اقتصاد

النقد الدولي يفرض التقشف على الدول الفقيرة و “أوكسفام” تتهمه بازدواجية المعايير

أعلن صندوق النقد الدولي، عبر تقريرين منفصلين أصدرهما الثلاثاء، أن الأوضاع المالية العالمية تشهد تقلصا، بشكل ملحوظ، مشيرا إلى أن الآثار المشتركة للحرب في أوكرانيا والتضخم واستمرار جائحة كورونا زادت من المخاطر السلبية بشأن التوقعات الاقتصادية، محذرا من اندلاع اضطرابات اجتماعية.

ومن جهتها حثت منظمة أوكسفام، في بيان الثلاثاء، صندوق النقد الدولي على التخلي عن مطالبه بالتقشف لأن أزمة تكلفة المعيشة تفاقم الجوع والفقر في العالم.، واتهمت الصندوق بازدواجية المعايير.

لن يفلت أحد

حذر صندوق النقد الدولي من أن التضخم سيستمر خصوصا في البلدان الناشئة، حسب فرانس بريس. كما خفض بشكل حاد تقديراته لنمو الاقتصاد العالمي في 2022، بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا.

وحسب نفس المصدر، قالت الهيئة المالية الدولية أن نسبة النمو ستبلغ 3,6 بالمئة هذا العام بانخفاض 0,8 نقطة مئوية عن توقعات يناير. أما التضخم فيتوقع الصندوق أن تبلغ نسبته 5,7 بالمئة للدول المتقدمة (+1,8 بالمئة) و8,7 بالمئة (+2,8 نقطة) للاقتصادات الناشئة والنامية.

ولن يفلت أكبر اقتصادين في العالم من خفض تقديرات النمو، الذي تراجع في الولايات المتحدة بمعدل 0,3 نقطة إلى 3,7 بالمئة، والصين 0,4 نقطة إلى 4,4 بالمئة.

كما خفض صندوق النقد الدولي بشكل حاد توقعاته للنمو في بريطانيا، حيث يؤدي التضخم إلى تآكل القوة الشرائية للمستهلكين ويحد ارتفاع أسعار الفائدة من النمو.

وقال الصندوق إنه من المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3,7 بالمئة في بريطانيا، بانخفاض نقطة مئوية واحدة عن تقديرات يناير. وهذه النسبة قريبة من تقديرات حكومة المملكة المتحدة (3,8 بالمئة).

وفي دول منطقة اليورو، فإن التدهور أكبر مع توقع تحقيق نمو نسبته 2,8 بالمئة مقابل 3,9 بالمئة وفق توقعات يناير.

وخفضت تقديرات النمو لألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على روسيا للحصول على الطاقة بنسبة 1,7 بالمئة إلى 2,1 بالمئة.

أما إجمالي الناتج الداخلي الروسي ،فسيسجل انكماشا نسبته 8,5 بالمئة هذه السنة.

ورغم العقوبات المفروضة على موسكو، فإن الاقتصاد الأوكراني هو الذي سيتراجع بشدة، بنسبة 35 بالمئة هذا العام نظرا للدمار الواسع الذي أدى إلى هرب الملايين من سكانها.

وفي تقرير التوقعات الاقتصادية العالمية، الذي أصدره كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه غورينشاس، قال الخبير الاقتصادي، حسب أخبار الأمم المتحدة: إنه في بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة، بلغ التضخم أعلى مستوى له منذ 40 عاما. مضيفا أن هناك خطرا من أن يستمر هذا الأمر، وقد يتطلب اتخاذ إجراءات أكثر قوة من قبل البنوك المركزية. وأضاف أنه في سياق تشديد معدلات السياسة النقدية في جميع أنحاء العالم، يمكننا أيضا رؤية المزيد من عدم الاستقرار المالي، و إمكانية حدوث اضطرابات اجتماعية نظرا للزيادة في أسعار الطاقة والغذاء في العديد من البلدان.

سياسة التقشف مقابل الاقتراض

حثت منظمة أوكسفام صندوق النقد الدولي على التخلي عن مطالبه بالتقشف لأن أزمة تكلفة المعيشة تفاقم الجوع والفقر في العالم، وفق ما أوردت المنظمة غير الحكومية في بيان الثلاثاء.

وحسب الجزيرة نت، قالت المنظمة إن 87% من قروض صندوق النقد الدولي المتعلقة بكوفيد-19 تتطلب من البلدان النامية -التي حُرمت من الوصول المتكافئ إلى اللقاحات والتي تواجه بعضًا من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم- اعتماد تدابير تقشف جديدة صارمة لن تؤدي إلا إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة.

وأظهر تقرير جديد أعدته منظمة أوكسفام أن 13 من أصل 15 من برامج القروض التي تفاوض عليها صندوق النقد الدولي في السنة الثانية من الوباء تفرض تدابير تقشف جديدة، مثل ضرائب على المواد الغذائية والوقود أو تخفيض الإنفاق، مما قد يهدد الخدمات العامة الأساسية.

لكن أوكسفام أشارت إلى أن صندوق النقد الدولي عام 2020 خصص قروضا طارئة بالمليارات لمساعدة البلدان النامية على مواجهة كوفيد-19، بشروط قليلة في كثير من الأحيان أو معدومة.

ازدواجية المعايير

وأضافت المنظمة أن المديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا جورجيفا حثت أوروبا مؤخرا على عدم تعريض انتعاش اقتصادها للخطر من خلال “القوة الخانقة للتقشف”، في حين عاد صندوق النقد الدولي العام الماضي إلى فرض إجراءات تقشفية على البلدان المنخفضة الدخل.

ويرى نبيل عبدو -مستشار منظمة أوكسفام للسياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- أن “ذلك يوضح تمامًا سياسة المعايير المزدوجة لصندوق النقد الدولي: فهو يحذر الدول الغنية من التقشف، بينما يجبر البلدان الأكثر فقرا عليه”.

واعتبر عبدو أن الدول الفقيرة تحتاج إلى مساعدة لتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية، وليس إلى الظروف القاسية التي يواجهها الأشخاص عندما يكونون في الحضيض، مشيرا إلى أن الوباء لم ينته بعد وأن الدول الفقيرة هي الأكثر تضررًا من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

وأضاف عبدو أنه يتعين على صندوق النقد الدولي تعليق شروط التقشف على القروض الحالية وزيادة الوصول إلى التمويل الطارئ، وأن يشجع البلدان على زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، لتجديد الخزينة المستنزفة وتقليل التفاوتات المتزايدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *