وجهة نظر

إحدى عشرة نقطة بخصوص سبتة ومليلية المغربيتين

1. هل توجد مدينتيْ سبتة ومليلية داخل رادار الضمير الجمعي المغربي؟

2. وسم “دولة ذات سيادة” تتصدر جميع دساتير الدول الحرة، و المغرب ليس استثناءً. إذ جاء في تصدير الدستور المغربي، و بالضبط في مطلع الفقرة الثانية منه، “المملكة المغربية دولة اسلامية ذات سيادة كاملة متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية”. لكن وجود مدينتين من نفس المملكة محتلتين إلى غاية اليوم – السنة 22 من الألفية الثالثة—من طرف قوة غربية وأجنبية يسائلنا جميعا حول مفهوم السيادة و تقدير الدستور ومحوريته في الحياة السيادية والسياسية للمغاربة.

3. الدولة المحتلة للمدينتين لا تربطنا بها حدود برية، بل تعبر البحر ذهابا و إيابا في اتجاهنا لتمارس بشكل يومي احتلالها للمدينتين. لتقريب الصورة أكثر، اسمحوا لي بأن أعقد المقارنة التالية: الأمر شبيه بجارٍ يسكن بعيدا عن منزلك بمئات الأزقة والشوارع، لكنه يدوس على كرامتك و يأتي لإلقاء قمامته تحت شرفة بيتك، أو لربط حصانه أو ركن سيارته بمحاذاة باب منزلك.

4. ليس هذا فحسب، بل كلنا يعلم أن هناك سياج حديدي و آخر غير مرئي يحمي المدينتين اللتان هما جزء لا يتجزأ من لحمة وطن أوسع. ظلت نشرات الإعلام الرسمي عبر عقود من الزمن تتكلم عن “جدران الميز العنصري” في مناطق أخرى من العالم التي تفصل بين ذوي الكرامة و بين مهدوريها، لكن يتم النظر لجدار سبتة و مليلية على أنه أمر عادي، و هذا لعمري قمة اضطراب الرؤية عن قرب كما عن بعد. 

5. الأغرب من هذا أن يُستعمل ذات السياج لتوزيع الأدوار بين البلدين، و إبقائه كفخ لاصطياد الأرواح البشرية و توريط السلطات المغربية في تقارير ستظل محفوظة في ذاكرة الانترنيت و محركات البحث وأرشيف السفارات ومنظمات حقوق الانسان.

6. الأسوأ من كل هذا، أن تهتف من داخل أزقة المدينتين السليبتين، حناجر مغربية قحة ب “عاشت إسبانيا”، و أن تبتهج بزيارات مسؤولي مدريد الكبار. (و هذه حقيقة و ليس ادعاء ما دام موثقا في الانترنيت). فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك خلل ما، في سياسات ما.

7. فهل تستغل اسبانيا انشغال المغاربة بالبحث عن الوظائف و المناصب و الصفقات و التضييق على الحريات، وهندسة خطط النصب و الاحتيال، و الشعوذة و الدجل، و روتيني اليومي، و التقاتل الرياضي، و النسخ و اللصق في البحوث الجامعية، و بيع النقط والشواهد، فضلا عن سعي الفقراء الحثيث من أجل تأمين قوتهم اليومي وأضحيتهم السنوية، فتواصل “مد أرجلها” فوق أرض الغير؟ ثم هل فعلا تحترم اسبانيا المغرب؟ إن من يحترمك لا يمكن أن يسرق ممتلكاتك!

8. على الحكومة المغربية أن لا تتعامل مع قضية الهجرة الإفريقية بازدواجية متناقضة: ترحيبٌ بالمهاجرين في جنوب المملكة وشرقها ووسطها وشمالها، و إكرامهم عبر تمكينهم من أوراق الإقامة، لكنها تتعامل معهم— نفس الأفراد—بمقاربة تصادمية على مشارف سبتة و مليلية، فيصبح الوضع كما لو أنها تسَوقهم من قعر الزجاجة إلى عنقها. فإن كان من الصد و المنع و لا بد (و هذا أمر قد يفتقد للحس الانساني و التضامني) فإن ذلك يجب أن يكون على باقي حدود المغرب، لأن كرامة المغرب و صون سيادته أولى. 

9. قبيل الختام، هل للمغرب خطة، أو على الأقل نية، في استرجاع أو تحرير الثغرين عبر استراتيجية التفاوض المدعومة بوهج الذكاء و بعد البصيرة و قوة الحجة، و استباقية الخطة. 

10. إن حرية المدينتين السليبتين أفضل و أبقى بآلاف المرات من المساعدات التي قد يتلقاها المغرب نظيرَ قبوله بدور حامي أمن أوروبا. فبلدنا بلد أفريقي و علينا أن نتصرف كعرب و أمازيغ أفارقة، خاصة و أن معظم الدول التي ينحدرُ منها ضحايا أحداث السياج الأخيرة كانت قد بادرت من قبل إلى فتح قنصلياتها وتمثيلياتها الديبلوماسية في كل من العيون و الداخلة. 

11. ختاما، هل يمكن أن يُبلِغ المفاوض المغربي نظيره الإسباني، المدعوم بأشقائه و جيرانه الأوروبيين، أن الحل الوحيد و الأمثل لإيقاف تدفق المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء يكمن في تسليم المدينتين إلى المغرب و إنهاء انتماؤهما للاتحاد الأوروبي. حينها لن يصبحا مُغريَّتان (جذابتان) للمهاجرين، بل مَغربيتان وحسب!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *