وجهة نظر

وزارة خارجيتنا تحترم الجرائم الروسية في سوريا

جاء في بلاغ وزارة الخارجية لبلدنا على إثر استقبال وزير الخارجية السيد صلاح الدين مزوار للسفير الروسي في الرباط تذكير الوزير : » بالموقف الواضح للمغرب حيال الأزمة السورية والذي يرتكز بالأساس على أربعة عناصر، تتمثل في:
•    الالتزام من أجل حل سياسي يضمن استقرار سورية ويحافظ على وحدتها الوطنية والترابية
•    الانشغال بالمآسي الإنسانية الخطيرة التي خلفتها الأزمة السورية
•    المبادرات الملموسة التي تم القيام بها، بتعليمات سامية من جلالة الملك، نصره الله، بهدف التخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق، ولاسيما إقامة مستشفى ميداني بمخيم الزعتري منذ سنة 2012، والتسوية الاستثنائية لوضعية اللاجئين السوريين بالمغرب، ومنح مساعدة إنسانية مهمة
•    موقف وقناعة المغرب بأن حل الأزمة السورية يتطلب انخراطا قويا للمجتمع الدولي، لاسيما القوى القادرة على التحرك الميداني والتأثير على مجريات الأحداث.وفي هذا الصدد، تحترم المملكة المغربية دور وعمل فيدرالية روسيا بخصوص هذا الملف، كما هو الشأن بالنسبة لقضايا دولية أخرى. 

وقد أثارتني في البلاغ العبارة الأخيرة ” تحترم المملكة المغربية دور وعمل فيدرالية روسيا بخصوص هذا الملف” والذي فعلته روسيا معلوم ومشاهد وفيه تقارير دولية وحقوقية كلها تؤكد اقترافه جرائم حرب وإبادة ضد الشعب السوري الأعزل بمختلف أشكال ترسانة أسلحته الفتاكة بما فيها تلك المحرمة دوليا حيث يصب على السوريين حمم نرانه وغازاته السامة وقنابله العنقودية ويقصف بوحشية منقطعة النظير يسوي المباني بالأرض ويدمرها على أصحابها رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا من غير تمييز بين الأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس والمنشآت الاقتصادية والاجتماعية ودور العبادة وكل شيء تعلو بنايته في مختلف المدن، حيث قتل من السوريين أكثر مما قتلت العصابات الداعشية المتطرفة والتي زعم أنه دخل أساسا لردعها ومكافحة الارهاب،
فهل ما تقوم به روسيا في سوريا يساهم في الحل السياسي كما جاء في البلاغ؟ وهل يليق في منطق الأشياء أن نتباكى على المآسي الاجتماعية للحرب الظالمة في سوريا ونحن نحترم دور وفعل المجرمين الروس في الهدم والقصف والتقتيل، فنحترم الفعل ونتباكى على نتيجته وآثاره؟فهؤلاء جاؤوا من البداية يقفون بجانب جزار شعبه وقاتل مواطنيه ولم يقفوا على الحياد يريدون حلا وعلاجا، فأضافوا للأزمة وقودا ونيرانا جديدة.

وكما هو واضح جلي للعيان جاء الروس لإنقاذ أعتى مجرم عرفته البشرية، وأشرس عصابة سلطت على شعب مستضعف، اجتمع عليه الحقد الشيعي من إيران وعصابتها الاجرامية في لبنان، والوحشية الروسية، والجنون الداعشي والتخاذل العربي والاسلامي والمكر الأمريكي والنفاق الأوروبي وسوء إدارة الصراع من فصائل مقاومة الظلم والاستبداد، شعب يعيد فصول حادثة الأخدود التارخية أمام أعين العالم أجمع والتي خلدها القرآن الكريم بقوله تعالى : “قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ” وليس لهم من ذنب سوى أن تحرك فيهم المطلب الطبيعي للشعوب في التحرر من القهر والاستبداد وجرائم العصابة الأسدية وأحقاد الظائفة العلوية التي فعلت فيهم الأفاعيل عبر عقود ، وأراد السوريون نصيبهم المشروع من الحرية والديموقراطية والكلمة المسموعة في أمر السلطة والثروة، وكان حظهم هذا النوع الشرس من وحوش بني آدم فتكالب عليهم الشر من كل ناحية، ولا من منقذ ولا من مغيث.

ولو كان فينا ذرة من رجولة مع قدرة، لكنا بجوار المظلوم وبجانب المكلوم ولوقفنا في وجه العدوان والطغيان المسلط عليهم من الداخل والخارج، ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم “انصر أخاك ظالما أو مظلوما” وهم مظلومون كما يشهد بذلك العالم، ألم يقل أيضا “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله”وها نحن خذلناهم ونبارك ونحترم فعل الظالم فيهم، ألم يقل ربنا قبل ذلك “وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله”
وها هي العصابة الأسدية قد بغت وظلمت واعتدت بكل أصناف العدوان وجلبت على شعبها مختلف عصابات الحقد لتكمل ما عجزت عن فعله فيهم وضمنها العصابات الروسية التي تقتل وتدمر بلا شفقة ولا رحمة ولا وخزة ضمير، أمثل هؤلاء يقال في حقهم عبارات الاحترام؟ وإذ لم تكن فيها الرجولة الكاملة والقدرة على النصرة الحقيقية بالسلاح ورد العدوان، فلا أقل من الصمت والحياء من موقفنا المخجل، ومهما قيل في أمر المصالح الموهومة والتي يأخذون منها هم بالنصيب الأوفر قبل أن يعطونا بعض الفتات، فالمبادئ أولى عند الرجال من ذوي العراقة الحضارية والأصول التاريخية في نصرة المستضعفين والوقوف بجانب المظلومين بما يحفظ حياتهم وكرامتهم، وليس في تملق الطغاة وتزكية أفعال الظالمين.