وجهة نظر

أيها المرضى “حضيوا راسكم”.. فالأطباء ليسوا ملائكة!

تعتبر التوعية في الميدان الطبي أحد مقومات الرعاية الصحية الأولية، والتي هي ليست مقتصرة عن الطبيب ذي الضمير المهني الحي (الطبيب الانسان) ولكن أصبحت حتى من مسؤولية النخبة المثقفة من المواطنين والمواطنات، بل هي الخطوة الأولى نحو تثقيف الفرد والمجتمع بأمورهم الصحية، والعمل على كسر حواجز الجهل والقضاء على الاعتقادات الخاطئة، وحماية المواطن من عمليات جراحية باطلة وظالمة، وبالذات التي يتداولها الناس بشكل مبالغ فيه، وأنماط السلوك الصحي التي يمارسونها عن جهل، إلا أن هاته الفئة المأمول فيها إعانة الطبيب في توعية الشعب أصبحت تفضل السكوت بل والتستر عن خيانة الأمانه للعديد من الأطباء وما يقومون به من تلاعب بصحة الناس.

من المؤسف أننا نريد إعانة وتوعية الشعب بكل إخلاص ونكران ذات، ولكن هذا الأخير لا يريد إعانة نفسه، والأخطر من هذا أن الأمر لم يعد مقتصرا على عموم المواطنين ذوي المستوى الأكاديمي المتواضع، بل أصبحنا في صراع خفي مع مايسمى بالنخبة الحاصلة على شهادات عليا لكن بوعي شبه منعدم وذو أنانية ليس لها مثيل.

خلصت تجربتنا المهنية بالميدان الطبي والتي كرسناها منذ عودتنا إلى أرض الوطن حيث كانت محفوفة بعدة صراعات خفية، تبعتها مرحلة إعلامية حينما لاحظت أن التوعية الفردية في العيادة أو الجماعية عل مستوى الجامعات لا تكفي وذات نتيجة ضئيلة، فبدأت بتسجيل حلقات مصورة مع محطات الكترونية والتي لقيت إقبالا واستحسانا داخل المغرب وخارجه، وذلك لتبسيط المعلومة الطبية وجعلها في متناول الجميع، لإنقاذ الشعب وخاصة النساء من الجراحات الظالمة التي لايتوخى منها الا نهب المواطن، وفي غالب الأحيان ما تكون هناك تعقيدات موالية لهاته الجراحة.

وفي هذا الصدد عدة أطر عليا نسائية استفدن من نصائحي وكن على الوشيك القريب جدا من الجراحة، ولكن حينما أنقدن من الخطأ الفادح والجريمة الطبية فضلن السكوت والتستر على هاته الجرائم عوض المساهمة في نشر الوعي والتكلم عن حالتهن الخاصة لينقدن نساء أخريات في نفس الحالة.

وعلى سبيل المثال أذكر الثلاث حالات الأخيرة:

1 – صحفية ودكتورة في القانون الفرنسي التي شاهدت حلقة كنت قد خصصتها لموضوع جراحة عقدات الغدة الدرقية، فاتصلت بأحد الصحفيين وأخبرته بأن طبيبتها قد حددت لها موعدا للجراحة، وفي نفس ذلك اليوم أخبرها الصحفي بأنه من الأفضل أن تأتي عندي للعيادة للتأكد من التشخيص، فوجدت أنه لا مجال بتاتا للجراحة لأن كل التشخيص كان خطأ، فطلبت منها بصفتها صحفية وإطار عالي أن تخرج بفيديو تتكلم عن حالتها الشخصية لتنقد الكثير من أخواتها المغربيات، ولكن طلبي قوبل بالرفض.

2- سيدة أصلها من فاس مسؤولة في السياحة، كانت ستفقد كِلية بأخطاء فادحة وإهمال كبير من طرف طبيب اختصاصي في جراحة الجهاز البولي بالدار البيضاء كما أن طبيب اختصاصي في الولادة وأمراض النساء من عائلتها كذب عليها قائلا لها إنه أجرى لها عملية على الرحم وهي وهمية فقط، طلبت منها أن تتكلم في الصحافة، لتنقد نساء أخريات، فإذا بها تطلب من الصحافة مقابلا ماديا.

3- سيدة عندها عدة أورام حميدة في الثدي تعرضت لتشخيص خاطئ كليا وزيادة كانت ستذهب ضحية جراحة باطلة، كذلك لا تريد بتاتا أن تتكلم عن حالتها… والأمثلة عديدة جدا.

وهنا أتساءل أين هو نكران الذات والعطاء والإخلاص في العمل والوفاء للوطن وحب الآخر والمؤازرة التي ترعرعنا فيها، للأسف لقد طغت الأنانية وحب المال وانعدام الأخلاقيات العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *