مجتمع

الحضرة والجذبة وتلبية رغبات الجن .. وجه آخر لعيد المولد

يتجدد مع كل مناسبة تصادف ليلة المولد النبوي، الحديث عن الطقوس الروحية التي تصاحب هذه الليلة من “حضرة” و”جذبة” و”تحيار” وغيرها.

وبالرغم من أن طقس “الحضرة” له قدسيته لارتباطه بمجالس الذكر الجماعية التي كان ولا يزال يؤديها المسلمون المنتمون للطرق الصوفية السنية، عبر أمداح وأذكار للوصول والسمو بأنفسهم للحظة الصفاء والتطهير الروحي، إلا أن هذا الطقس بدأ ينزاح عن أصله لاعتماده بدعا لا تمت للدين بصلة.

طقوس “الحضرة”

وتتعدد أساليب وطقوس الحضرة أو “الجدبة” التي يؤديها “عيساوة” أو “المجاذيب”، لعل أبرزها هو التناوب على ارتداء الألوان المحببة للجن، زمنها اللون الأحمر وهو لون الدم الذي يتسبب في “تهيج العيساوي” والجن الذي يصاحبه واسمه “لالة مليكة”، واللون الأسود الذي يحيل على الجنية “لالة عيشة”، والأصفر الذي يحيل على الجنية “لالة ميرة”، والأزرق الذي يحيل على الجن “سيدي موسى”، واللون الأبيض الذي يحيل على الجن “شمهروش”.

“الجذبة” أو “التحيار”

هي طريقة تتمثل في عزف فُرق كـ”كناوة” و”حمادشة” و”جيلالة” و”عيساوة”، لألحان متنوعة عبر دق “الطبول” والنفخ في المزامير أو “الغيطة” وغيرها، “يغيب” معها المستمع أو “المجذوب” في دروب “التحيار”، فترى الجميع يدخل في جو الرقص بطريقة هستيرية، ويقال أنه كلما اشتدت الموسيقى وكانت صاخبة، كلما غاب “المحير”، عن محيطه الخارجي.

ويقوم الشخص “المحير”، بحركات دائرية، مع تحريك الرأس يمينا وشمالا، ليسقط بعدها مباشرة على الأرض فيغمى عليه، وبعد مدة يستفيق من سباته، إذ يقال أنه يشعر باستقرار نفسي وصفاء روحي لخروج الأرواح الشريرة من جسده.

التبرك بالدم

عندما ينغمس “المجاذيب” أو “عيساوى”، في طقوس “الحضرة” ينعزلون عن العالم الخارجي، فتراهم يمارسون طقوسا غريبة، منها ضرب أجسادهم بسكاكين إلى أن يسيل منها الدم، وهنا يقال على أنهم يكونوا في تواصل مباشر مع ملوك الجن.
وبالإضافة إلى ضرب الجسد، يشرع هؤلاء أيضا في شُرب الماء الساخن كما يقومون بكسر الزجاج وأكله والسير من فوقه، وكذا أكل الشوك.

كما يقومون أيضا بذبح “عتروس” أسود، فتشرع النسوة اللواتي يشاركن في “الحضرة” بالتهافت على أخذ دمه ومسح وجوههم به قصد جلب السعادة والرزق والحظ، ونتف شعره للتبخر به.

القربان

لابد من أن يلي طقس “الحضرة”، طقس آخر يتمثل في تقديم القربان لملوك الجن، عبر أطباق تضم التين المجفف، والتمر والحليب والسكر والشموع وكذا البخور والحناء والعود، ليتبركوا منها، ولأخذ رضاهم. كما تضم هذه القربان أيضا، الأضحية من “ماعز” و”عتروس” و”أبقار”، التي يتم ذبحها وتقديمها لهم.

وبعد الانتهاء من جميع الطقوس، يتم الشروع في توزيع الأكل الذي يجب أن يطهى بدون ملح لاعتقادهم بأن الجن تأكل من نفس أطباقهم فيحبذونها دونما ذلك.