية بدور فعال في تقديم الدعم النفسي والطبي للأطفال لما يعانونه في ظل الحروب والمآسي والظروف القاسية الصعبة.

وأشار إلى أن التأثيرات النفسية تكون كبيرة وصادمة، مما يستدعي تظافر الجهود التطوعية لمساعدتهم نفسيا وتربويا وطبيا بوعي ومسؤولية، داعيا إلى تدريب الفرق التطوعية على إعداد خطط مدروسة وبرامج نفسية وترفيهية تساعد الأطفال على استعادة توازنهم النفسي، وذلك عبر الإرشاد النفسي والطبي.

وأبرز المتحدث أن هذه الخطط تقوم على تقديم الإرشاد النفسي للأطفال الذين تعرضوا للصدمة عبر الزيارات المنزلية الدورية لأهاليهم، وتدريب المتطوعين على آليات التفريغ النفسي للصدمة، مع تأهيل ذوي المصابين للتعامل مع أطفالهم عبر آليات الإسعاف الأولي لتفريغ الصدمة.

كما شدد على ضرورة متابعة الأطفال الذين تعرضوا لهذه الصدمات عن طريق التنسيق مع مؤسسات الدعم النفسي أو منظمات المجتمع المدني، وتشكيل فرق للدعم النفسي وطبي في كل مدينة أو دولة، إلى دانب وضع آليات علاج وإرشاد نفسي من خلال خطط مدروسة.

ومن الجامعة الإسلامية بغزة في فلسطين، عبر أشرف مقداس، مشرف الأنشطة والعمل التطوعي بالجامعة الإسلامية، عن دعمه ومساندته لفكرة ورؤية فريق ريان التطوعي، مشيرا إلى ضرورة إعداد بحوث علمية تساعد في تطوير ومأسسة العمل التطوعي، من أجل النهوض بالطفولة العربية وأطفال العالم.

وعرف الملتقى مداخلات لمجموعة من المشاركين من عدة دول عربية، خلصت إلى تقديم اقتراحات، أبرزها منح عضوية فريق ريان للراغبين من كل أنحاء العالم، والعمل على مشروع قرية سكنية باسم ريان، ومشروع رعاية الطفل المؤقت عبر مركز للرعاية.

كما اقترح المشاركون تنظيم مبادرة توعوية بأخطار السيول، وطلب تكريم “عمي علي الصحراوي” الذي ساهم بشكل كبير في عمليات الإنقاذ خلال واقعة الطفل ريان، وتقديم مبادرة تعليم أطفال سوريا من التعليم عن بعد.

وشددوا على ضرورة طرح مبادرات من أجل مواجهة المتاجرة بالأطفال في الدعارة والمخدرات وغيرها من المخاطر التي تمس حقوق وكرامة الأطفال، مع التفكير في تهييء بنية تحتية خاصة بالعمل التطوعي، واستبدال مخيمات الأطفال اللاجئين بمباني، وتوفير كل الاحتياجات الضرورية إداريا وإنسانيا للأطفال المشردين.

وتم، أيضا، اقتراح عرض حول التجارب الناجحة في العمل التطوعي، وخصوصا الإغاثي، في الملتقى القادم، من أجل الاستفادة منها، مع اقتراح مجموعات وفرق التطوع متخصصة في التعامل مع الأطفال في كل الدول العربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *