مجتمع

يتيم يدافع عن تعليق عقوبة الإعدام بالمغرب ويعتبر التضييق على ثقافة القتل والقصاص توجها عاما في الإسلام

دافع القيادي البارز في حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، محمد يتيم، على تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام بالمغرب، معتبرا أن التضييق على ثقافة القتل والقصاص يُعد توجها تشريعيا عاما في الشريعة الإسلامية.

واعتبر الوزير السابق في حكومة العثماني، أن قاعدة التخيير في القصاص وفي حد الحرابة في الإسلام، تشكل مدخلا لمراجعة أو تعليق عقوبة الإعدام، داعيا إلى تضييق حالات تطبيق هذه العقوبة إلى الحد الأقصى في القانون الجنائي المغربي، وفي الممارسة أيضا.

جاء ذلك في 4 مقالات نشرها يتيم على صفحته بموقع “فيسبوك”، قال إنها تدخل ضمن دراسة سابقة له غير منشورة حول عقوبة الإعدام، مشيرا إلى أن تطرقه لهذا الموضوع يهدف إلى الإسهام في تحريك عجلة التفكير في عدد من القضايا الحساسة التي ما فتئت تثير اختلافا في وجهات النظر، ومنها عقوبة الإعدام.

وعلى عكس غالبية أعضاء الحركة والحزب، يرى يتيم بأن تضييق الشريعة الإسلامية على ثقافة القتل والقصاص يشكل فرصة لمراجعة الموقف من عقوبة الإعدام، مشددا على على أن التوجه التشريعي العام للشريعة الإسلامية متجه إلى إعطاء الأولوية للحق في الحياة على حق الحق في القصاص.

يقول يتيم: “يقف كثير منا إلى موقف رافض للدعوة إلى مراجعة أو تعليق عقوبة الإعدام، ودن شك فإن أهم حائل يحول بينهم وبين ذلك هو حرجهم من أن يكون في هذا الموقف تعارض مع الشريعة التي تقر مبدأ القصاص واعتقادهم أنهم بذلك سيتبنون موقفا معاكسا لأمر محسوم به من الناحية الشرعية”.

وأوضح أن القانون الجنائي المغربي يعطل اليوم كثيرا من أحكام الشريعة أو الحدود التي تذهب إلى حد الإعدام، كما هو الشأن في الزنا والردة والسرقة وكثير من حالات القتل العمد، مما لا يكون معه من الصواب الدفع بالجانب الشرعي من المسألة والاحتجاج بالأحكام التي ورد فيها “القتل” أو الحكم بالإعدام على رفض تعليق ومراجعة عقوبة الإعدام.

وأشار هنا إلى أن كثيرا من أحكام الشريعة قد نسخت نسخا فعليا رغم أنها لم تنسخ شرعيا حسب قواعد النسخ المعروفة عند علماء الإسلام كما هو الشأن بالنسبة لأحكام الرق والتسري وملك اليمين، موضحا أن عددا من الحدود مثل الردة والسرقة والزنا تم توقيفها عمليا، كما أن القانون الجنائي المغربي لم يأخذ بها.

ويرى يتيم أن عددا من القرائن ترجح أن كثيرا من أحكام الشريعة محكومة في تطبيقها بمراعاة المال وتخضع لقاعدة “التخيير”، كما أن أحكاما وردت فيها عقوبة القتل تدخل في باب التعزير الذي يرجع فيه النظر إلى “الأمام” أو الدولة بمؤسساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية، فيما يمكن للإمام أن يدرأ الحدود بالشبهات ويستبدل أو يضيف عقوبة تعزيرية.

وأضاف في هذا الصدد أن من القواعد المقررة شريعة قاعدة درء الحدود بالشبهات، ومراعاة المالات عند الإجراء والتنفيذ، مما يستدعي العدول عن إجرائها وتطبيقها لعدم تحقق مقاصدها إلى غيرها مما يمكن أن يقدر اجتهادا.

واعتبر أن تشريع القصاص في الشريعة كان تعاملا يراعي ثقافة كانت منتشرة في الجاهلية، عمل الإسلام على تهذيبها ومحاصرتها تدريجيا من خلال التشريع وتغيير الثقافة، شأنها في ذلك شان أحكام التسري، مما يجعل من حكم القصاص حقاً من حقوق الجماعة، أي أن الأمر يرجع فيه إلى الجماعة وتقديرها وثقافتها، وأنه يمكن العدول عنه إلى العفو أو عقوبة تعزيرية تحمي المجتمع من الثارات والأحقاد والحروب المتواصلة.

وكشف المصدر ذاته أن قرار القصاص في الشريعة الإسلامية جاء كي يعالج حالة اجتماعية كان الثأر فيها عملة رائجة وثقافة سارية، حالة كانت تسفر عن حروب قبلية طاحنة لا تكاد تنتهي في الجزيرة العربية، قبل أن يكبح الإسلام  هذه الحالة من الإسراف في الدم والإسراف في القتل من خلال عدة مداخل تربوية.

وأوضح أن الإسلام أعاد ترويض نفسية العربي في الجاهلية والتسامي بها عن غريزة القتل التي تحولت إلى حالة اجتماعية وثقافية مترسخة، وذلك من خلال إعادة الاعتبار لحرمة الزمان (الأشهر الحرم) وحرمة المكان (الحرم المكي)، فحرم القتل والاقتتال في الشهر الحرم كما حرم الصيد البري لما فيه من قتل ومن استدعاء لغريزة القتل وسفك دم الصيد.

ومن الملفت للانتباه والتوقف عند التعقيب الوارد في أية القصاص، يقول يتيم، فتح إمكانية العفو من أهل القتيل، حيث يشير إلى أن التوجه التشريعي العام إذا كان هو إقرار مبدا القصاص وأن فيه حياة، فإنه أيضا هو التخفيف والرحمة، كما أن الشريعة أحاطت عقوبة القصاص بضمانات وشروط وموانع تضيق من تطبيقها إلى أقصى قدر ممكن.

وتابع أنه “لا يجوز أن نتصور القصاص اليوم من خلال المبادرة الذاتية لأولياء الدم وأهل القتيل، بل ينبغي أن يؤول إلى الدولة التي عليها أن تنظمه وتقننه باعتبار ولايتها العامة على المواطنين ونيابتها عنهم في ظل الدولة المعاصرة، إذ يجوز للدولة أو الإمام أن يجتهد في الأمر ويميل عن الإعدام إلى عقوبة بديلة على سبيل التخيير ومراعاة المآلات”.

وشدد على أنه لا ضير في اعتبار التوجهات الحقوقية الدولية في المسألة والانخراط فيها باقتناع، أمر معتبر عمل به الرسول صلى الله عليه وسلم حين عدل عن قتل بعض المنافقين حيث قال: “أخاف أن يتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه”، مع التأكيد على أن التأمل الدقيق والفهم المستوعب للشريعة ومقاصدها وقواعدها الكلية يفضي إلى إدراك علوية الشريعة وتقدمها في مراعاة حقوق الإنسان أكثر مما يمكن أن تراعيها أي شريعة أو شرعية أخرى.

واسترسل: “بذلك يلاحظ أن حكم القصاص حكم ديناميكي محاط بعدة شروط تتجه في المجمل إلى التضييق عليه، وأنه كان مرتبطا بحالة ثقافية سائدة هي ثقافة الغلبة والثأر، ولذلك لم يمنعه الإسلام لكن توجهه العام كان هو التضييق عليه ومعالجته، ولم يجعل القتل مقابلا للقتل بصفة آلية جريا على القاعدة التي كانت سائدة عند العرب والقائلة: القتل أنفى للقتل”.

انطلاقا من ذلك، يقول يتيم: “أرجح التوجه المعمول به في المغرب وهو تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام وتضييق حالات تطبيقه إلى الحد الأقصى في القانون الجنائي المغربي وفي الممارسة أيضا”، وفق تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ALBERT المراكشي
    منذ سنتين

    قال: [ معتبرا أن التضييق على ثقافة القتل والقصاص يُعد توجها تشريعيا عاما في الشريعة الإسلامية ].... قلت: وماذا درس يتيم أو عرف عن الشريعة الاسلامية التي يتطفل عليها؟؟؟؟ هل الحصول على الاجازة في الفلسفة ثم الانتماء لجماعة معينة يصير صاحبه عالما بشرع الله تعالى؟؟؟؟ قل رأيك بدون أن تربطه بشريعة الله... ولا تنس أنك أصلا أستاذ ثانوي في الفلسفة وليس في غيرها...