وجهة نظر

محمد رضى يكتب..لماذا سيحل الملك مجلس النواب الجديد؟

منذ ليلة 7 أكتوبر وبعد الإعلان عن فوز العدالة والتنمية في الانتخابات، تقوم العديد من الوسائط الإعلامية سواء السمعية البصرية منها أو الورقية والإلكترونية بإدارة حرب نفسية شعواء على المواطنين المغاربة.

رسالة هذه الحرب النفسية واحدة، هي تبخيس نتائج اقتراع 7 أكتوبر وخلط الأوراق في أذهان المواطنين وتضليلهم حتى لا يستقر في أنفسهم بشكل نهائي سقوط المشروع السياسي للتحكم.

وقد اشتدت ضراوة هذه الحرب النفسية طيلة المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة بهدف خلق جو إعلامي وسياسي ضاغط على حزب العدالة والتنمية وحلفائه وعلى رئيس الحكومة المكلف، من أجل حرمانهم من النتائج الطبيعية لانتصارهم الانتخابي والسياسي.

 كل هذا، من أجل تمكين  كواسر سياسية طارئة من الاستحواذ على ثمار هذه الانتخابات دون عناء يذكر، وهي التي لم يعرف عنها يوماً اكتراثها بالديمقراطية ولا حملها لهموم عموم المغاربة باستثناء خاصتهم.

و في هذا السياق، وجب التنويه بصمود الوعي العام للمغاربة وثبات رئيس الحكومة وحزبه وحلفائهم أمام هذه الموجة غير المسبوقة من التضليل السياسي، رغم قوة مكرها وخداعها.

في ما يلي سنعمل على تفكيك أهم التأويلات الماكرة التي تلبس مسوحاً دستورياً لكي تمهد للتفريط في القواعد الديمقراطية عند تشكيل الأغلبية الحكومية ثم الحكومة المنبثقة عنها.

أولاً: القراءة التحريفية للفصل 42 من الدستور

تقوم هذه القراءة على أن الفصل 42 في دستور 2011 يشبه الفصل 19 في دستور 1996، وبالتالي يمكن اعتماد نفس التأويلات الفضفاضة السابقة لمقتضيات الفصل 19 القديم من أجل تبرير تعطيل مفاعيل الفصل 47 من الدستور، الذي ينص على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز في الانتخابات، ومن ثم فتح الباب لتعيين شخص آخر غير عبد الإله بنكيران رئيساً للحكومة سواء من داخل حزب العدالة والتنمية أو من حزب آخر.

لا شك أن أصحاب القراءة التحريفية للفصل 42، يتناسون أن من أهم مطالب الحراك الديمقراطي لسنة 2011 كان هناك إلغاء الفصل 19 في الدستور السابق، وهو ما تمت الاستجابة له عن طريق صياغة الفصل 42 في الدستور الجديد.

ولهذا جاء الفصل 42 دقيقاً وواضحاً في مقتضياته، لأنه بعد أن ذكر بمهام الملك في الفقرة الأولى، حدد في فقرته الثالثة بشكل حصري وسيلة ممارستها وقيدها بدقة عندما نص على التالي:

 “يمارس الملك هذه المهام بمقتضى ظهائر من خلال السلطات المخولة له صراحة في الدستور”. 

فمهام الملك لا تمارس بكيفية ووسائل غير محددة وإنما تمارس بمقتضى ظهائر من خلال “السلطات المخولة له صراحة في الدستور”.

 وعليه فلا مجال للبحث عن سلطات مستنبطة للملك في الدستور بناء على تأويلات فضفاضة، لأنه لا يمكن أن يمارس مهامه إلا من خلال السلطات المخولة له صراحة في الدستور.

 ثانيا: الإغفال العمدي للعبارة الدستورية “تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد”

كل التأويلات “المتذاكية” للدستور تتلافى استعمال العبارة الدستورية الأصيلة “تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد” من أجل توصيف وضعية مشاورات تشكيل الحكومة الجارية حالياً، وتختار أوصافاً مثل “البلوكاج” و”فشل رئيس الحكومة” وغير ذلك من الأوصاف المضللة دستورياً.

 وذلك من أجل تفادي استعمال منطوق الفصل 98 من الدستور الذي أورد عبارة تنطبق بدقة على وضعية المشاورات الحالية وهي كالتالي: “تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد”.

 إن إغفال هذه العبارة الدستورية يهدف إلى التهرب من الجواب الوحيد والصريح الذي يقدمه الفصل 98 من الدستور على إشكالية “تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد”، إذ ينص على حل مجلس النواب من طرف الملك وفقاً لمقتضيات الفصل 96 من الدستور.

حيث ينص الفصل الأخير على استشارة الملك لرئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين قبل الحل الذي يتم بعد خطاب يوجهه الملك إلى الأمة.

 ثم الذهاب لانتخابات جديدة لمجلس النواب تجري في أجل أقصاه شهران من حل المجلس، كما نص على ذلك الفصل 97 من الدستور.

إن رئيس الحكومة سيكون مجبراً في حالة انسداد أفق المشاورات حول تشكيل الحكومة الجارية حالياً، على  توجيه خطاب إلى جلالة الملك يخبره بـ”تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد”  حتى يترتب على الشيء مقتضاه الدستوري والذي لن يكون سوى حل مجلس النواب الجديد.