وجهة نظر

الجزائر الدولة الاستدراكية

اراهن انه لا احد من قارئي هذا المقال، الذين درسوا في الجامعة لم تهتز مشاعرهم ولم تنقلب كياناتهم بمجرد ذكر اسم الدورة الاستدراكية، لانها تعني الفشل في النجاح في آخر السنة والالزام بدخول فترةامتحانات جديدة في المواد التي رسب فيها بنقط اقل من المعدل، الشعور بالغبن لذلك الفشل لا يشعر به الا الملزمون بالدورة الاستدراكية، فهم دون الاخرين الناجحين الذين يطوون تلك المرحلة، ويضعون اقدامهم في السنة المقبلة بصفتكم ناجحين.

لعل الجميع يتساءل ما مناسبة هذا الحديث عن الامتحانات والدورة الاستدراكية، السبب سهل ذلك انه قد اعترتني الرغبة في الكتابة عنه وانا اقرآ عن الامتحانات المقبلة وارى في عيون الطلبة الخوف والرهبة منها، والامال المعلقة عليهم من الاباء للنجاح، وفي نفس الوقت اتابع الاخبار الدولية والوطنية واثارني تصريح الكابرانات بالجزائر تعليقهم معاهدة الصداقة مع الاسبان وبعدها ايقاف المعاملات التجارية مع الايبيرين ، فاستوقفني تناسب كبير بين الوضعين وخلصت الى ان الموقفين اي وضع الفاشل في الامتحان المرغم باجتياز الدورة الاستدراكية يشابه وضع الجزائر الان كدولة فاشلة على كل الاصعد دون استثناء، وارتأيت ان اسميها الدولة الاستدراكية، دولة شبعت من الهزائم والانتكاسات حتى اننا اذا احصينا انتكاساتها وانكساراتها لنسجنا منها عقدا طويلا من فرط طوله لن يجد عنقا ورقبة تحمله.

انها حقا دولة استدراكية على برنامج الدول الناجحة والرزينة لا ترقى لان تحقق لها نجاحا كباقي الدول فاشلة في كل شيء ودائما تحتاج لان تعيد المحاولات بعد كل محاولة فاشلة فتفشل مجددا لان قراراتها تخرج من الجيب بالتسرع والاندفاع وليس من العقل بالدراسة والتبصر وتحكيم المصالح وتغليبها على المفاسد ومراعاة الاحكام المرعية في السياسة الدولية وضوابط الفعل وردة الفعل في بناء القرار السياسي، وكلها امور وعبر لا تكتسب الا بالسليقة والتجربة وطول محاكاةرالامم وسبر اغوار التاريخ، كالدروس التي يمتحن فيها الطالب لا تستوعب بجهد قليل قبل الامتحان بفترة انما تحتاج المداومة والتبصر والمقارنة والمطالعة طول السنة والا فالفشل واعادة السنة او المرور من الدورة الاستدراكية.

لذلك فالجزائر تحت حكم العسكر تمر منذ نشاتها سنة 1962 بقرار من ديغول بعد ان هرمت فرنسا وفقد عنفوانها، بفترة دورة استدراكية حتى وان طالت تحاول ان تنجح في مواد الحضارة والانسانية وان تفهم منطق السياسة وتستوعب اساليب مقارعة الخصوم الدوليين وتبيان المصلحة الوطنية من المفسدة للوطن وتوطد العلاقات مع الحلفاء وتكسب الغرماء وتعيد الى محيط مصالحها خصومها تكسبهم، لكن للاسف فالدورة الاستدراكية بالنسبة للجزائر ستدوم ولن ينجح نظام العسكر في كسب احد لصفهم بل هم حولوا الجزائر للباس خشن لا تقوى الابدان على معاشرته.
بالنسبة للمغرب فرغم ان الجغرافيا لم تنصفنا بان جعلت كما قال الحسن الثاني رحمه الله، الجزائر مقاسمة لحدودنا وجعلنا ملزمين كمغاربة، بحكم الجغرافيا، بالتجاور معها، الا اننا نحمد الله ان اسكن تلك الارض اقواما صنيعة الاستعمارات والاحتلالات، عقولهم جوفاء وسياستهم تقارب سياسة التيوس تقارع وتنطح دون خطة ودون ان تمل حتى انها تنطح ابناءها وذويها دون ان تشعر وقد تنطح الصخور كما حدث للجزائر قبل ايام بعد ان نطحت حليفها للعقود اسبانيا وظن شنقريشوت نسبة الا دون كيشوت في قشتالة، باسبانيا ان نطحه سيهدم كيان اسبانيا ، ناسيا ان سبعين سنة من الوجود لا يمكنها قطعا ان تهدم قلاعا تاريخية تمتد لقرون طويلة من العطاء والبناء الحظاري المشهود له عالميا، بل ان المنطق الحضاري يدفع عفويا الدول الموغلة في التاريخ للتعارف والتآلف كما فعلت اسبانيا والمغرب، بينما صبيان الحضارة وكتاكيت التاريخ عليهم لو كانوا يعلمون، ان يقتعدوا كراسي التلمذة ليعتبروا ويتعلموا دروس الحضارة من الكبار .

عودا الى حال الدولة الاستدراكية، فأينما وليت وجهك على طول خريطتها السياسية تجد الازمات تشتعل فمنذ آن اغتال كابرانات فرنسا وابناء وجدة من المدنيين، جيش الحدود الذي قاوم الفرنسيين في الشرق، وقتل الكابرانات واعتقالهم لقيادات المجاهدين الحقيقيين في عكنون والجزائر ليستولوا على البلد، تعيش البلد على هامش الحضارة فبعد عقدين من التصارع بين حلف البومدياينن وغرمائهم، جاء دورالكبرانات الذين رقوا انفسهم في ليلة واحدة الى رتب الجنرالات، ليدشن ا عشرية من القتل في الشعب الجزائري بلغت مئتي الف قتيل مثلهم من المفقودين تحت ذريعة الجماعة المسلحة الجزائرية، التي ثبت للعالم كله، باعتراف قياداتها انها صنيعة الجيش، لقتل التحول الديمقراطي الذي شيده الرئيس الشاذلي بن جديد والذي قرر فيه الشعب اختيار الاسلاميين ليحكموهم، تلى ذلك عقدين من رعاية الارهاب وتحويل المتبقى من قيادات الجيا الجماعة المسلحة التي ادت مهمتها في الشمال آلى المتحول للجنوب ونقل الارهاب الى الساحل، وتوريط القارة الافريقية كلها في آتون الارهاب الجزائري ونتذكر يتحدث عنه الاعلام الدولي من عملاء العسكر الاسلاميين في الساحل منهم عمار الصيفي، خاطف الرهائن قال عنه المعارض زيتوت انه الان منعم في سجن البليدة بعد ان اشترته، الجزائر من القذافي حتى لا يفضح اسرار العسكر، ومختار بل مختار العسكري في الجيش الجزائري ، وامير تنظم القاعدة في الساحل وراعي الارهاب في ليبيا وتونس بعد الربيع العربي، دون ان ننسى امير القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي دروكدل. للعلم كلها اسماء كتب عنها الاعلام.

في الاخير الدولة الاستدراكية تتصرف كذلك الجاهلي الذي صنع صنمه من التمر ليعبده فلما جاع اكله، الكابرانات الان يدمرون مجد الشعب الجزائري مدفوعين بحقدهم للمغرب ولحظاته التاريخية والحضارية ولقيمه المؤمنة بالحوار والتعايش والتعاون دون مراعاة لمصلحة الشعب الجزائري ولما تقتضيه رابطة المجاورة والدين من تعايش وتكاثف وترابط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *