مجتمع

الفيزازي: تعنيف الأطفال أثناء تحفيظهم القرآن سلوك “إجرامي” لا علاقة له بالإسلام (فيديو)

تصوير ومونتاج: يونس الميموني

اعتبر الشيخ محمد الفزازي، رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ، أن تعنيف الأطفال أثناء تحفيظهم القرآن الكريم في المسيد أو المسجد، يُعد تعذيبا وسلوكا إجراميا مشينا لا علاقة له بالشرع الإسلامي، مشددا على أنه “ليس من شرع الله تعالى ضرب الأطفال لتحفيظهم القرآن”.

جاء ذلك تفاعلا مع الجدل الذي أحدثه مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه “فقيه” بإقليم شفشاون وهو يعاقب أطفالا صغارا يحفظون القرآن الكريم عنده بطريقة عنيفة، وذلك عبر ضربهم على أرجلهم ضمن ما يُسمى شعبيا بـ”الفلقة” أو “التحمال”.

وقال الفزازي في تصريح لجريدة “العمق”، إن تعنيف الأطفال لتحفيظهم القرآن أمر مخالف للشرع والقرآن الذي بُني على الرحمة، مستغربا “تحفيظ وتدريس كتاب الرحمة للأطفال بالتعنيف والترهيب والجلد”، منبها إلى أن الضرب والعنف ينعكس سلبا على الأطفال.

وحذر من أن ضرب الأطفال الصغار بتلك الطريقة قد يحدث لهم عاهات مستديمة وقد يصل الأمر لا قدر الله إلى القتل، مشيرا إلى أنه لا ذنب للأطفال إلا أنهم لم يتمكنوا من حفظ جزء من القرآن لسبب معين أو مرض، علما أنهم يعيشون مرحلة اللعب أساسا.

نتائج عسكية

ويرى المتحدث أنه من شأن هذه السلوكيات أن تُنفر الطلبة والأطفال وتكرههم في القرآن وفي المشايخ، قائلا: “الأمر قد يسير على المعكوس حتى وإن حفظ الطفل القرآن عن ظهر قلب، فإن تلك الذكريات المؤلمة تبقى راسخة في ذهنه دوما”.

وتابع قوله: “حتى أنا في تجربتي الشخصية عانيت مع الفقيه في الخمسينيات لدرجة لا تتصور، وكان الأمر متكررا يوميا في وقت كان وضع طلبة القرآن سيئا في ظل البرد والثلوج وكنا حفاة. لقد كنا ضحايا لهذا التعنيف غير المبرر والذي لا يمكن أن يكون إلا جهلا”.

واعتبر أن “الأئمة يجهلون أن تعنيف الأطفال ليس أسلوب رحمة وليس سلوكا بشريا ولا إنسانيا”، مشيرا إلى أن الإمام قد يكون تعلم وحفظ القرآن ربما بنفس الطريقة أو أشد، قائلا: “في الغالب مُورس على الفقيه ما يمارسه الآن على الأطفال”.

وأضاف: “ربما يكون ذلك محبة منه في ترسيخ القرآن وتحفيظه، وقد تكون الغاية نبيلة ولكن الأسلوب غير شرعي وهمجي، فالفقيه هو ضحية أيضا للتربية والأسلوب الذي حفظ به القرآن، كما أنه يجهل القانون الوضعي الذي يحرم هذه الممارسات، خاصة أن التلاميذ الآن لديهم هواتف ويصورون كل شيء”.

واسترسل في نفس السياق بالقول: “القاضي ربما سيستحضر ظروف نشأة الفقيه وأن تعنيفه للأطفال ليس مبيتا وقد يظن أنه من مصلحة الأطفال، لكنه يبقى تعنيفا مشينا بالرغم من أن دوافعه قد تكون إيمانية وإن أخطأت الطريق”.

دورات تكوينية

وفي هذا الصدد، دعا الفزازي إلى التفكير في إحداث دورات تكوينية للأئمة والفقهاء، ولاسيما في البوادي، قصد التحسيس والتدريب والتنبيه والتحذير من أن تحفيظ القرآن الكريم يجب أن يعتمد أسلوبا محكما بعيدا عن العشوائية.

وشدد على أن المنهج الإسلامي هو “منهج ترغيب وتهريب وليس تعذيب، والتهريب مجرد تهديد”، متسائلا بالقول: “لماذا لا يكون العقاب بحرمان الطفل من شيء يحبه مؤقتا حتى يعترف بما ارتكبه من الخطأ، وليس بالضرورة تعنيفه وضربه”.

واليوم الأربعاء، أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، أن عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة طنجة، أوقفت مساء أمس الثلاثاء، شخصا يبلغ من العمر 44 سنة، بعدما ظهر في شريط فيديو وهو بصدد تعريض أطفال قاصرين للإيذاء العمدي داخل قاعة للتعليم العتيق.

وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن مصالح اليقظة المعلوماتية كانت قد رصدت شريط فيديو متداول على شبكات التواصل الاجتماعي، يظهر فيه إمام مسجد بمنطقة باب تازة وهو يستخدم العنف في حق قاصرين يتابعون دروسا في التعليم العتيق.

وأضاف المصدر ذاته، أن المعني بالأمر سيتم تسليمه لمصالح الدرك الملكي المختصة ترابيا، وذلك تنفيذا لتعليمات النيابة العامة المختصة.

وكانت النيابة العامة قد فتحت تحقيقا بشأن مقطع فيديو الذي أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط ردود فعل متباينة بين مستنكر لتعنيف الأطفال بتلك الطريقة، ومؤيد لها، وذلك في قضية تحولت إلى ملف رأي عام وطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ALBERT المراكشي
    منذ سنتين

    تعنيف الأطفال نعم سلوك اجرامي... أضيف ...ونكاح الفاتحة ومعاشرة النساء به سلوك أكثر جرما لأنه مخالف للقانون الجاري به العمل في مدونة الأسرة كما هو معلوم...