خارج الحدود

تورط فيها نحو 400 رجل دين .. القضاء الأميركي يفتح تحقيقا حول الفضائح الجنسية لأكبر كنيسة بروتستانتية

بعد الاعلان في مايو الماضي عن تقرير استقصائي صحافي كشف عن تورط كبار قادة “الكنيسة المعمدانية الجنوبية” (أكبر الطوائف البروتستانتية في الولايات المتحدة) في عرقلة وتشويه سمعة الناجين من الاعتداءات الجنسية على يد رجال الدين على مدى عقدين من الزمان، تدخل وزارة العدل مؤخرا في الملف وفتحت تحقيقا في الكنيسة.

وكشفت الفضيحة الجنسية لـ”الكنيسة المعمدانية الجنوبية” تورط نحو 400 رجل دين ومتطوع ومربّ اعتدوا على أكثر من 700 شخص، في 2019 بفضل تحقيقات أجرتها صحيفتان يوميتان في تكساس هما “هيوستن كرونيكل” و”سان أنطونيو إكسبرس نيوز”.

وزارة العدل تفتح تحقيقا

وحسب “يورو نيوز”، فتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقاً في الكنيسة البروتستانتية الرئيسية في الولايات المتحدة “المؤتمر المعمداني الجنوبي” (ساذرن باتيست كونفنشن)، كما أعلنت الكنيسة، بعدما أشار تقرير مستقل صدر مؤخراً إلى فشلها في إدارة قضايا اعتداءات جنسية ارتكبها أعضاء فيها.

وقالت الكنيسة في بيان، حسب نفس المصدر، إن “لجنة إدارة المؤتمر المعمداني الجنوبي علمت أن وزارة العدل فتحت تحقيقاً بشأنه وأن هذا التحقيق سيغطي كيانات عدة” تابعة للمنظمة، مؤكدة أنها “ستتعاون بشكل كامل” مع السلطات.

وتابعت الكنيسة أن “قادة المؤتمر المعمداني الجنوبي برهنوا على تصميم ثابت على معالجة أخطاء الماضي واتخاذ تدابير لضمان عدم تكرارها في المستقبل”.

وكان تقرير استقصائي مستقل طلبته الكنيسة نفسها كشف في أيار/مايو أن الضحايا المفترضين لاعتداءات جنسية وكذلك الذين سعوا للتحدث علنا داخل الكنيسة عن هذه التجاوزات واجهوا “لعقدين مقاومة وعرقلة وحتى عداء صريحاً” من أعضاء في اللجنة التنفيذية.

وفي حزيران/يونيو أعلنت المؤسسة الدينية تبني إجراءات لمكافحة الاعتداءات الجنسية ولا سيما نشر قاعدة بيانات تتضمن أسماء أعضائها المتهمين بتجاوزات من هذا النوع وإنشاء وحدة أزمات مسؤولة عن تنفيذ إصلاحات لمكافحة هذه التعديات.

كما نشرت الكنيسة وثيقة من 205 صفحات تضم أسماء أعضائها المتهمين باعتداءات جنسية منذ 2007 .

ويبلغ عدد أتباع “المؤتمر المعمداني الجنوبي” الذي له شبكة من آلاف الكنائس في الولايات المتحدة، أكثر من خمسة عشر مليون شخص معظمهم في جنوب البلاد.

التقرير الاستقصائي الصادم

وكشف تقرير استقصائي نُشر في مايو / أيار، حسب الجزيرة نت، عن تورط كبار قادة “الكنيسة المعمدانية الجنوبية” (أكبر الطوائف البروتستانتية في الولايات المتحدة) في عرقلة وتشويه سمعة الناجين من الاعتداءات الجنسية على يد رجال الدين على مدى عقدين من الزمان.

وحسب نفس المصدر، يبلغ عدد البروتستانت في الولايات المتحدة نحو 157 مليون شخص (43% من السكان)، منهم 15 مليونا يتبعون الكنيسة المعمدانية الجنوبية التي تمتلك وتدير 47 ألف كنيسة في مختلف الولايات.

وسلّط تقرير استقصائي تاريخي -نشرته صحيفتا هيوستن كرونيكل وسان أنطونيو إكسبريس نيوز- الضوء على فضيحة الاعتداء الجنسي في عام 2019، إذ تم توثيق مئات الانتهاكات في الكنائس المعمدانية الجنوبية، بما في ذلك العديد من الحالات التي استمر فيها الجناة من القساوسة في ممارسة مهامهم الكنسية.

وفي العام الماضي، أوضح الآلاف من المندوبين في الاجتماع الوطني للكنيسة أنهم لا يريدون أن تشرف اللجنة التنفيذية المركزية للكنيسة على التحقيق في أفعالها، وبدل ذلك صوتوا بأغلبية ساحقة لبدء تحقيقات مستقلة من جهة ثالثة محايدة.

ووثق التحقيق شهادات للعشرات من ضحايا الاعتداءات الجنسية التي وقعت لأطفال ورجال ونساء، ووفقا للتقرير الاستقصائي الذي جاء في 288 صفحة، أكدت أن الضحايا واجهوا مماطلة ومقاومة وصلت إلى حد العداء الصريح من بعض قادة اللجنة المركزية بالكنيسة.

وأجرت التحقيق -الذي استمر 7 أشهر- شركة “غايدبوست سوليوشنز”، وهي شركة أبحاث مستقلة تعاقدت معها اللجنة التنفيذية بالكنيسة بعد تعرّضها لضغوط كبيرة من أجل إجراء تحقيق مستقل، وعدم التستر على الجناة.

كذب المسؤولين طيلة عقدين

خلص التقرير إلى أنه على مدى عقدين تقريبا، كذب المسؤولون الذين أداروا اللجنة التنفيذية للكنيسة المعمدانية الجنوبية، وهي الجهة التي تشرف على إدارة شؤون أكبر طائفة بروتستانتية في الولايات المتحدة.

وجاء فيه أن ضحايا هذه الانتهاكات “قاموا بجهود كبيرة للكشف عن هذه الممارسات داخل الكنيسة وفضح كبار مسؤوليها ممن تستروا على هذه الجرائم. ولجأ الضحايا إلى إجراء المكالمات الهاتفية، وإرسال الرسائل البريدية التقليدية ورسائل بالبريد الإلكتروني، وشاركوا في بعض اجتماعات اللجنة التنفيذية بالكنيسة، واتصلوا بالصحافة، ليتم مواجهتهم، مرارا وتكرارا، بالمقاومة والمماطلة وحتى العداء الصريح من البعض داخل اللجنة التنفيذية بالكنيسة”.

وعرض التقرير رسالة إلكترونية داخلية بعثها المستشار العام والرئيس المؤقت للجنة التنفيذية في الكنيسة أوغست بوتو بشأن جهود سيدتين من ضحايا الانتهاكات الجنسية، وصف بوتو جهودهما بأنها “مخطط شيطاني لإلهائنا تماما عن التبشير، هذا هو الشيطان الذي ينجح مؤقتا”.

استخدام الكتاب المقدس

ووفقا للتقرير، فإنه في عام 2019 أخبر رئيس اللجنة التنفيذية للكنيسة روني فلويد -الذي كان عضوا في اللجنة الاستشارية الإنجيلية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب- قادة الكنيسة الآخرين في بريد إلكتروني أنه تلقى “بعض المكالمات من قساوسة أعربوا عن قلقهم المتزايد بشأن التركيز على أزمة الاعتداءات الجنسية”.

وذكر التقرير أنه “عندما تحدث تلك الانتهاكات في بيئة كنسية، ويرتكبها أشخاص ينظر إليهم على أنهم قادة روحيون، ومكلفون برعاية وتكوين الشباب دينيا وروحيا؛ يكون الأمر أسوأ بكثير”. كما “ضاعف من قبح فضيحة الكنيسة المعمدانية الجنوبية استخدام قادة الطائفة الكتاب المقدس واللغة الروحية أسلحة ضد الضحايا الأبرياء”.

ويظهر التقرير كيف اختار بعض القساوسة -وجميعهم رجال- محاولة حماية طائفتهم عن طريق إخفاء الإساءة، ثم محاولة تدمير ضحايا الانتهاكات، وهو ما ألحق ضررا رهيبا بسمعة المسيحية.

ومن بين التوصيات الرئيسية الواردة في التقرير:

+ تشكيل لجنة مستقلة ثم إنشاء كيان إداري دائم للإشراف على الإصلاحات الشاملة طويلة الأجل المتعلقة بالاعتداء الجنسي وما يتصل به من سلوكيات سيئة داخل اللجنة التنفيذية بالكنيسة.

+ إنشاء وصيانة نظام قاعدة معلومات للمنتهكين لتنبيه وتحذير أتباع الطائفة من سلوكياتهم.

+ توفير برامج إصلاح ومراجعة تشمل البروتوكولات والتدريب والتعليم والمعلومات العملية.

+ تقييد استخدام اتفاقيات عدم الكشف والتسويات المدنية التي تلزم الناجيات بالسرية في قضايا الاعتداءات الجنسية، إلا إذا طالبت الضحية بذلك.

ورحب المديران المؤقتان للجنة التنفيذية بالكنيسة ويلي ماكلورين ورولاند سليد بالتوصيات، وقالا -في بيان لهما- “نحن ندرك أنه لا توجد حلول أو طرق مختصرة، يجب علينا جميعا مواجهة هذا التحدي من خلال التطبيق الحكيم والصلاة، ويجب أن نفعل ذلك بشفقة كالمسيح”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *