وجهة نظر

حول العطلة السنوية للموظف وجواز تجزئتها وتأجيلها إلى السنة المقبلة

تثار بمناسبة اقتراب العطلة الصيفية قضايا تتعلق بالإجازة السنوية، وينشأ عنها أحيانا نزاع بين الموظف ومسؤوليه الإداريين أو بين الأجير و مشغله. وقد تفاقمت النقاشات حول رخصة العطلة السنوية ،لاسيما في السنتين الأخيرتين اللتين داهم فيها وباء كوفيد-19 العالم وأثر على سير الإدارات ولاسيما المرافق الحيوية للصحة والتعليم ، وكانت له أثار سلبية على سير جل القطاعات الاقتصادية والصناعية والتجارية وغيرها ، كانت سببا في اتخاذ قرارات تأجيل الترخيص للعطل السنوية أو تجزئتها. فأين يكمن وجه الخلاف في تجزئة الرخصة أو تأجيلها؟ وكيف يمكن تخليص موضوع العطلة السنوية للموظف من النزاعات الناشئة عن عدم إدراك مدلولات النصوص التشريعية والمبادئ المؤطرة لنشاط الإدارة. هذا ما سأبحثه في هذه المقالة، التي سأبدأ فيها بتأصيل الموضوع من الناحية القانونية، مع تحليل النصوص ذات الصلة و الوقوف على المبادئ القانونية المرتبطة به، وسأختم باستنتاج يمكننا من تحرير محل النزاع.

لا يخفى أن الموظف العمومي يتمتع بمجموعة من الرخص وفقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل1 ، ولاسيما تلك المنصوص عليها في الفصول من 38 إلى 46 مكرر من الظهير الشريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما وقع تغييره وتتميمه، وكذا حسب الحالات في المراسيم المحددة للأنظمة الخاصة لبعض الموظفين منها على سبيل المثال مرسوم رقم 854-02-2 صادر في 8 ذي الحجة 1423 ( 10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية 2.

ومن الرخص الإدارية المنصوص عليها في الفصل 38 من الظهير سالف الذكر الرخص السنوية ، التي جاء الفصل 40 ليحدد ضمانات الموظف للاستفادة منها وشروط وكيفيات الاستفادة منها ومن له سلطة وصلاحية تحديدها .

فماهي القواعد القانونية التي يقررها الفصل الأربعون من الظهير سالف الذكر، وماهي طبيعتها، وهل ترد عليها استثناءات وهل يمكن القول بوجود سلطة تقديرية للإدارة في موضوع العطلة السنوية، وهل هذه السلطة واسعة أم يرد عليها تقييد؟. وهل يدخل في مجال السلطة التقديرية تجزيئ العطلة السنوية وتأجيلها ؟.

تحليل الفصل الأربعين من الظهير: ينص الفصل الأربعون كما عدل على ما يلي3:

” للموظف المزاول لوظيفه الحق في رخصة سنوية مؤدى عنها.

تحدد مدة الرخصة في اثنين وعشرين (22) يوم عمل برسـم كــل سـنـة زاول أثناها مهامه، على أن الرخصة الأولى لا يسمح بها إلا بعد قضاء اثني عشر شهرا من الخدمة.

للإدارة كامل الصلاحية في تحديد جدولة الرخص السنوية، ويمكن لها، رعيا لضرورة المصلحة، أن تعترض على تجزئتها.

وتؤخذ بعين الاعتبار الوضعية العائلية من أجل تخويل الأسبقية في اختيار فترات الرخص السنوية.

ولا يمكن تأجيل الاستفادة من الرخصة السنوية برسم سنة معينة إلى السنة الموالية إلا استثناء ولمرة واحدة.

ولا يخول عدم الاستفادة من الرخصة السنوية الحق في تقاضي أي تعويض عن ذلك “.

يلاحظ أن عبارة هذا النص كغيره من النصوص المنظمة لعلاقة الإدارة بموظفيها، تضمنت ألفاظا متعددة تدل على أنه نص قانوني آمر
سواء بتضمنه قواعد آمرة إيجابية (من مثل: للموظف المزاول لوظيفه الحق؛ تحدد مدة الرخصة في؛…) أو قواعد آمرة سلبية(من مثل: لا يسمح بها إلا بعد؛ ولا يمكن تأجيل الاستفادة؛ ولا يخول عدم الاستفادة من الرخصة).

وهكذا فقد نص الفصل الأربعون بصريح العبارة ما يفيد أن الرخصة السنوية حق من حقوق الموظف و أن مدتها محددة في 22 يوم عمل عن كل سنة زاول الموظف أثنائها مهامه ولايسمح بها إلا بعد قضاء اثني عشر شهرا من الخدمة وأن الإدارة هي صاحبة السلطة في تحديد جدولتها. كما أن عدم الاستفادة من الرخصة السنوية لاتخول الحق في تقاضي أي تعويض.

كما ورد في الفصل الأربعين ما يشير إلى قواعد مكملة تتيح للإدارة وموظفيها فرصة أكبر للمرونة في التعامل مع بعض جوانب العطلة السنوية مادام ذلك يحقق مصلحة الإدارة و يستجيب لرغبة الموظف  ومن ذلك ما ورد في الفقرة الثالثة من إمكانية تجزئة العطلة السنوية أو تأجيلها وإمكانية استناد الإدارة على مبدأ ضرورة المصلحة للاعتراض على ذلك .

غير أن المشرع في ذات الفقرة من الفصل الأربعين، إختار التنصيص على إمكانية اعتراض الإدارة على تجزئة العطلة السنوية اعتمادا على مبدأ ضرورة المصلحة، وإضافة إلى ذلك يفهم من الفقرة الخامسة من الفصل الأربعين على إمكانية تأجيل الاستفادة من العطلة السنوية استثناء من سنة معينة إلى السنة الموالية لها دون أن يتعدى التأجيل سنة أخرى.

السلطة التقديرية للإدارة في موضوع العطلة السنوية:

لا يخفى أن الإدارة تحتاج في نشاطها إلى قدر من المرونة ،يمكنها من حرية المبادرة والابتكار لتجاوز الصعوبات و مواجهة الإكراهات وتحقيق مايتطلبه استمرار المرفق العمومي في أداء مهامه وتحقيق المصلحة العامة، وبدون ذلك يمكن أن يتسبب أي تقييد مطلق لها إلى شل نشاطها .

وقد تقرر في القانون الإداري أن الإدارة تتمتع بقسط من حرية التصرف عندما تمارس اختصاصاتها القانونية ، بحيث يكون للإدارة تقدير اتخاذ التصرف أو الامتناع عن اتخاذه، أو اتخاذه على نحو معين، أو اختيار الوقت الذي تراه مناسبا للتصرف، أو السبب الملائم له، أو في تحديد محله وهذا المبدأ هو الذي يسمى السلطة التقديرية4 ، إلا أن هذه السلطة تصبح مقيدة أحيانا بإلزامها بممارسة النشاط الإداري أو اتخاذ قرار إداري وفق كيفيات وضوابط معينة كما جاء بها القانون .

وانطلاقا من ذلك يطرح السؤال هل سلطة الإدارة مطلقة أم مقيدة في موضوع العطلة السنوية ؟

و بناء على تحليلنا السابق للفصل الأربعين سالف الذكر يمكن الجزم بوضوح أن هذه السلطة مقيدة بوجوب تطبيق النص لاسيما القواعد الآمرة منه ، إلا أن عبارات أخرى فيه تشير إلى توفر الإدارة على سلطة تقديرية في تنظيم وضبط هذه العطلة (من مثل: للإدارة كامل الصلاحية في تحديد جدولة الرخص السنوية؛ ويمكن لها، رعيا لضرورة المصلحة، أن تعترض؛…)، وتتم تصرفات الإدارة في إطار تقدير الملاءمة وفي حدود تحقيق المصلحة العامة.

وهذه القراءة تنسجم مع ما ذهب إليه بعض الفقهاء منهم الفقيه Hauriou من أن السلطة التقديرية للإدارة هي بصورة أساسية سلطة ملاءمة لتقدير الإجراءات الإدارية. وهذا عين الصواب لضمان حق الموظف من جهة، ومن جهة ثانية تمكين الإدارة من حرية التصرف اللازمة لتحقيق حسن سير الإدارة.

فالتمتع بالعطلة السنوية حسب مدتها القانونية مجزأة أو مؤجلة وهي حق شخصي للموظف5، لا يمكن أن تحول الإدارة دون استفادة الموظف منها إلا لضرورة المصلحة، أي إلا إذا ترتب عليها إضرار بالمصلحة العامة وبالنظام العام بجميع عناصره6. وإذا اعتبرنا العطلة السنوية حقا شخصيا فمنطق قيام الحقوق الشخصية يقتضي أن لا يسمح للإدارة بالمساس بها إلا في أضيق الحدود ( وهو معيار وضعه بعض الفقهاء الفقيه الألماني بهلر لتسترشد به الإدارة في سلطتها التقديرية ) وهو ما اعتمده المشرع في صياغته للفصل الأربعين سالف الذكر. كما أن التنصيص على الأسباب التي تدعو الإدارة إلى الاعتراض على تجزيئ العطلة وحصرها في ضرورة المصلحة (حيث ورد في الفقرة الثالثة من الفصل الأربعين ويمكن لها، رعيا لضرورة المصلحة، أن تعترض على تجزئتها) يجعل قيام هذه الأسباب واجبة قبل اعتراض الإدارة ويمكن مراقبة قيام هذه الأسباب من عدمه عملا بمعيار العميد بونار. كل ذلك يفيد أن السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة في موضوع تجزئة العطلة السنوية هي في حدها الوسط إن لم تكن في حدها الأدنى.

ومما يدل على تقييد سلطة الإدارة في موضوع العطلة السنوية هو تدخل القانون لوضع قواعد لهذه العطلة تلزم الإدارة في تصرفها، لاسيما أيضا أن الفصل الأربعين سالف الذكر اقتصر على التنصيص على منح السلطة التقديرية في:

تحديد جدولة الرخص السنوية؛
إمكانية رعيا لضرورة المصلحة، الاعتراض على تجزئتها؛
إعطاء الأسبقية في اختيار فترات الرخص السنوية أخذا بعين الاعتبار الوضعية العائلية للموظفين.

حول إمكانية تجزئة العطلة السنوية و تأجيلها إلى السنة الموالية ؟

تجدر الإشارة ابتداء أن موضوع تأجيل العطلة السنوية مثار في القانون الإداري، ويندرج ضمن تنمية الموارد البشرية بما يحمله هذا المجال من مفاهيم جديدة تتعلق بتنظيم المرافق العمومية واستمرارية خدماتها واخضاعها لمعايير الجودة والفعالية وتمكين أعوان هذه المرافق من شروط وضمانات أداء مهامهم بالجدية والفعالية المطلوبة. فإذا كان الموظف الذي يباشر عمله طيلة السنة يحتاج للخلود للراحة وذلك لتجديد نشاطه، فإن المصلحة العامة للإدارة تقتضي في بعض الأحيان منح الموظف فترة راحة سنوية. وقد تلجأ بسبب ذلك الإدارة إلى إلزام بعض موظفيها بأخذ عطلتهم السنوية وهو إجراء تعتمده بعض الإدارات في بعض البلاد الأجنبية اعتمادا على قوانينها الوطنية .

وحيث أن العطلة السنوية تتميز بالدورية وتتعلق بالسنة المحددة فسكوت بعض التشريعات الأجنبية عن موضوع التأجيل يعني تعين استنفاذها في السنة المعنية لا نقلها إلى غيرها7.

أما التشريع المغربي فالواضح من صريح عبارة النص كما أسلفنا أن المشرع في الفصل الأربعين من الظهير سالف الذكر اختار عكس بعض التشريعات الأجنبية على التنصيص على إمكانية تجزئة العطلة السنوية وإمكانية تأجيل الاستفادة منها استثناء من سنة معينة إلى السنة الموالية. ولم يرد تحديد للفترة الزمنية أو تحديد شهور معينة من السنة التي تمنح فيه العطلة السنوية أو يمنع الموظف من العطلة مثل ما هو معمول به في بعض التشريعات الأجنبية. كما لم يتم تحديد المدة الأدنى للعطلة في حالة تجزئتها.

ويستثنى من ذلك الموظفون المستفيدون بحكم النظام الأساسي الخاص الخاضعين له من العطلة الإدارية السنوية في فترة محددة من السنة، ومن ذلك ماخوله النظام الخاص لموظفي وزارة التربية الوطنية في المادة 93 من المرسوم رقم 854-02-2 صادر في 8 ذي الحجة 1423 ( 10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية من الحق في رخصة سنوية لمدة شهرلا تمنح إلا خلال عطلة نهاية السنة الدراسية .

وإذا كان حسب منطوق الفقرة الثالثة من الفصل الأربعين سالف الذكر، للإدارة سلطة كاملة في إطار صلاحياتها في تقدير وتنظيم وقت منحها ، وهو المصرح به بعبارة” للإدارة كامل الصلاحية في تحديد جدولة الرخص السنوية” ، إلا أن الاعتراض على تجزئتها من طرف الإدارة لا يكون إلا لضرورة المصلحة كما أكدت نفس الفقرة “ويمكن لها، رعيا لضرورة المصلحة، أن تعترض على تجزئتها” ، وهو تضييق على هذه السلطة التقديرية لكي لا تتعدى إلى منع إقرار العطلة السنوية التي كما تنص الفقرة الأولى من الفصل المذكور حق للموظف وتعتبر إحدى حالات القيام بالوظيفة.

علما أن ضرورة المصلحة المعتمدة في هذه السلطة التقديرية وهي سلطة ملاءمة كما سلف، يمكن أن تمتد إلى ما يصطلح عليه حسن سير المرفق العمومي واستمرارية أدائه للخدمات الموجهة للمرتفقين . كما أن المبررات يمكن أن تتعدد ، ومن ذلك وجود أعمال ملحة على مكتب الموظف المعني لا تقبل التأجيل، وعدم وجود مستخلف للموظف الذي يطلب العطلة أو أن عطلة الموظف تأدي إلى تعطيل الأعمال الإدارية الملحة.

لكن في جميع الأحوال ومن دون مبررات كافية وواضحة، سيصبح أي موقف للإدارة من عطلة الموظف تجاوزا في استعمال السلطة.

وتجدر الإشارة أن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 52 أجازت للقوانين الوطنية أن تسمح في ظروف استثنائية بتقسيم أي جزء من الإجازة السنوية، إلا أن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 132 لسنة 1970 بشأن الإجازات السنوية مدفوعة الأجر، نصت بجواز إقدام السلطة المختصة في كل بلد على التصريح بتقسيم الإجازة السنوية المدفوعة الأجر إلى أجزاء، على أن الجزء الواحد من الإجازة السنوية مدفوعة الأجر يتألف من أسبوعين متصلين على الأقل مالم ينص على خلاف ذلك في أي اتفاق 8، وهو ما أكدته الاتفاقية العربية رقم 6 لعام 1976 بشأن مستويات العمل نصت في مادتها 50 على وجوب تضمين التشريعات الوطنية على جواز تجزئة الإجازة السنوية9.

وجدير بالذكر أن تجزئة العطلة السنوية أو تأجيلها ترخيص أقره المشرع أيضا بالنسبة لأجراء القطاع الخاص في القانون 65.99 بمثابة مدونة الشغل فقد ورد في المادة 240 “يمكن تجزئة العطلة السنوية المؤدى عنها، أو الجمع بين أجزاء من مددها، على مدى سنتين متتاليتين، إذا تم ذلك باتفاق بين الأجير والمشغل” إلا أن المشرع اشترط شرطا في المدة الأدنى لهذا التجزيء حيث نصت الفقرة الثانية من ذات المادة على ” غير أنه يمنع أن تؤدي تجزئة العطلة السنوية المؤدى عنها إلى تخفيض مدة العطلة، التي يقضيها الأجير سنويا، إلى أقل من اثني عشر يوم شغل، يتخللها يومان من أيام الراحة الأسبوعية” ، مع إقرار القاعدة العامة في المادة 244 التي تسمح ب “يمكن الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها، خلال أية فترة من فترات السنة “وكان من الطبيعي لخصوصية القطاع الخاص وتنوعه أن ترد استثناءات على الأجراء الذين يشتغلون في الاستغلاليات الفلاحية والغابوية وتوابعها في المادة 244 حيث صدر قرار مشترك بتحديد الفترات التي لا يمكن للأجراء الذين يشتغلون في الاستغلاليات الفلاحية والغابوية وتوابعها الاستفادة خلالها من العطلة السنوية المؤدى عنها. وفي جميع الأحوال فحسب المادة 245 “فيتولى المشغل، تحديد تواريخ العطلة السنوية بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم”.

إن هذه المقارنة مع تشريع الشغل في القطاع الخاص تأكد أن المشرع المغربي أقر قاعدة تجزيئ العطلة السنوية وتأجيلها لسنة واحدة موالية سواء في الوظيفة العمومية وكذا في القطاع الخاص مع اختلافات . فمدونة الشغل جاءت أكثر تفصيلا وتدقيقا في أحكام العطلة السنوية ، سواء في احتساب مدتها ومدتها الأدنى ،وطريقة الاحتساب وتحديد زمنها، ومن يتولى تحديد تواريخ العطلة، وشروط تحديد الزمن ،وحددت شكليات أخرى واستثناءات تتعلق بها، كما أقرت للسلطات المحلية إمكانية التدخل لتفادي حدوث تزامن في إغلاق المؤسسات المزاولة لنشاط واحد عند تمتع مستخدميها بالعطلة السنوية، وغايات المشرع من ذلك توفير ضمانات كافية للأجير للتمتع بالعطلة ولمنع إهدار هذا الحق وتحقيق توافق المشغل والأجير لضبط توقيتها ومدتها لما فيه خدمة المقاولة واستمرارية الإنتاج . لكن بالنسبة للظهير الشريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما وقع تغييره وتتميمه فقد حدد قواعد عامة وأحال على مبدأ المصلحة العامة لما يحمله من امتياز بالنسبة للإدارة في نشاطها ومن قوة في اتخاذ قرارات الترخيص أو المنع.

وختاما، إذا كانت الإدارة لا تمارس أعمالها لأغراض ذاتية لحسابها وإنما بقصد تحقيق هدف أساسي هو المصلحة العامة فقد لجأ المشرع للتنصيص على صلاحية الإدارة في موضوع جدولة العطلة السنوية وإمكانية الاعتراض على تجزئتها ، اعتمادا على معيار المصلحة العامة الذي يعد قلب القانون الإداري ومعيار يقوم عليه نشاط الإدارة، وذلك لمنحها قدرا من المرونة في تصرفاتها ، لكن في ذات الوقت فقد تمت إحاطة حق العطلة السنوية وإمكانية تجزئتها أو تأجيلها بضمانات تمنع تجاوز الإدارة لمبدأ المشروعية و الإضرار بحقوق شخصية لموظفيها.

بقلم: عبد الصمد أبوزاهير / باحث في القانون العام

1 بعض الدول وليس المغرب من بينها ضمنت الحق في العطلة أو الراحة بصريح العبارة في دساتيرها وأوكلت للقانون تنظيم كيفياتها.

2 تنص المادة 93 من المرسوم على: “يخول موظفو وزارة التربية الوطنية الحق في رخصة سنوية لمدة شهر، ولا تمنح هذه الرخصة إلا خلال عطلة نهاية السنة الدراسية التي تحدد بقرار لوزير التربية الوطنية.
غير أنه يسمح لأطر هيأة التدريس وهيأة التأطير والمراقبة التربوية بالتغيب لأكثر من شهر واحد خلال عطلة نهاية السنة الدراسية ما عدا المكلفين منهم بمهام إدارية بمؤسسات التعليم والتكوين والمصالح المركزية للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية والمصالح الخاضعة لوصايتها”.وبناء على المادة 94 من نفس المرسوم فإنه تبقى مقتضيات الظهير الشريف بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية جارية على موظفي وزارة التربية الوطنية فيما يتعلق بالرخص مع مراعاة مقتضيات المادة 93 أعلاه.

3 غير بالمادة الأولى من القانون رقم 05-50 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 10-11-1 بتاريخ 14 ربيع الأول 1432 (18 فبراير2011) : ج . ر. عدد 5944 بتاريخ 15 جمادى الآخرة  1432 (19 ماي 2011) ص 2630.

4الدكتور سامي جمال الدين سامي جمال الدين، الرقابة على اعمال الادارة (القضاء الاداري)، منشأة المعارف الاسكندرية، ص:215

5 Pouvoir discrétionnaire en droit administratif (fr) ؛ la Grande Bibliothèque du Droit؛www.lagbd.org/index.php/Pouvoir_discrétionnaire_en_droit_administratif_(fr)

6 اعتبارها من النظام العام يجعلها تتجاوز مجرد مصلحة شخصية للعامل لتصبح ضرورة تتطلبها المصلحة ولايجوز التنازل عنها أو الاتفاق على التخلي عنها.

7 في حالة التشريع الفرنسي حسب Code du Travail فقد رخص في تجزئ العطلة السنوية بشروط منها أن تتجاوز العطلة 12 يوما مفتوحا من أيام العمل Article L3141-19 . Lorsque le congé principal est d’une durée supérieure à douze jours ouvrables, il peut être fractionné avec l’accord du salarié

8 اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 52 بشأن الإجازات السنوية مدفوعة الأجر تنص في البند 4 من المادة 2 على “يجوز للقوانين أو اللوائح الوطنية أن تسمح في ظروف استثنائية، بتقسيم أي جزء من الإجازة السنوية مدفوعة الأجر يتجاوز المدة الدنيا التي تقررها هذه المادة ( ستة أيام عمل)” كما أن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 132 بشأن الإجازات السنوية مدفوعة الأجرفي المادة 8 بند1 صرحت ب :”يجوز للسلطة المختصة أو الجهاز المختص في كل بلد أن تصرح بتقسيم الاجازة السنوية المدفوعة الأجر إلى أجزاء”واعتبر البند2 أن جزء واحد من الإجازة السنوية مدفوعة الأجر يتألف من أسبوعين متصلين على الأقل مالم ينص على خلاف ذلك في أي اتفاق…”

9 تنص الفقرة الثانية من المادة 50 من اتفاقية منظمة العمل العربية رقم 6 لعام 1976 بشأن مستويات العمل على :” كما يجوز تجزئة الإجازة السنوية، وفقا لمقتضيات العمل، على أ، يحصل العامل على ستة أيام متتالية منها على الأقل، ولايجوز تأجيل ما زاد على ستة أيام، إلا بناء على طلب العامل، ولسنة تالية فقط”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *