أخبار الساعة

التنمر الزوجي .. المدمر الخفي للعلاقات الأسرية

يعتبر التنمر من أخطر اختلالات العلاقات الاجتماعية وأمراضها، وقد يتسلل في غفلة من الزوجين إلى الحياة الزوجية فيدمرها ويجعل الأضعف في العلاقات الأسرية يعيش في جحيم دائم.

ولتقريب مفهومه، يمكن القول إن التنمر هو شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف (في الغالب جسديا)، وهو من الأفعال المتكررة على مر الزمن والتي تنطوي على خلل (قد يكون حقيقيا أو متصورا). ولا يتخذ التنمر شكلا واحدا، فقد يكون لفظيا أو جسديا أو حتى بالإيماءات، ويمكن أن يكون التنمر عن طريق التحرش الفعلي والاعتداء البدني، أو غيرها من أساليب الإكراه الأكثر دهاء مثل التلاعب.

ورغم أن العنف الزوجي يتسبب فيه الرجال أكثر من النساء، إلا أن التنمر، بصفته أحد أنواع العنف، قد يقع من الرجل كما يمكن أن يقع من المرأة.

فماذا لو كان أحد الزوجين يتعرض للتنمر؟

بالتأكيد سيكون الوضع حساسا للغاية، فقد لا يتنبه البعض إلى أنه في وضعية تنمر، ويعتبرونه مجرد خلافات تحدث بين كل الأزواج، ويشكل عائقا أمام مستقبل الأسرة وسببا في فشل العلاقة الزوجية، وغياب التراحم والمودة، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ”الصمت الزوجي”، و”الاكتئاب الأسري”، حسب “الجزيرة نت”.

ولأهمية هذا الأمر وحساسيته، حسب نفس المصدر، إليك طرق التعامل مع الزوج المتنمر، ومحاولة الإجابة على أسئلة محورية في هذا الشأن: هل يمكن تغيير طباع الزوج المتنمر؟ وكيف يمكن الوصول إلى حلول معينة لاستعادة الحياة الزوجية السعيدة؟

وصلت إلى طريق مسدود معه..

تقول سارة (اسم مستعار) بحزن وألم بأن زوجها منذ سنتين بدأت تظهر عليه علامات التنمر، وأهم هذه العلامات تمثلت بكثرة اللوم والصوت العالي والغضب الدائم مع الانتقاد المستمر للطعام والملابس، إضافة إلى افتعال المشاكل اليومية والتجاهل المتعمد.

وأصبح لا يتحدث معها أمام الأولاد إلا بنبرة عدائية والصراخ في وجهها بدون سبب أو أي مبرر، كما أن مزاجه متقلب باستمرار، ولا يعجبه أي شيء، ويحاول بشتى الوسائل توجيه الاتهامات الباطلة لبدء الشجار معها.

وتستطرد “سارة” بأنها حاولت معرفة سبب كل هذه المشاكل وحل الخلافات بهدوء، لكن زوجها رفض بسخرية وحاول إهانتها عدة مرات، فوصلت إلى طريق مسدود معه، لدرجة أنها فكرت بالانفصال لأن الحياة معه باتت لا تطاق.

وحتى أولادها وصلوا إلى حالة من القلق والتوتر الدائم ولا يرغبون في وجوده بالمنزل، فحاولت “سارة” التحدث مع أهله لكنها لم تصل إلى حل، فراودها الشك بأنه يفتعل التنمر لإخفاء حقيقة ما؛ ربما خيانة أو شعور بالنقص.

وتنهي سارة كلامها للجزيرة نت بأنها لم تجد حلاً لمشكلتها العائلية، وتعيش في هذه الدوامة وهذا الإحساس بعدم الأمان وعدم الاستقرار وعدم الثقة وفقدان الحب والاحترام والمودة.

التنمر يؤدي إلى الإيذاء الجسدي

من جهتها، تقول سحر زغلول -للجزيرة نت- إنها تطلقت بسبب تنمر زوجها، فكل حياتها الزوجية مواقف مهمة وحيوية بالنسبة لها، ولكن أكثر المواقف إيلاما كان فقدانها جنينا بسبب ضرب زوجها لها.

ففي بداية الحياة الزوجية، كان يستخدم أسلوب الضرب من أجل الدعابة، ولكن مع استمرار الحياة الزوجية تحول إلى غضب وعنف للتعبير عن نفسه من خلال إسقاط مشاعره عليها بدون مراعاة مشاعرها، كما تقول.

وفى إحدى المرات تعرض لمشكلة في العمل، فتعامل معها بأسلوب العنف اللفظي، وعندما طلبت منه الهدوء للتفاهم استخدم العنف الجسدي لدرجة لا تحتمل، وهذه كانت النهاية.

كيف يمكن التعامل مع الزوج المتنمر؟

تبين المستشارة الأسرية والتربوية ايفان الحايك أن التنمر الزوجي هو تعمد الزوج أو الزوجة إيقاع ضرر نفسي أو عاطفي أو جسدي على الطرف الآخر بدون أن يكون هناك سبب يدعو لذلك، فإن كان هناك سبب، يصبح الأمر عنفا زوجيا وليس تنمرا. كما أن ممارسة هذه السلوكيات أمام الأطفال الصغار تجعلهم يظنون أن هذه الطريقة هي المثلى لفرض الشخصية على الطرف الآخر.

والتنمر بين الزوجين من أهم أسباب الطلاق بين الزوجين، لما فيه من إهانات وعدم ثقة وردود فعل عنيفة. وقد يكون سبب التنمر الزوجي الخوف من الخيانة أو اكتشاف خيانة الطرف الآخر.

كما يقف حب السيطرة وراء العديد من المشاكل التي يمكن أن تصيب الزوجين، بينها التنمر، وذلك انطلاقا من الرغبة في البقاء محط أنظار الجميع. ويمكن للمعاناة من نقص ما في الشخصية أن يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس، وبالتالي الميل للسيطرة على الآخر من أجل تعويض هذا النقص.

وتؤكد الحايك أنه من المفيد أن ينشغل الزوج بمزاولة أي هواية يحبها كرياضة المشي أو لعب كرة القدم، وإشراكه ببعض أمور البيت كشراء المستلزمات وإشعاره بأهميته، ومحاولة استيعاب ما يمر به من متاعب.

اعتماد ثقافة الرحمة والمودة والاحترام

وتؤكد الحايك أهمية وقوف الزوجة في مواجهة زوجها من أول موقف تنمر منه؛ لأن ذلك يساعده على تغيير أفكاره وسلوكه الخاطئ، كما سيساعد الزوجة على إيجاد وسيلة لتجاوز هذه الأزمة، وتخطيها بأقل الأضرار.

وبحسب الحايك، لا بد من اعتماد ثقافة الرحمة والمحبة والاحترام والتقدير والتفهم بين الزوجين بشتى الوسائل والسبل، وإن تطورت الأمور نحو الأسوأ، فلا بد من تدخل مصلح بينهما، واللجوء إلى مستشار أسري ليرشدهما إلى الحل، وإن لم يجد ذلك نفعا وبدأ المتنمر بالتمادي، فالفراق حينها هو الحل السليم.

التعامل الصحيح مع الزوج المتنمر

برأي الحايك، لا بد من اعتماد بعض النقاط الرئيسية في التعامل الصحيح مع الزوج المتنمر، ومن أهمها:

  • توقفي عن اختلاق الأعذار له: في كل مرة تقولين لنفسك “الأمر ليس بهذا السوء”، “هو ليس دائمًا هكذا” إلى آخره، هذا هو بالضبط ما يجعل المتنمر يستمر في التنمر، ويبرر سلوكه السيئ بتذكير ضحيته بالأوقات السعيدة الأخرى، فحتى إذا كان زوجك يتنمر فقط في جزء من الوقت، فأنت تستحقين أن تكوني سعيدة طوال الوقت، وأطفالك يستحقون حياة أسرية أفضل دائمًا.
  • كوني حازمة وواضحة: المتنمر يكون لديه وسيلة لاستهداف أولئك الذين ليس لديهم حدود واضحة في تعاملاتهم، لذا استخدمي لغة مباشرة حازمة لوضع الحدود؛ بأن تقولي له ما يزعجك بالتحديد بلغة واضحة، وإذا واصل التنمر كوني حازمة كأن تقولي له: “إذا واصلت هذا الأسلوب سأقوم بكذا وكذا”، وإذا لم يلتزم نفذي بالفعل.
  • عدم اعتماد العدوانية: حافظي على هدوئك ولا تصرخي أو تصدري تهديدات فارغة أو تردي على زوجك بطرق مسيئة، لأن هذا لن يؤدي إلا إلى تصعيد الموقف، ويخلق حلقة لا تنتهي من الإساءة بينكما، فإذا لم تتعاملي مع الأمر بطريقة صحية وعاقلة، فكيف تتوقعين أن يستجيب زوجك؟ لكن بدلًا من ذلك، تحدثي معه بهدوء عن ما يزعجك مع الالتزام بالتحديد والحزم.
  • لا تكرري الخطأ نفسه: عدم اللجوء أيضا إلى التنمر كي تردي على زوجك في محاولة منك لإيقافه.
  • عدم إظهار أي رد فعل: عندما يقوم هو بالتنمر فسيزداد فرحا لدى رؤيتك منزعجة ومتوترة.
  • صارحيه بحرية تامة: بأن تصرفاته غير مقبولة، ومواقفه جارحة ولا تليق به، وحاولي إقناعه بأن هذا سيؤثر على علاقتكما، وسيزيد من خلافاتكما وأنك لا تريدين خسارته جراء التنمر.
  • لا تتجاهلي هذا التصرف: بعد لفت نظره إلى الموضوع، لاحظي باستمرار إذا كان سيتغير وأنه سيكون أكثر جدية تجاه هذا الموضوع، ودائما لا تتجاهلي هذا التصرف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *