أخبار الساعة

عالم فيروسات: أسباب انتشار عدوى التهاب كبد الأطفال الغامض ما تزال مجهولة

ما يزال العلماء يبحثون عن الأسباب الكامنة خلف انتشار مرض التهاب الكبد الحاد غير معروف السبب مند إعلان وجوده من طرف منظمة الصحة العالمية، والذي سجل مآت من الإصابات عبر العالم.

وانتقد عالم فيروسات بريطاني ما ذهبت إليه السلطات الصحية الأميركية والبريطانية من أن يكون فيروس غدي وراء هذه الحالات الغامضة.

وقال ويل إيرفينغ، وهو بروفسور في علم الفيروسات في جامعة نوتنغهام، لوكالة أنباء “شينخوا”، إن هناك بعض الأدلة حول سبب تفشي التهاب كبد أطفال، لكن أيا منها غير مقنع بما فيه الكفاية حتى الآن لتحديد أسباب المرض بالضبط.

وحسب نفس الوكالة، أكد “ويل إيرفينغ”، في مقابلة حصرية معها، بأن الخبراء العالميون ما زالوا في حيرة من أمرهم حول سبب تفشي المرض الغامض، حيث تكافح الفرق لمعرفة السبب.

وأضاف إيرفينغ “أعتقد أنه عندما نصل إلى معرفة حقيقة ذلك، سنجد أن هناك عاملين أو ثلاثة أو أربعة عوامل مختلفة ستتحد جميعها لإنتاج ما هو حقا حدث استثنائي”.

وقالت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء إن هناك الآن 348 حالة محتملة من التهاب الكبد الحاد بين الأطفال في خمس مناطق على مستوى العالم.

وحتى 3 مايو، تم تحديد 163 حالة من حالات التهاب الكبد الحاد غير أيه-إي في أطفال تقل أعمارهم عن 16 عاما في بريطانيا منذ أول يناير 2022، وتلقى أحد عشر منهم عملية زرع كبد. ولم تسجل وفاة لأي حالة مقيمة في البلاد، وفقا لوكالة الأمن الصحي البريطانية.

وأوضح إيرفينغ أن عدد الحالات أعلى مما ينبغي، حيث يرى الأطباء عادة حالات نادرة من التهاب الكبد الحاد لدى الأطفال الصغار، وربما حالة أو حالتين كل شهرين في بريطانيا.

وقال “لذا فإن حقيقة أننا رأينا أكثر من 160 حالة في ثلاثة أشهر هي زيادة كبيرة عما رأيناه في السنوات الماضية. لذلك هناك شيء غير عادي يحدث”.

انتقاد نظرية الفيروس الغدي

وتشير التحقيقات إلى وجود ارتباط مع فيروس غدي. ووفقا لوكالة الأمن الصحي البريطانية، فإن الفيروس الغدي هو الأكثر اكتشافا في العينات التي تم اختبارها. ومع ذلك، ليس من الشائع رؤية التهاب الكبد بعد الإصابة بالفيروس الغدي لدى الأطفال الأصحاء.

واكتشفت الفيروسات الغدية لأول مرة في اللوزة البلعومية أو «اللحمية» (الغدانيات) للإنسان والتي أخدت اٍسمها منها.

وجاء في منشور لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وهي الهيئة الفدرالية الرئيسية للصحة العامة في الولايات المتحدة: “في الوقت الراهن، نعتقد أن أحد الفيروسات الغدية قد يكون سبب هذه الحالات، ولكن لا يزال يجري درس عوامل بيئية أخرى”.

وأوضحت الهيئة الأمريكية أن ما قد يكون تسبب بهذه الإصابات هو تحديدا الفيروس الغدي “من النوع 41” الذي يؤدي عادة إلى التهابات حادة في المعدة والأمعاء.

وأفاد إيرفينغ أنه تم اكتشاف الفيروس الغدي في حوالي ثلاثة أرباع الأطفال المبلغ عنهم، لكنه عدوى شائعة جدا لدى الأطفال الصغار، مضيفا أنه “حتى عام 2022، لم يكن فيروسا مرتبطا بأي شكل من أشكال التهاب الكبد، ناهيك عن التهاب الكبد الحاد جدا”.

وأوضح إيرفينغ أن “هذا هو المؤشر الرئيسي على أن هناك شيئا ما حول هذا الفيروس الغدي وهو ما قد يسببه، لكنه لن يكون التفسير الكامل لأن هذه الفيروسات الغدية موجودة منذ مئات السنين، ولا تسبب عادة التهاب الكبد”، مبينا “نحن بحاجة إلى الكثير من أشكال التجارب الأخرى لفرز ما إذا كان هذا الفيروس الغدي عرضيا أو ما إذا كان هو السبب، ولا يمكننا حقا القول في الوقت الحالي”.

وأشار إيرفينغ إلى أن هذه الحالات حدثت جغرافيا في جميع أنحاء بريطانيا ولم يتم العثور على أي روابط بينهما باستثناء حالتين في اسكتلندا.

الفرضيات المحتملة

وفي بريطانيا، تتواصل التحقيقات في العوامل المساهمة المحتملة الأخرى، بما في ذلك الإصابة السابقة بفيروس سارس-كوف-2 أو عدوى أخرى، وتغير في الاستعداد المناعي ربما بسبب انخفاض التعرض أثناء الوباء، وتغيير في جينوم الفيروس الغدي نفسه.

وقال إيرفينغ إنه “بطريقة ما، إما أن الفيروس نفسه أو عواقب استجابتنا للوباء قد بدأت أيا كان ما يسبب التهاب الكبد هذا”.

وأكد إيرفينغ أن هناك العديد من الفرضيات المختلفة في الوقت الحالي، لافتا إلى أن أكثرها وضوحا هو أنه خلال الوباء، كان الأطفال الصغار دون سن الخامسة محميين إلى حد كبير ولم يتعرضوا للعدوى البسيطة للفيروس التي يتعرض لها الأطفال الصغار عادة.

وأفاد أنه الآن مع رفع جميع القيود مثل التباعد الاجتماعي، يتعرض هؤلاء الأطفال لمجموعة كاملة من الفيروسات التي تزداد في الانتشار، مضيفا أن “جهازهم المناعي ببساطة لا يتعامل مع العديد من الإصابات أو العدوى المحددة بهذا الفيروس الغدي”.

وفي بريطانيا، تقوم وكالة الأمن الصحي البريطانية بتنسيق التحقيق في الحالات، وإصدار إرشادات للأطباء الذين يشاهدون الحالات الفردية، وتطلب منهم أخذ سلسلة كاملة من العينات البيولوجية، ومسحات الحلق والبراز وعينات الدم. وتقوم مختبرات في لندن وغلاسكو بالعمل الخاص بعلم الوراثة على الفيروسات الغدية.

ويبحث علماء السموم فيما إذا كان أي من الأطفال قد تعرض لنوع من السموم. ويقوم علماء الأوبئة أيضا بإجراء مقابلات مع الآباء لمعرفة ما إذا كانت هناك أي سمة مشتركة في نظامهم الغذائي أو سلوكهم أو تعرضهم البيئي.

وقال إيرفينغ “لذلك هناك قدر كبير من العمل الجاري في محاولة لفرز كل شيء؛ من الممكن أن ينخفض أيا كان ما يتسبب به، وسينخفض عدد الحالات قبل أن نحدد ما هو عليه”.

ومتحدثا عن تفشي محتمل يخرج عن نطاق السيطرة، أجاب إيرفينغ أنه يجب أن يكون هناك احتمال نظري إذا كان عاملا جديدا حقا أو سما لم يتم التعرف عليه من قبل.

وقال إن “هذا مستمر منذ بداية يناير ولم نر هذا النوع من المنحنى، لذلك سأكون متفائلا بشكل معقول أنه لن يصعد وينتشر، ولكن بالنظر إلى أنني لا أعرف ما هو المسبب، لا أستطيع أن أقول ذلك على وجه اليقين”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *