مجتمع

أطاك تتهم الدولة بتعمد إفشال التعليم وترفض إلغاء المجانية

نددت جمعية أطاك المغرب بالتوصية الأخيرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين القاضية بالتخلي عن مجانية التعليم ابتداءً من السلك الثانوي التأهيلي، كما اتهمت الدولة بتعمد إفشال سياسات التعليم العمومي، والسعي نحو التخلي عن وظيفتها في ضمان الخدمات العمومية الرئيسية وإسنادها إلى القطاع الخاص.

وشددت الجمعية ذات التوجه اليساري في بيان حصلت جريدة “العمق” على نسخة منه، بالسعي نحو إلغاء مجانية التعليم، معتبرة إياها خضوع من الدولة المغربية لضغوط المؤسسات الدولية، والمتمثلة في كل من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية.

وأكد البيان المعنون بـ “التعليم العمومي في خطر محدق”، أن المغرب يواجه بشكل رئيسي ما أسماه “الثالوث الدولي” المكون من المؤسسات المذكورة، وأوضح “فمنذ سنة 1995، أصدر البنك العالمي تقريره الشهير حول قطاع التعليم بالمغرب الذي يؤكد على ضرورة تقليص اعتمادات الدولة المرصودة للتعليم على مستوى التسيير والاستثمار العمومي، وفتح القطاع للاستثمارات الرأسمالية الخاصة وتحفيزها.

ومنذ عام 1995 أيضا، التزم المغرب بمقتضيات الاتفاق العام حول تجارة الخدمات الذي تبنته منظمة التجارة العالمية والذي يطالب بإخضاع التعليم لمنطق السوق، ويمنع منح امتيازات لنظام التعليم العمومي على حساب القطاع الخاص”.

وتابع البيان “وتنفيذا لتوجيهات هذه المؤسسات الدولية، شكل الحسن الثاني في سنة 1999 لجنة ملكية أعدت “الميثاق الوطني للتربية والتكوين” الذي شرع في التراجع عن الطابع العمومي للتعليم من خلال اختزال تعميم التعليم في مستويات الابتدائي والثانوي الإعدادي فقط، كما أكد على حفز التعليم الخاص وتنويع أشكال تمويل القطاع من خلال مساهمة الجماعات المحلية والأسر خصوصا بالنسبة للتعليم الثانوي والعالي، وحث على مراجعة مضمون التعليم ليستجيب في جوهره لمتطلبات المقاولة الرأسمالية”.

ووصفت أطاك حسب المصدر ذاته، أن الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015 – 2030، بمحاولة “الحاكمين لتعويض تعثرهم في تحقيق أهداف الميثاق الوطني للتربية والتكوين”، والتي “تسعى إلى توسيع خصخصة التعليم وتقليص نفقات الدولة، والتركيز على جلب استثمارات خارجية لتمويل منظومة التعليم، واستقطاب مؤسسات أجنبية لفتح مؤسسات التعليم، وجعل المقاولة في صلب التكوين”.

واعتبرت أن بداية أجرأة الرؤية الاستراتيجية انطلقت مع مرسوم فصل التكوين عن التوظيف بالنسبة للأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، ثم مع قرار توظيف 11 ألف إطار بموجب عقود محددة المدة مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ثم عبر دعوة مجلس عزيمان إلى وضع آجال وآليات لتفعيل مقتضيات الإصلاحات الجوهرية كتلك التي سبق لميثاق التربية والتكوين أن نص عليها والمتعلقة بإقرار رسوم التسجيل في التعليم العالي وكذا في التعليم الثانوي.

واعتبرت أطاك أن جوهر “الهجوم على الطابع العمومي للتعليم”، يرتبط “أولا، بضرورات تسديد الديون العمومية، حيث أن نفقات الدين العمومي لسنة 2015 بلغت 157 مليار درهم، في حين لم يخصص لميزانية التربية الوطنية سوى 46 مليار درهم، و13 مليار درهم لميزانية الصحة”.

وأضافت “وثانيا، بمتطلبات الرأسمال العالمي والمحلي لتيسير الاستحواذ على قطاع التعليم (والصحة أيضا) من خلال تعديل القوانين وتطوير أشكال الدعم والتحفيز، وتتحمل الطبقات الشعبية الواسعة التي تعاني من ضعف الدخل والهشاشة والفقر نفقات هذا التدمير”.

وشددت الجمعية “يسرع الحاكمون هجومهم لتدمير التعليم العمومي كحق من الحقوق الأساسية للشعب المغربي، ويتعلق الأمر بالتخلي التدريجي عن مبدأ المجانية لحمل الأسر على تحمل تكاليف تعليم أبنائها، وربط مضمون التعليم بروح المقاولة الرأسمالية، ولم تعد الميزانية المخصصة للقطاع تكفي لتغطية الخصاص المهول على مستوى الأساتذة والموظفين، وعلى مستوى الأقسام والبنيات التحتية والتجهيزات”.

وأضافت: “فالدولة تعمدت إفشال سياسات التعليم العمومي وتريد أن تتخلى عن وظيفتها في ضمان الخدمات العمومية الرئيسية وتسندها إلى القطاع الخاص الذي لا يهمه سوى تحقيق الربح، وما يعنيه ذلك من ارتفاع في نفقات العائلات وتردي جودة التعليم”.

إلى ذلك، اعتبرت أطاك أنه ليس أمام الرافضين للسياسات المتعلقة بالتعليم العمومي سوى توحيد صفوفهم في جبهة عريضة للنضال من أجل الدفاع عن تعليم عمومي مجاني وذو جودة، وأنه “ولابد من المطالبة بفصل مضمون التعليم عن المقاولة”، موضحة “فلا يمكن للقطاع الخاص المبني على الربح والجشع أن ينمي تعليم أبنائنا ومعارفهم ويرقى بنا إلى مصاف الشعوب الراقية”.