منتدى العمق

القيام بعمليات جراحية غير ضرورية ظاهرة غير أخلاقية يعاني منها الطب اليوم

يعتبر الحق في سلامة الجسد من أهم الحقوق التي يتمتع بها الإنسان، وهو من أهم المبادئ التي كرستها معظم تشريعات الدول، إذ هو من أول الحقوق التي تحرص على حمايتها، لذلك فهو من أكثر عناصر الحياة الإنسانية تقديسا، ولا يجوز أن يكون محلا للمتاجرة أو الغش أو الإحتيال بحجة التطبيب، فما نراه اليوم من تدخلات طبية علاجية أو جراحية يجعلنا نتساءل هل تحولت وظيفة الطب الإنسانية النبيلة إلى مهنة تجارية خطيرة؟

فالكل على علم بالحالة المزرية التي تعرفها المنظومة الصحية في بلادنا فهذا مجال فضفاض يحتاج الكثير لتفكيك مغزاه، سأشير إلى بعض التدخلات الجراحية الغير الضرورية والغير المجدية للمريض بل ربما تشكل خطورة على صحة المريض مستقبلا، فالمريض يضع ثقته الكاملة في طبيبه ويسلم له جسده بكل أمانة بحكم العلاقة المشروعة طبيا بين الطبيب والمريض.

لكن ما نلاحظه اليوم عكس ذلك فمعظم العلاقات بين الطبيب والمريض تجردت من الصفة الإنسانية وتحولت لطبيعة تجارية محضة، فالطبيب حين يعتبر نفسه المنقذ الأبدي هنا تصح العبارة لا حاجة للخبرة والذكاء ولا معنى للشهادات دون قيم إنسانية، فالكثير من الأطباء يتعاملون بطريقة تجارية خالصة يسلكون طريق الإحتيال مستغلين ضعف الناس وجهلهم بما يتضمنه التدخل الطبي.

فعندما يتحول مصير المرضى إلى تجارة واستغلال والعبث بصحتهم سيؤدي ذلك حتما إلى خرق مبادئ حقوق الإنسان، لكن لا ننسى في المقابل وجود أطباء نزهاء ذو أخلاق عالية لا نضيع جهود الذين يتعاملون مع مرضاهم بالإنسانية والضمير المهني فهؤلاء يستحقون الإنصاف وكل الإحترام.

سأروي تجربتي الخاصة التي مررت بها في مرحلة علاجي فبعد معاناتي من أعراض مرض الغدة الدرقية توجهت لطبيبة مختصة في الغدد(أ.ق) قامت بتشخيصي حيث تبين وجود عقيدة بالغدة الدرقية فدعتني لإجراء عملية جراحية لاستئصال الغدة الدرقية كاملة وأكدت لي أن الجراحة هي الحل الوحيد والسريع للعلاج ويجب اجراءها في أقرب وقت ممكن.

رابني الشك في طريقة تشخيصها للمرض لم تقم بجميع الفحوصات اللازمة ودعت مباشرة لإجراء عملية جراحية، عقلي لم يستوعب ذلك، فكنت ابحث على شبكة الأنترنيت عن حالتي المرضية لمعرفة متى تستوجب الحالة الجراحة، ولحسن حظي استمعت لبرنامج توعوي باليوتيوب حول أمراض الغدة الدرقية وكيفية علاجها باستضافة الدكتور محمد القادري أخصائي في الفحص بالأشعة والفيزياء النووية الذي حلل مرض الغدة الدرقية تحليلا علميا رصينا موضحا بالأدلة والبراهين الطبية العلمية عن الحالات التي تستوجب التدخل الجراجي، معتبرا أن الجراحة هي أخر حل للعلاج، فأخدت عنوان الطبيب مسرعة اليه قمت بفحص للأشعة للغدة الدرقية فتبين عكس ما قيل لي تماما فحالتي لا تستوجب الجراحة لأن العقيدة ليست في المرحلة التي تتطلب الجراحة، ثم بعد ذلك اُرشدت لطبيب اخصائي في الغدد (ف.ر) لتنظيم هرمون الغدة الذي أكد هو بدوره على نفس النتيجة وأن الحالة لا تستدعي الجراحة أبدا فقط المراقبة.

فأنا ممتنة لهذا الطبيب الذي انقذني من عملية جراحية غير ضرورية بتاتا فجزاه الله خير الجزاء، وكم نحن بأمس الحاجة في منظومتنا الطبية لمثل هؤلاء أطباء يحركهم الضمير و الإنسانية والصدق والإخلاص في العمل وكم نحتاج الى مثل هذه البرامج التوعوية الهادفة التي تطرح مثل هذه المواضيع الطبية.

ومن هذا المنبر انصح جميع السيدات اللواتي يعانون من نفس المرض أن يتريثوا والا يقبلن بإجراء عمليات غير ضرورية وغير مجدية وربما ستكون لها عواقب أكثر من المرض نفسه، فعلى الجميع من جمعيات وهيئات طبية ومجتمع مدني تضافر الجهود في نشر الوعي ومحاربة الفساد ولا ننسى الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام في توعية المواطنين وتحذيرهم من اللذين يتاجرون بالطب ويعبثون بصحة المرضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *