وجهة نظر

شجاعة إعادة النظر عند عصيد

انبرى الأستاذ أحمد عصيد يدافع عن حقوق المرأة وحمايتها من العنف المتعدد الأشكال الذي يلحق النساء داخل المجتمع نتيجة عدة عوامل أهمها الجهل الذي يتخبط فيه الأفراد والجماعات ذكورا وإناثا. ومن الجهل أن يقتحم كاتب مجالا غير ذي دراية به، فقط بمبرر الدفاع عن فئة أو جهة معينة.

الدفاع عن كل مظلوم سلوك نبيل وفعل محمود ، لا يمكن لذي عقل إلا أن يثمنه و ينخرط فيه ، وذلك بغض النظر عن الطرف المعتدى عليه أو الجهة الممارسة للظلم والعدوان. وينبغي للعقلاء والشرفاء في كل مجتمع التصدي للظلم والاعتداء على حريات الناس وكرامتهم وحقوقهم بكل حزم، وان يتواضعوا على وضع ٱليات لذلك من دون تحفظ او تحيز إلى فئة أو خضوعا لخلفية إيديولوجية أو سياسية أو دينية. وهذا ما يعلم غالبية المغاربة وخاصة المتابعين منهم للواقع السياسي والثقافي بالمغرب أن الاستاذ عصيد بعيد عنه كل البعد ، وهو الذي لا يحلو له الحديث أو التحرك إلا عندما تثار الشبهات حول الشريعة الإسلامية ومعتقدات المغاربة.

تكلم الأستاذ عصيد بكل جرأة وشجاعة عن أهمية حماية المرأة من “العنف الزوجي ” وأشار إلى تجريمه، لكنه قفز في خطوة فجة إلى الدعوة إلى مراجعة “مضامين النصوص الدينية ” ووضعها في ” سياقاتها السوسيوثقافية والسياسية وتقديم بدائل في الفهم والتفسير من داخل المنظومة الدينية نفسها ” ، لكنه في الوقت نفسه يدعي أنها ” خطوة غير ممكنة بدون تغيير قواعد التفكير التي ظلت جامدة على مدى 1200 سنة ومنها القاعدة الفقهية القائلة بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أو القائلة بأولوية النص على العقل ، أو القائلة ب ” لا اجتهاد مع وجود نص ” .
وهذا ما يجعل القارىء بجهد قليل يدرك أن قصد الأستاذ عصيد ليس حماية المرأة وضمان حقوقها كاملة ، وانما نقد قواعد الدين والتشكيك في أصوله، على الرغم من عدم تخصصه ودرايته بعلوم الشريعة الإسلامية الكثيرة والدقيقة.

طالب كذلك الأستاذ عصيد ” المرجعيات الفقهية” بالتحلي بشجاعة إعادة النظر في التفاسير القديمة ” وهو أمر حاصل ومعروف في تاريخ المسلمين، إذ أنه من المسلم به في تاريخ المسلمين أن لكل زمان ومكان اجتهاداته وعلماؤه الذين يعملون على استخراج الأحكام الفقهية المطابقة لحاجات الناس في واقعهم اليومي . ولا أدل على ذلك من حياة المسلمين في الغرب حيث يجتهد أولوا العلم والدراية على مطابقة أحكام الشرع ونصوصه لحاجات المسلمين واوضاعهم الاجتماعية والسياسية والثقافية.

والحق يقال أن من عليه التحلي بشجاعة إعادة النظر في ٱرائه وقناعاته هو الأستاذ عصيد ، ذلك أنه يخبط خبط عشواء في كتاباته ، ويخلط إلى درجة التناقض في مواضيع مقالاته وما تخطه يمينه. فهو على الرغم من ” حداثته ” و ” تنويره” و عدم إيمانه بالمطلق من الافكار والأحكام. إلا أنه لا يتورع في وسم غيره بها، كما فعل بشيخ الازهر حيث يسمه ويجبره بأنه ” لابد أن ينفض الغبار عن دماغه ويستعمله ولو لبرهة ، وهو ما لا يستطيعه، لأنه ثبت في ذهنه أن العلم هو التكرار الببغائي” .

ثم هو يزعم في موضع أخر أن نصوص الإسلام ” لم تعد تطابق أي واقع إنساني معاصر “. ولا أدري كيف ينظر الأستاذ عصيد إلى هذه الاعداد الغفيرة من الأمة الإسلامية التي تحيا إسلامها بأبعاده المختلفة وبيئاته المتنوعة بكل عفوية ومرونة، ولا يثير ذلك أي حرج أو تعارض مع مستجدات الواقع. بل إن مستوى التدين لدى المسلمين قد أثار اهتمام الغرب حكاما وشعوبا بشكل جعلهم يتجاوبون مع الإسلام والمسلمين اعتناقا وتعايشا.

من حق الأستاذ عصيد أن يعبر عن ٱرائه ومواقفه بكل حرية وجرأة، لكن من حق القراء كذلك في هذا البلد وغيره من البلدان الإسلامية أن يدعونه إلى احترام عقولهم وحاسة التفكير والتحليل لديهم، وان يخبروه بان حقوق المراة كاملة لا تنتقص ولا تجزأ، وانه هو من أكثر من يحب إلزامه باحترامها ، فإن في بعض ممارساته ما يتنافى مع ذلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *