سياسة، مجتمع

مجلس بوعياش يقيم حالة حقوق الإنسان في المغرب سنة 2021 ويرصد أوجه انتهاكها (فيديو)

قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقرير السنوي لسنة 2021، معتبرا أن ملامح حالة حقوق الإنسان بالمغرب تتحدد بشكل كبير من خلال استمرار الجائحة في إفراز آثارها الممتدة في الزمن.

ويعد هذا التقرير هو ثالث تقرير سنوي له عن حالة حقوق الإنسان، في ولايته الحالية، مشيرا إلى أن صدوره يشكل مناسبة لإثارة انتباه الحكومة وكل السلطات العمومية المعنية إلى الانتهاكات التي قد تطال الحقوق والحريات، ولدعوتها إلى معالجتها بما يتوافق مع التزاماتها الوطنية والدولية.

ويتضمن كذلك توصيات للحكومة والبرلمان والسلطات القضائية من أجل تعزيز حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وخاصة من خلال القوانين والسياسات العمومية والممارسات. كما أنه وثيقة يمكن أن يوظفها البرلمان في مجال ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، ومساءلة الحكومة عن سياساتها في مجال حماية الحقوق والنهوض بها.

ارتفاع عدد الشكايات والتظلمات

سجل المجلس، خلال 2021، ارتفاعا ملحوظا في عدد الشكايات التي توصل بها بالمقارنة مع سنة 2020، بلغت نسبته 19%، حيث توصل بـ 3018 شكاية وتظلم، مقابل 2536 سنة 2020، كما تزايد لجوء المواطنات والمواطنين للتشكي لدى اللجان الجهوية لحقوق الإنسان، معتبرا هذا التطور مؤشرا على تزايد الوعي بالدور الحمائي للجان الجهوية، في إطار تعزيز سياسة القرب التي انتهجها في إطار استراتيجية عمله.

بالمقابل، لم يسجل المجلس تفاوتات كبيرة حسب مجموعات الحقوق الأساسية، حيث بلغت نسبة الشكايات التي تهم الحقوق المدنية والسياسية 55.64%، في حين بلغت نسبة الشكايات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية 44.36 %.

وبخصوص مواضيع الشكايات، شهدت 2021 هيمنة الشكايات المتعلقة بأماكن الحرمان من الحرية وبسير العدالة، بنسبة 32.5% و19.72%، على التوالي، بينما شكلت ادعاءات المساس بالسلامة الجسدية نسبة 2.68%، والشطط في استعمال السلطة نسبة 2.82%، والمس بالحق في الصحة والحماية الاجتماعية نسبة 2.62%. في حين مثلت باقي مواضيع الشكايات نسبة 39.66%.

عدم استفادة المحكومين بالإعدام من العفو الملكي سنة 2021

سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان استمرار العمل بعقوبة الإعدام من الناحية القانونية، رغم التأصيل الدستوري للحق في الحياة وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص.

وبلغ عدد المحكوم عليهم بالإعدام، سنة 2021، 78 شخصا من بينهم سيدتان (24 ملفا من هذه الملفات لا تزال في طور المحاكمة)، ولم يستفد أي محكوم بالإعدام من العفو الملكي، وعمل المجلس ولجانه الجهوية على متابعة هذه الفئة من السجناء، حيث أجرى سنة 2021 تسع زيارات لمحكومين بالإعدام من أجل مراقبة أوضاعهم الصحية، خاصة المصابين بأمراض مزمنة وأمراض نفسية وعقلية، ومواكبتهم خلال مرحلة التقاضي، ودعم الموجودين منهم في وضعية هشاشة.

تزايد عدد الوفيات والإضراب عن الطعام بأماكن الحرمان من الحرية

حسب المعطيات المتوفرة لدى المجلس ولجانه الجهوية، تم تسجيل 87 حالة وفاة بأماكن الحرمان من الحرية خلال سنة 2021، وبناء على شكايات مباشرة أو باعتماد آليات الرصد، أجرى المجلس ولجانه الجهوية تحريات في حالات وفاة بعدد من أماكن الحرمان من الحرية (القنيطرة، بني ملال، الدار البيضاء، الداخلة، العرائش، طانطان، الجديدة).

وسجل المجلس أن حالات الإصابة باضطرابات نفسية أو عقلية، فضلا عن الاضطرابات الناجمة عن الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية، وتزايد حالات الانتحار ومحاولات الانتحار، تشكل مؤشرات مقلقة، تستوجب اتخاذ إجراءات فورية لمعالجتها، وذلك من خلال توفير المتابعة الطبية المستمرة، والموارد البشرية الكافية، وتوفير التدريب الملائم والملاحظة الدائمة للحالات المحتملة، وتعزيز التواصل مع العائلات بخصوصها.

تضاعف حالات الإضراب عن الطعام

أشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن عددا من المؤسسات السجنية سجلت، بإشعار المجلس ولجانه الجهوية بحالات الإضراب عن الطعام، والتي بلغ عددها 449 حالة خلال سنة 2021، في مقابل 224 حالة وصلت إلى علم المجلس سنة 2020.

وحسب المجلس، فإنه غالبا ما تعود أسبابها الى التظلم من المتابعات أو الأحكام أو القرارات القضائية، أو التظلم من الأوضاع السجنية، أو المطالبة بالترحيل، فيما أسفرت مساعي الوساطة التي قام بها المجلس ولجانه الجهوية في عدد من الحالات عن إقناع المضربين عن الطعام بفك إضرابهم.

المجلس ينبه لادعاءات التعذيب

تلقى المجلس ولجانه الجهوية، سنة 2021، 16 شكاية يدعي أصحابها التعرض للتعذيب، 9 منها ضد موظفين بمؤسسات سجنية، وأربع ضد عناصر من الأمن الوطني، وشكايتين ضد عنصرين تابعين للقوات المسلحة الملكية وشكاية واحدة ضد الدرك الملكي.

وقام المجلس ولجانه الجهوية بالتحري في هذه الادعاءات والاستماع إلى المعنيين والتواصل مع السلطات القضائية المختصة في الحالات التي كانت موضوع شكايات موجهة للقضاء. كما قام بزيارة المؤسسات السجنية المعنية بهذه الشكايات.

كما سجل المجلس فتح تحقيقات في بعض هذه الحالات وإحالة المتورطين على النيابة العامة، في حين بينت التحريات التي تم القيام بها تحت إشراف النيابة العامة، انعدام الإثبات في حالات أخرى.

وأشار المجلس إلى أن زيارات اللجان الجهوية إلى المؤسسات السجنية خلصت إلى أن بعض الادعاءات لا تتعلق بالتعذيب فعلا، وإنما بتظلمات تهم إعادة تصنيف المشتكين من الصنف “أ” إلى “ج”، أو التأديب أو التطبيب أو الترحيل إلى سجون أخرى، في حين تبين أن حالات تعاني من أمراض نفسية مزمنة أو عقلية، داعيا إلى ضرورة الإسراع بإجراء تحقيقات سريعة ونزيهة بشأن جميع ادعاءات التعذيب ونشر نتائجها.

ادعاءات سوء المعاملة

توصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ب 65 شكاية تتعلق بادعاءات سوء المعاملة (55 شكاية منها تتعلق بمؤسسات سجنية، وتسع شكايات بعناصر أمنية، وشكاية واحدة لشخصين بمركز تابع للدرك الملكي)، مضيفا أن المجلس ولجانه الجهوية قاموا بالتحري في هذه الادعاءات والاستماع إلى المعنيين والتواصل مع السلطات المعنية المختصة..

وحسب المجلس، فقد تبين أن المشتكين لم يؤكدوا ما ورد بشكاياتهم من ادعاءات، في حين أثار آخرون خلال الاستماع لهم معاناتهم من التصفيد والتصنيف أو معاملتهم بهاجس أمني وعدم إعادة النظر في التصنيف الذي يخضعون إليه، في حين أثار آخرون قضايا أو حقوق أخرى مثل التطبيب أو تغيير الزنزانة أو الترحيل إلى سجون أخرى أو التظلم من حكم قضائي أو طلب الحصول على جهاز الراديو والتلفاز.

وتم توجيه، يضيف المجلس، مشتكين لسلك المسطرة القانونية المعمول بها. ويطرح هذا الأمر قضية لجوء بعض السجناء إلى ادعاءات خطيرة مثل التعذيب وسوء المعاملة مقابل الاستفادة من خدمات أو تحقيق مطالب من اختصاص المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

ووفقا لمعطيات توصل بها المجلس من المديرية العامة للأمن الوطني، أصدرت المديرية العامة للأمن الوطني خلال سنة 2021 ما مجموعه 42 إجراء تأديبيا في حق موظفي الشرطة موضوع شكايات حول العنف وسوء المعاملة والتعذيب ضد الموقوفين، كما قامت بإحالة 25 موظفا على القضاء، ستة منهم من أجل قضايا تتعلق بالتعذيب وثلاثة من أجل سوء المعاملة وستة عشرة موظفا من أجل العنف.

اختلالات في القطاعات الحيوية بالمغرب

توصل المجلس، سنة 2021، بما مجموعه 22 شكاية همت طلبات للتدخل بخصوص الحق في الصحة، وخاصة ما يتعلق بالصحة الإنجابية، والفترة الطويلة التي تمنح في إطار المواعيد الطبية واستفادة مهاجرين من الخدمات الصحية، وعمل المجلس ولجانه الجهوية على معالجة هذه الشكايات واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها.

وسجل المجلس وجود نقص حاد في الأطر البشرية، وتوزيعا غير متكافئ للأطر الطبية على مستوى التراب الوطني (نصف الأطباء يعملون في محور الجديدة-الدار البيضاء-الرباط-القنيطرة)، وكثافة هجرة الأطباء والأطر الصحية، وإنفاق صحي أقل من 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي (أقل من المعدل العالمي الذي يبلغ 10%)، ويرى المجلس أن وضع استراتيجية ترتكز على المقاربة الحقوقية ومركزية دور الدولة أمر أساسي لحماية الحق في الصحة والنهوض به.

وسجل المجلس استمرار التحديات التي تحد من الإعمال الفعلي للحق في التعليم حتى يستفيد منه الجميع على قدم المساواة، والتي تزايدت في ظل الأزمة الوبائية، وخاصة ما يتعلق بالجودة سواء تعلق الأمر بأطر التدريس أو البنيات التحتية أو المراقبة التربوية أو تكاليف الوصول إلى المدرسة، فضلا عن مشكل الاكتظاظ، وتزايد الاعتقاد لدى شرائح واسعة من المجتمع بأن التعليم الخاص هو من يوفر الجودة فقط، وعدم تكافؤ الفرص، وعدم قدرة العديد من الأسر ذات الدخل المحدود على توفير الأجهزة التي تسمح بمتابعة الدروس عن بعد.

وأعرب المجلس عن قلقه الشديد من استمرار الهدر المدرسي في التعليم العمومي حيث انتقل عدد المنقطعين من 304.545 تلميذا برسم الموسم الدراسي 2019-2020 إلى 331.558 برسم 2020-2021.

تطور المغرب في ممارسة الاحتجاجات السلمية

أفاد المجلس بأن عدد التجمعات والتظاهرات سنة 2021 بلغ 13471 تجمعا، شارك فيها 669416 شخصا، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 52,3% و69,0%، على التوالي، مقارنة مع سنة 2020. وقد رصد المجلس منع السلطات لعدد من الوقفات الاحتجاجية، جرى تفريق وفض بعضها بالقوة، ففي عدد من الحالات أسفر التدخل عن اعتقال متظاهرين ومتابعة بعضهم بتهمة إهانة رجال القوة العمومية والضرب والجرح في حقهم والعصيان، وخرق حالة الطوارئ الصحية. وصدرت في حق بعضهم أحكام بالسجن موقوف التنفيذ.

وفي ظل الأزمة الوبائية الحالية وفرض حالة الطوارئ، لاحظ المجلس أن أغلب الحركات الاحتجاجية لم تتقيد بالإجراءات والتدابير القانونية الواردة سواء في ظهير الحريات العامة لسنة 1958، أو في القوانين ومراسيم القوانين المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني. كما أن أغلب المبادرات الاحتجاجية لم تقم بإشعار السلطات المحلية، ولم تنظمها هيئة منظمة قانونا.

وسجل المجلس خلال تتبعه لمختلف هذه التجمعات والتظاهرات الاحتجاجية، سواء تلك التي تم رصدها ميدانيا أو من خلال شبكة الإنترنيت على أن المغرب عرف تطورا مهما في ممارسة الاحتجاجات السلمية، خاصة مع تزايد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.

المجلس يدعو لمدونة جديدة للجمعيات

خلال 2021، تلقى المجلس 11 شكاية من جمعيات وشبكات جمعوية ونقابات وأفراد، تتعلق بالتظلم من قرار إداري برفض تسلم الملف القانوني الخاص بتأسيس الجمعية دون تبرير أسباب الرفض، أو برفض تسليم وصل الإيداع القانوني، سواء المؤقت أو النهائي، أو رفض السلطات الإدارية منح وصل الإيداع القانوني الخاص بتجديد الهياكل أو التظلم من قرار إداري بمنع ممارسة أنشطة جمعوية.

كما أن المجلس ما زال يسجل ضعف الإمكانيات المادية واللوجستيكية والموارد البشرية، وكذلك ضعف التأطير، مما يؤدي الى الحد من الأدوار المنوطة بالجمعيات للمساهمة في تعزيز الحريات والمشاركة المواطنة، ويوصي المجلس بالعمل على إحداث مدونة جديدة تتعلق بقانون الجمعيات وتنظيم الحياة الجمعوية، والتي يجب أن تكون مستجيبة للتطورات التي يعرفها الإطار القانوني الوطني والدولي.

حرية الرأي والتعبير والعقوبات السالبة للحرية

اعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه على الرغم من خلو مدونة الصحافة والنشر، خاصة القانون رقم 88.13، من أية عقوبات سالبة للحرية، إلا أن هذه الضمانات لا تشمل كل قضايا النشر بمفهومه العام، والنشر على المنصات الرقمية بشكل خاص، في ظل غياب مقتضيات تشريعية جامعة ودقيقة ومتاحة تراعي خصوصيات التعبيرات الرقمية وأشكال التعبير الجديدة وتحمي الحق في ممارستها، وفقا لما تنص عليه أحكام الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وبالمقارنة مع سنة 2020، سجلت ممارسة الحق في الحصول على المعلومة، إعمالا للقانون رقم 31.13، تطورا ملحوظا، حيث تضاعف عدد المؤسسات المعنية 17 مرة وعدد الطلبات المقدمة مرتين تقريبا وعدد الطلبات المعالجة 5 مرات، وتم تسجيل بطء التجاوب مع الطلبات، حيث تضاعف متوسط مدة الإجابة مرتين تقريبا بالمقارنة مع 2020.

مكافحة الأخبار الزائفة

وفقا للمعطيات التي توصل بها المجلس من المديرية العامة للأمن الوطني بتاريخ 16 فبراير 2022، بخصوص الجهود التي تقوم بها السلطات من أجل مكافحة الأخبار الزائفة، تم إيقاف 162 شخص للاشتباه في تورطهم في ترويج مضامين زائفة بواسطة الأنظمة المعلوماتية تتعلق بفيروس كورونا والتلقيح المعتمد وحمل جواز التلقيح.

ويدعو المجلس إلى امتناع السلطات العامة عن اللجوء إلى المتابعة القضائية كوسيلة لمكافحة الأخبار الزائفة، وألا يتم اللجوء إليها وإلى فرض العقوبات السالبة للحرية إلا في الحالات التي تشكل فيها هذه الأخبار خطورة على الصحة العامة والأمن العام في انتظار المراجعة القانونية ذات الصلة.

وأشار المجلس إلى أن استفحل خلال سنة 2021 مشكل تدفق الأخبار الزائفة، التي قد تكون إما متعمدة أو غير مقصودة، يطرح تحديًا كبيرا في مجال حقوق الإنسان، وبرز هذا التحدي بشكل خاص في ظل الأزمة الوبائية الحالية.

واعتبر المجلس أنه أصبح من الصعب على الأفراد التمييز بين الصحيح منها والزائف، مضيفا أن ذلك أدى في الكثير من الأحيان إلى تبني أفكار وممارسات تمس بالحقوق والحريات وبالديمقراطية، وخاصة الحق في الحياة الخاصة، وحرية التعبير، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإضعاف الثقة في المؤسسات الدستورية، والحق في المشاركة في الحياة العامة والتدخل في الانتخابات والعنف الرقمي.

وأشار إلى أنه إذا كان من حق السلطات العمومية التصدي للأخبار الزائفة أو المضللة وتطوير سياسات ناجعة في هذا الاتجاه، فإن أية قيود على نشر معلومات قد تكون زائفة يجب أن تتوافق مع متطلبات الشرعية والضرورة والتناسب.

خروقات تمس الحق في الحياة الخاصة

في سياق ملاحظته لانتخابات 2021، سجل المجلس خرق عدد من المنشورات للحماية الواجبة للمعطيات ذات الطابع الشخصي والاستعمال غير القانوني لهذه المعطيات.

كما رصد المجلس استغلال المعطيات الشخصية من قبل شركات الإنترنيت لأغراض تجارية. ويتابع المجلس التطورات التي تخص ادعاءات بشأن اختراق أجهزة هواتف شخصيات عمومية وطنية وأجنبية، من بينهم صحفيين، عبر برنامج معلوماتي (بيغاسوس)، خاصة بعد أن قام المغرب بسلك السبل القانونية والقضائية في هذا الصدد.

ومباشرة بعد الإعلان عن هذه الادعاءات، رصد المجلس نشر صحفيين وشخصيات وطنية وردت أسماؤهم ضمن الشخصيات المستهدفة، حسب الادعاءات لمقالات ولتعليقات تفيد بعدم إجراء معدي “تقارير بيغاسوس” أي اتصال بهم.

ويرى المجلس ضرورة تعزيز حماية الأفراد من الاستغلال الذي تتعرض له معطياتهم الخاصة، دون موافقتهم، من طرف شركات الإنترنيت ووسطاء البيانات، ومساءلتهم في حال قيامهم بذلك عملا بمبدأ السلوك المسؤول للشركات.

ظاهرة الاكتظاظ في المؤسسات السجنية

سجل المجلس تفاقم ظاهرة الاكتظاظ المستفحلة في المؤسسات السجنية وتأثيرها على تمتع الساكنة السجنية بحقوقها عموما وعلى التمتع بالحق في الصحة والنظافة والتعليم على وجه الخصوص.

كما أن هذه الظاهرة لا تساع، حسب التقرير، على مراعاة القواعد الخاصة بالمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين المتعارف عليها دوليا. ويعزى الاكتظاظ إلى الارتفاع الملحوظ في معدلات الاعتقال الاحتياطي، الذي بلغت نسبته سنة 2021 حوالي 46% من مجموع العدد الإجمالي للنزلاء الذي يبلغ حوالي 90 ألف.

وتوصل المجلس ولجانه الجهوية، خلال السنة التي يشملها التقرير، بما 984 شكاية وطلبا، بشكل مباشر من طرف سجناء أو من طرف ذويهم وعائلاتهم. تتضمن الشكايات والطلبات ادعاءات التعرض للتعذيب وسوء المعاملة، وطلبات العفو، والتظلم من مساطر وأحكام قضائية، والترحيل، ومتابعة الدراسة والتكوين المهني، كما قام المجلس ولجانه الجهوية بـ 126 زيارة لمؤسسات سجنية أعدت بشأنها تقارير مشفوعة بتوصيات لضمان حقوق النزلاء والنزيلات.

الخصاص في مستشفيات الأمراض العقلية

كشف المجلس أن عدد المصابين بأمراض نفسية أو عقلية يبلغ 150 ألف (+ 50 ألف شخص خلال أربع سنوات منذ سنة 2016)، في حين أن الطاقة الاستيعابية تبلغ 2136 سرير داخل المستشفيات الخاصة بهذه الأمراض، التي يبلغ عددها 11 مستشفى عمومي، أو المصالح داخل المستشفيات، التي يبلغ عددها 23 مصلحة.

وخلال 2021، واصل المجلس ولجانه الجهوية متابعة وضعية هذه الفئة وزيارة مصالح أمراض عقلية ونفسية، وخلص إلى أن واقع بعضها مقلق ولا يستجيب للمعايير والشروط المفترضة في مثل هذه المؤسسات، حيث تعاني من نقص جودة التكفل بالمرضى النفسين والعقليين نتيجة لضعف الخدمات الطبية وغير الطبية المقدمة في المستشفيات؛ وغياب العلاجات المتخصصة الموجهة لفئات معينة من المواطنين (الأطفال، المراهقين، والمسنين).

كما سجل المجلس عدم توفر الجيل الجديد من الأدوية التي تتميز بفعالية أكبر وبمضاعفات جانبية أقل؛ وضعف وعدم ملاءمة البنيات الاستشفائية سواء من حيث هندستها المعمارية وتجهيزاتها، أو من حيث توزيعها الجغرافي غير المتكافئ (تتركز أغلب البنيات في محور الرباط، الدار البيضاء، مراكش، في الوقت الذي تبقى فيه أزيد من نصف العمالات والأقاليم بدون بنيات استشفائية خاصة بالصحة العقلية والنفسية).

المساس بحقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء

توصل المجلس بـ53 شكاية تهم الأجانب سنة 2021، وتفيد بعض من هذه الشكايات مواجهة المهاجرين لصعوبات تتعلق بتجديد بطاقة الإقامة، رغم التقدم الملموس الذي شكلته عمليات التسوية الاستثنائية في مسار الاعتراف بحقوق الأجانب في وضعية إدارية غير قانونية.

واعتبر المجلس أن أن المعايير العديدة المنصوص عليها في القانون رقم 03-02 تشكل بالفعل عقبة كبرى أمام تسوية وضعية الحق في الإقامة، الذي يعد أحد شروط اندماج الأجانب، خاصة في سوق الشغل. وخلال سنة 2021، واصل المجلس رصد حالات ترحيل مهاجرين أفارقة جنوب الصحراء نحو بلدانهم.

وإلى غاية 30 شتنبر 2021، بلغ عدد اللاجئين في المغرب، المسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، 16.308 شخصا، يمثل المواطنون القادمون من سوريا واليمن النسبة الأكبر، حيث يمثلان على التوالي حوالي 55% و12% من مجموع اللاجئين.

كما تم تسجيل 7.398 طالب لجوء قدموا من 48 دولة. وعلى الرغم من استئناف جلسات الاستماع وإعادة إطلاق مسلسل تسوية إقامة اللاجئين، مضيفا أن وثيرة الجلسات تبقى غير كافية لتجاوز التأخير المسجل، مما ترك العديد من اللاجئين دون وثائق، حيث لم يتمكنوا بعد من الحصول على بطاقة اللجوء الخاصة بهم أو تجديدها.

وبخصوص الاتجار بالبشر، سجل المجلس انشغالات وتحديات تتعلق بهذه الجريمة ترتبط بتحديد هوية الضحايا، ومواكبتهم وحمايتهم، وصعوبة كشف جريمة الاتجار بالبشر، وغياب قاعدة بيانات وطنية تعكس الحجم الحقيقي للظاهرة؛ وقـدرة الآليات القانونيـة والمؤسسـاتية للتصـدي لهذه الجريمـة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *