وجهة نظر

اللقاء المبارك للجمعية المغربية لأساتذة التربية الاسلامية

غمرتني سعادة خاصة للنجاح الذي عرفه اللقاء الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الاسلامية، والذي كان في رحاب المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط ، يومي 26 و27 من الشهر الجاري، فقد يسر الله فيه جملة أمور قلما تجتمع في لقاء على الأقل كما خبرت لقاءات وأنشطة عديدة، فقد يسر الله تمويله بغير عنت، وتيسر مكان اللقاء من أول مكالمة مع مدير المركز بالرباط، فقد رحب وساعد وسهل المهام، وكان الممون غاية في اليسر وجودة الخدمات والمأكولات المقدمة بأيسر تكلفة ممكنة مع الممونين، وسخر الله موظفا في المركز بسيطا في سلمه كبيرا في أخلاقه وتفانيه في الخدمة والمساعدة بخصوص تهييء غرف النوم وقاعات الاشتغال، ويسر الله تعاونا عجيبا بين أعضاء الجمعية، تفرغت كل لجنة وجهة بمهامها بجدية وتجرد، لم يسمع تجاذب ولا حدة نقاش، وتضافرت جهود الجميع وعيونهم وقلوبهم على هدف واحد هو النجاح،

ومما يحسب للجمعية امتزاج مختلف أطرها من غير تمايز ولا تنابز ولا تعال، بل أخوة صادقة وتكامل لا تخطئه العين، تجد المفتش بجانب االأستاذ في مختلف الأسلاك وبجانب المكون والباحث، والمتقاعد بجانب الممارس، والشيوخ بجانب الشباب والمرأة بجانب الرجل، وتجد الحركي بجانب السلفي والعدلي بجانب اللامنتمي، الكل يجمعهم هم المادة وتطويرها والمنافحة عليها، وكثيرا ما يؤكد رئيس الجمعية وأعضاء مكتبها الوطني على استقلالية الجمعية حقيقة وصدقا لا كذبا وادعاء، وأن الأفراد أحرار فيما يعشقون وما إليه ينتسبون، فالمهم داخل الجمعية ليس غير الهم التربوي الإسلامي وهم التلميذ وإشراكه في المادة، وغير الرقي بالتربية الاسلامية منهاجا وبرامج وطرائق ووسائل ومضامين ، وبحث عن السبل الكفيلة لتحقيق مقاصد المادة وكفاياتها ومساعدة القائمين عليها على جودة التدريس والتأطير والتكوين فيها، كل ذلك لما فيه مصلحة البلاد والعباد، وبمنهج الوسطية والاعتدال.

وقد فاق عدد الحاضرين ما كان متوقعا، وجاء الناس من كل فج عميق من العيون والصحراء الحبيبة ومن وجدة وأكادير وتزنيت وفاس وسطات وسيدي سليمان وشمال المملكة ووسطها وغيرها كثير، بحيث حضر ثلاثون فرعا من فروع الجمعية، فضلا عن المكتب الوطني ومكوني المراكز الجهوية من الرباط والقنيطرة ووجدة وبني ملال ومكناس ومراكش والعرائش وآسفي، ومن كان لهم قصب السبق في التسجيل والمساهمة لحضور اللقاء، فعجبت كيف يقطع البعض المسافات في جو شديدة أمطاره ملبذة غيومه، ينفق من جيبه مصاريف سفره، ويؤدي المساهمة الرمزية للقاء، في عمل تطوعي وفي آخر أيام العطلة لبعض الجهات ، وكنت أقول لبعض من تيسر استقبالهم :حقا لا يأتي في هذه الأجواء الا محب صادق في مادة التربية الاسلامية وأهلها، ورأيت البركة تدب في أوصال اللقاء والمحبة تلف الجميع.

تدارس المجلس الوطني لجملة من القضايا

كانت الأمسية الأولى ليوم السبت خاصة بمدارسة المجلس الوطني لجملة من القضايا المبرمجة في جدول أعماله، ومن بينها المستجدات التربوية التي عرفتها الساحة التربوية حيث سجل المجلس ملاحظاته المرتبطة بالاختلالات التي شملت الدخول المدرسي للعام الحالي، مثل مشكل الاكتظاظ، و الخصاص الواضح في هيئة تدريس مادة التربية الإسلامية وفي أطر المراقبة والتأطير، وبعض الارتباك في معالجة ملف الأساتذةالمتدربين الملتحقين هذه السنة بالميدان وبالمؤسسات التعليمية لاستكمال عدة تكوينهم العملية وتقويمهم للاستعداد لمباراة التوظيف، وتأخر إصدار الكتب المدرسية والأطر المرجعية وتأثير كل ذلك على سيرورة العملية التربوية وانطلاقتها السليمة .ودعا المجلس إلى ضرورة الإسراع في معالجة هذه الاختلالات والعمل على تجاوزها ….وتم في المجلس أيضا عرض التقارير الأدبية والمالية للمكتب الوطني ومكاتب الفروع ومناقشتها ، وتمت الإشادة بكثير مما ورد فيها جودة وتنوعا . والتنبيه على أوجه النقص والتقصير وإعمال المتابعة للتوصيات والقرارات السابقة والنظر في كيفية مواجهة التحديات وسبل التطوير وتجويد الأعمال.

أول لقاء لمكوني مادة التربية الاسلامية على مستوى المراكز الجهوية

وبموازاة مع أشغال المجلس الوطني عقد الملتقى الاول للأساتذة الباحثين والمكونين في مادة التربية الاسلامية بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين كان الغرض منه تحيين عدة التكوين وخصوصا في مجزوءات التكوين الأساس وديدكتيك التخصص سواء في التخطيط أو التدبير أو التقويم والبحث بما يتلاءم مع المنهاج الجديد للمادة ، تم فيها الاستماع إلى بعض أعضاء اللجنة التي باشرت إنجاز المنهاج الجديد (الدكتور محمد الزياني مكون بمركز الرباط، الأستاذ عبد السلام بنصبيح مفتش تربوي ممتاز، الأستاذة ربيعة جابر أستاذة ممارسة في المستوى الاعدادي) وتم تشخيص وضعية التكوين في المادة، والذي أظهر نوعا من التمايز بين المراكز واختلافا في الاجتهادات حتى بين مكون وآخر، بما يفرض وضع أرضية توحد الرؤى وتضمن تبادل التجارب في أفق مزيد من الجودة والتطوير، كما أثار الإخوة المكونون لأساتذة التعليم الأساسي في المستوى الابتدائي إشكالية إهمال بعض المراكز الجهوية لمجزوءة التكوين الأساس في مادة التربية الاسلامية والاكتفاء بالتخطيط والتدبير والتقويم ونحو ذلك، والحال أن هذا السلك يستقبل خريجين من مختلف التخصصات يفتقر الكثيرون منهم إلى الحد الأدنى من التكوين الأساس في المواد الاسلامية، فنعلمه فن التسويق ولكن يفتقد الى المادة المطلوب تسويقها،

وأكد المشاركون على ضرورة ارتباط عدة التكوين بمنهاج التربية الاسلامية الذي سيباشر المتخرجون تنزيله في المؤسسات التعليمية عوض الإغراق في العموميات والتخصصات الدقيقة وانشغالات المكونين، وفي الجانب الديداكتيكي التخصصي وجب الارتباط أكثر بتعميق النظر في الوثائق الرسمية للمادة بدءا من وثيقة المنهاج والأطر المرجعية ومذكرات المادة والتوجيهات الخاصة بها ونحو ذلك، واكساب المتخرجين مهارة إشراك التلاميذ وتنويع الوسائل التعليمية، بحيث نضمن جودة المضامين وجودة التسويق لها، واعتبار الأستاذ المتدرب هو الفاعل الرئيس في عملية التكوين ودور المكون هو الاشراف والتوجيه، وفي إطار تعميق النقاش وتوسيع المشورة والإشراك، عهد الى الإخوة في مركز مراكش وآسفي تعميق النظر في مجزوءة التكوين الأساس، والى جهة فاس ومكناس بتعميق النظر في مجزوءة التخطيط، وجهة الرباط القنيطرة بمجزوءة التدبير، وجهة وجدة بمجزوءة التقويم، كل ذلك في ضوء المنهاج الجديد للمادة. ولا يزال الباب مفتوحا لمساهمة مختلف المراكز والباحثين والمكونين بها.

تتويج المتسابقين في الموارد الرقمية

كما عرفت تلك الأمسية اشتغال لجنة أخرى على عرض منتوجات المتبارين في المسابقة الأولى التي نظمتها الجمعية للموارد الرقمية الخاصة بمادة التربية الاسلامية، تشجيعا للمواهب والإبداعات وتطوير الوسائل التعليمية وأساليب التنشيط في المادة، وقد أنهت اللجنة أشغالها بتتويج الفائزين بالمسابقة أمام أعضاء المجلس الوطني،

جلسة الافتتاح

وأما يوم الأحد فكان يوم الندوة الوطنية حول “قراءة في المنهاج الجديد لمادة التربية الاسلامية”حيث عرف مدرج خير الدين بالمركز الجهوي بالرباط حضورا مكثفا وفاعلا لمختلف أطر المادة، فبعد آيات من الذكر الحكيم تناول الكلمة السيد مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط سلا القنيطرة مرحبا بالحضور ومنوها بأهمية النشاط الذي يتناول منهاج المادة وسبل تطويره وتجويده، ثم تكلم الدكتور العربي بوسلهام باسم شعب الدراسات الاسلامية مركزا على أهمية مراعاة شعب الدراسات الاسلامية لمنهاج التربية الاسلامية حتى تهيئ الأطر المناسبة لتدريسه من الناحية العلمية وكذا التأهيل التربوي من خلال المسالك الخاصة وتهيئ الإجازات المهنية بتنسيق مع المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، ثم تحدث رئيس الجمعية الأستاذ محمد الزباخ مرحبا بمن استجابوا لدعوة الملتقى وأكد أن هذا اللقاء هو لقاء أولي يأتي مناسبا لما صرح به مدير المناهج بأن هذه السنة هي سنة تجريبية لمنهاج التربية الاسلامية، ومن شأن الملاحظات والتوصيات التي تنبثق عن هذه الندوة الوطنية أن تساهم في تجويد وتطوير المنهاج، وتدارك ما يمكن تداركه، وثمن وشكر اللجنة التي باشرت بناء المنهاج الجديد في وقت قياسي ، وبين أن الندوة هي تكميل لعمل اللجنة من جهة الاغناء والتطوير، وعاتب الوزارة كونها لم تشرك الجمعية المغربية لأساتذة التربية الاسلامية في هذه المراجعة رغم وجود شراكة موقعة مع وزارة التربية الوطنية.

وكان من حسنات الجلسة الافتتاحية استدعاء بعض الملاحظين التربويين من خارج تخصص التربية الاسلامية ، فتقدم الدكتور شكير عكي من مركز تكوين مفتشي التعليم تخصص اجتماعيات، بوضع جملة من التساؤلات على المنهاج الجديد للتربية الاسلامية من مثل :هل تمت دراسات علمية تقويمية للمنهاج السابق؟ القيم المتحدث عنها ألم تكن موجودة في المنهاج السابق وقبله في الميثاق والكتاب الأبيض؟ وهل الكفايات المعبر عنها في المنهاج الجديد صيغة صياغة علمية دقيقة أم هي بحاجة إلى مزيد إحكام؟ وهل المصطلحات المستخدمة في المرجعيات والمداخل والمقاصد واضحة بما فيه الكفاية أم يلف بعضها اللبس والغموض بما يحدث إرباكا في الأجرأة والتنزيل؟ثم إشكال التقويم، هل من السهولة تقويم التزكية والاستجابة والاقتداء والقسط والحكمة، وما هي مؤشرات كل ذلك؟ ثم هل هناك توازن بين المعرفة والقيم والمهارات في المنهاج الجديد؟

الجلسة العلمية الأولى

وفي الجلسة العلمية الاولى أثار الاستاذ عبد السلام الاحمر من خلال عرضه جملة من الملاحظات مثل فجائية قرار تغيير المنهاج والسرعة القصوى في انجازه، وكذا تأليف الكتب المدرسية وعدم توسيع المشورة وإشراك أكبر قدر من الفاعلين التربويين، وكذا الانتقال من المكونات في الابتدائي والوحدات في الإعدادي والتأهيلي إلى ما سمي بالمداخل وهو في حقيقته عودة إلى المكونات في مختلف المراحل، والمنهاج السابق من هذه الناحية كان بسيطا وواضحا من خلال وحداته العشر العقائدية والعبادية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاعلامية والعقلية والصحية والفنية، وجعل المكونات خادمة ووسيلة لغاياتها، ثم غياب قيمة مركزية حقيقية تتمركز حولها باقي القيم، فرغم ذكر التوحيد الا أنها لم ترد كقيمة مركزية من الناحية العملية بحيث يرتبط المنهاج بها وتتلمسها في كل دروس المقررات.

ثم كانت مداخلة د.مصطفى الصادقي من المركز الجهوي بوجدة، بعنوان”نظرات في منهاج التربية الإسلامية الجديد على ضوء مبادئ هندسة المناهج التعليمية” مبينا أنه لا يتحدث عادة عن منهاج مادة واحدة، وواصفا ما وقع في التربية الاسلامية بانه تدخل موضعي وتعديلات إضافية في المجال القيمي والمحتوى العلمي للمادة وفق مداخل مختارة، وبين أنه تم تغييب ما سماه ب”علوم التوثيق” فليس في المقرر ما يؤكد ربانية النص القرآني والحديثي بما يحرم المتعلم من الاطمئنات للسنة مثلا أمام ما تتعرض لها من موجات تشكيكية، كما تم إغفال وإبعاد أبواب فقهية بكاملها مثل الجنايات والسياسة الشرعية وكثير من أبواب المعاملات، مما يضعف شعور المتعلم بشمولية الإسلام لمختلف مجالات الحياة، ولم يجد للمداخل مستساغا تربويا معتبرا إياها مطالب ومؤكدا صعوبة التمييز بينها.

الجلسة العلمية الثانية

وفي الجلسة العلمية الثانية تقدم الأستاذ الباحث في المجال التربوي ومفتش المادة أحمد عروبي بمداخلة بعنوان : »المنهاج الجديد تقدم أم نكوص؟متسائلا لماذا اختيار أسماء :التزكية والاستجابة والاقتداء والقسط والحكمة، ألم يكن الأجدر الحديث عن المكونات مباشرة وبشكل واضح أي العقيدة والقرآن الكريم والفقه والسيرة والاخلاق؟ثم بين من المظاهر الايجابية والتقدم اعتماد القرآن الكريم في مختلف الأسلاك بما فيه الثانوي التأهيلي، واعتماد السيرة النبوية ومحاولة لتطوير الوحدة من الوحدة المعرفية إلى الوحدة المفهومية والقيمية، ثم عرج على ما اعتبره نكوصا وتقصيرا مثل تضخم المحتوى المعرفي وخصوصا في المستوى التأهيلي، والغموض الديداكتيكي مقارنة مع المنهاج السابق ، بحيث أصبح على كاهل الأستاذ أكثر من 80 في المائة من العبء الديداكتيكي في هذا المنهاج، ثم غياب دروس الأنشطة والتطبيقات وقد كانت بارزة في المنهاج السابق بما يعني نكوصا في الجانب المهاري، ثم وجود تداخل مشوش بين مصطلحات المداخل المعتمدة، مع غياب قضايا مهمة كمقصد العمران وقيمة التفكير والكفايات المنهجية.

الدكتور أحمد العزوي من المركز الجهوي فاس مكناس تقدم بمداخلة بعنوان تحرير المقال فيما بين منهاج التربية الاسلامية ومقرراتها الجديدة من الاتصال والانفصال، متسائلا بنبرته الفكاهية عن مبرر حذف ما يتعلق بالجهاد، والحال أن تدريسه سيقي الناشئة سوء الفهم لهذا الأصل العظيم من الدين، وكذا مبرر إزالة دروس الإرث والحال أن كثيرا من الشبهات تثار في المجال، وحبذا لو تركت على الأقل مقاصده والحكمة فيه، كما ورد في المنهاج حديث عن المساواة والحال أن الاسلام يتحدث عن العدل. وأشار الى ضعف العناية بالسنة في المنهاج الجديد وهي مطلوبة أكثر من السيرة التي يعتبر قسم ما قبل البعثة للإخبار وليس للاقتداء بينما السنة كلها مطلوبة، واستغرب وصف الفكر البشري بالكونية والحال أن الخطاب الرباني هو الكوني والنبي صلى الله عليه وسلم بعث رحمة للعالمين.

الدكتورة فاطمة أباش مفتشة التربية الاسلامية تقدمت بمداخلة بعنوان”موقع القرآن الكريم والقيم الناظمة لمنهاج التربية الاسلامية في تصريف مفردات المداخل الرئيسية”قارنت في مداخلتها بين المنهاج القديم والمنهاج الجديد والذي أكدت بإلحاح وحماس أنه في طور التجريب بحسب تأكيد مدير المناهج، وبينت السياق الدولي والوطني الذي حدثت فيه المراجعة، ثم دعت الى تعميق النقاش للخروج بقيمة مركزية واحدة، ودعت إلى إبقاء الوحدات عوض المكونات والمداخل.

الدكتور محمد منصف العسري من المركز الجهوي بالرباط، تقدم بمداخلة بعنوان : »موجهات منهجية عامة للتعامل مع منهاج التربية الاسلامية الجديد بالتعليم الثانوي” وأبرز من إيجابيات هذا المنهاج أنه وحد بين مختلف الأسلاك بخصوص المنهجية المعتمدة، ونص في وثيقة المنهاج على الخصوصية المغربية، ومن مظاهر نقص المنهاج حصره المقاصد في أربع بغير مسوغ علمي، فلم لا تكون أكثر أو أقل؟ ومن ذلك الخلط في المرجعية بين مذهب الاعتقاد والمذهب الفقهي،ثم خلص إلى التوجيهات المساعدة في التعامل مع المنهاج ومنها:الربط الداخلي بين مكونات المادة والربط مع باقي المواد، اعتبار كل مدخل قضية مركزية تجمع دروسه، الانطلاق من النصوص الشرعية وربط الأحكام بأدلتها، دراسة الأحكام الشرعية في إطار الأسس العقدية والأخلاقية، التركيز على المضامين المتفق عليها والاستفادة من آداب الاختلاف، ضبط الاحكام الجزئية من خلال إلحاقها بقواعدها، العناية بمقاصد الأحكام وبيان العلل وأوجه الحكمة، وصل المعرفة بالممارسة العملية بالربط بالسيرة والقدوات الصالحة والواقع المعيش وانشغالات المتعلمين، تنويع الوسائل التعليمية واعتماد الجداول والخطاطات ونحو ذلك.

تعقيب أحد أعضاء لجنة المنهاج الجديد

ثم فتحت المناقشة بإعطاء حق الرد والتعقيب لأحد أعضاء اللجنة التي أشرفت على المنهاج الجديد لمادة التربية الاسلامية، وهو الدكتور عبد الحميد بودار من المركز الجهوي بالرباط، حيث صرح بأنه يتدخل باسمه الخاص ولا يتحدث باسم اللجنة ، فثمن مبادرة الجمعية لعقدها لهذه الندوة وأشاد بالعروض والأفكار التي جاءت فيها والتي لن تكون إلا إغناء وتطويرا للعمل، مبينا الظروف الخاصة للاشتغال وخصوصا ما يتعلق بضيق الحيز الزمني المخصص، وأنه تم إعمال منهج التضمين والتجاوز ولم تشتغل اللجنة بمنهج القطائع، وأنه تم اعتماد بعض أعمال الطلبة المتدربين في تشخيص وضعية المنهاج السابق وكذا بعض الأبحاث الجامعية، وأكد أنه لا ينتظر من المنهاج أن يكون شاملا لكل المعارف الدينية ، فالتنشئة الدينية بحسبه ليست المدرسة وحدها هي المسؤولة عنها فهناك الأسرة والمسجد، وأن المنهاج الجديد حاول التخلص من التضخم المعرفي وانحاز إلى التشبع بالقيم أملا في التغيير السلوكي، ونبه إلى الفصل بين مستوى الهندسة المنهجية ومستوى تأليف الكتب المدرسية حيث يتدخل تحدي النجاح في النقل الديداكتيكي ومراعاة مستوى التلاميذ، وعموما فقد اجتهدت اللجنة في تنزيل ما تراه مناسبا للإرادة الملكية منذ خطابه الأول في تولي العرش حيث تحدث عن تخليق الحياة العامة إلى خطاب العيون حول إعادة النظر في التربية الدينية.

وقد تم إغناء العروض بمداخلات وملاحظات الممارسين في الميدان تدريسا وتأطيرا وتكوينا، من مختلف المدن والجهات، وكان بحق عرسا تربويا مباركا ورائعا.

على سبيل الختم

وختاما، أعتبر مقصود الملتقى والندوة قد تحقق بامتياز، فقد اجتمعت فيه ثلة مختارة من أطر المادة، وحضرت فيه هموم التدريس والتأطير والتكوين والبحث التربوي، وذلك في علاقة مباشرة مع المنهاج الجديد للمادة، وثمن عدد من الحضور كون سنة التنزيل هذه للمنهاج الجديد سنة تجريبية بحسب تعبير مسؤولين رسميين بما يفتح الأمل للمراجعة والإغناء والتجويد، وأكد الكثيرون ضرورة اعتبار الوزارة الوصية الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية شريكا تربويا في كل ما يخص المادة ووجوب تدارك ما وقع من تغييب إشراكها في بناء المنهاج الجديد، كما أكد المشاركون على رفع الخلاصات والتوصيات إلى الجهات المعنية.

ولا شك أن الرهان بعد كل هذا الكلام وغيره، على الإطار الرسالي لمادة التربية الاسلامية في أي موقع كان ، أي نحن بحاجة إلى المدرس الرسالي والمفتش الرسالي والمكون الرسالي والباحث الرسالي، كل هؤلاء لحمل مشعل التربية الاسلامية منارة في الاصلاح وبناء المسلم الصالح المصلح، والمواطن الوارث للرحمة بالعالمين، فوجودهم يسد ثغرة كل منهاج، وغيابهم يبطل مفعول أرقى وأسمى المناهج، وبعد أن تيسر دفع الهجمة على اسم التربية الاسلامية، لم يبق غير حسن التنزيل، و الحذر من اختراق المفاهيم المخالفة لروح ديننا لمنظومتنا التربوية في منهاجها الاسلامي.

وأما الاختلاف في بعض القضايا التربوية كاعتماد المكونات أو الوحدات أو المداخل فأمرها يسير، وهو خلاف قديم في الجواب عن سؤال : كيف نربي بالاسلام؟ هل بالقرآن والسنة أم بالفقه من خلال أبوابه المختلفة بما فيه فقه الاعتقاد وفقه السلوك والقلوب، والرأي عندي أن الجمع أولى من الترجيح، نجتهد أن يسمع أبناؤنا نصوص الوحي قرآنا وسنة وبالفهم السليم، ونجيب عن مختلف الاحتياجات سواء كانت للمجتمع أم للمتعلمين، جمعا بين الحسنيين ونيلا للفضلين في التطهير والبناء