منوعات

اضطراب الشخصية الانسحابية.. الحل في تحسين مهاراتك الاجتماعية

لا تمثل جميع الاضطرابات النفسية مصدر خطر على محيط المصاب بها، و”اضطراب الشخصية الانسحابية” واحدة منها، حسب الخبراء.

فصاحب هذا الاضطراب لا يعادي المجتمع، كما هو الشأن في “اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع”، أو “الشخصية النرجسية”، ولا يضر بالآخرين، بل بالعكس يعامل محيطه باحترام كبير، لكنها حالة تستوجب العلاج، لأنها تضر بصاحبها الذي يتخذ من الانسحاب آلية دفاعية لتجنب القلق والمواقف المحرجة، ويخشى من مواجهة التقييمات الاستهزائية.

وعكس ما قد يُعتقد، فصاحب “اضطراب الشخصية الانسحابية” يكون واعيا بأن حالته غير طبيعية، ويترك سلوك “الانسحاب” في نفسه ألما، ويعيش حوارات داخلية مستمرة مع نفسه حوله، ويعيش حالة من عدم الرضى عن النفس اتعزز تشبته بآلية الانسحاب الدفاعية.

فهل من سبيل للتحرر من اضطراب الشخصية الانسحابية؟

يقدم هذا التقرير رأي اختصاصيين حاورتهما الجزيرة نت، حول ذلك الاضطراب وكيفية تحسين مهاراتنا الاجتماعية.

الانسحاب كآلية دفاعية

يعرف اختصاصي الطب النفسي، الدكتور علاء اللحام، الشخصية بأنها مجموعة السمات الشعورية الفكرية والسلوكية الدائمة عند الفرد، والتي تحدد طريقة تعامله مع نفسه وغيره وبيئته المحيطة.

وهناك اضطرابات في الشخصية تجعل الإنسان غير قادر على التكيف مع محيطه، وتسبب له صعوبات على مستوى المشاعر والعلاقات الاجتماعية وقدرته على الانخراط في المجتمع.

ويبين اللحام أن أنواع اضطرابات الشخصية متعددة منها: النرجسية والشخصية المعادية للمجتمع، أما الحالة التي نتحدث عنها فهي اضطراب الشخصية الانسحابية.

ويشرح للجزيرة نت “هذه الشخصية لا تسبب ضررا لمن حولها ولا تعتدي على حقوق الآخرين، وهي شخصية تعامل الناس باحترام، لكنها تتخذ من الانسحاب آلية دفاعية لتتجنب القلق والوقوع في مواقف محرجة، ودائما تخشى من تقييم الناس لها أو الاستهزاء بها”.

الدواء أم العلاج المعرفي السلوكي؟

ويقول الدكتور اللحام “التداخل الدوائي محدود التأثير في اضطرابات الشخصية، لكنه يستخدم عند وجود اضطرابات نفسية أخرى مرافقة مثل: القلق أو الاكتئاب، والمسار الأنسب للتدخل هو مسار العلاج المعرفي السلوكي، الذي يهدف إلى تعديل النواحي الفكرية والسلوكية عند من يعاني من هذا الاضطراب”.

ويضيف أن العلاج المعرفي السلوكي قائم على ثلاثية (المشاعر، الأفكار، السلوك) فهناك أفكار وقناعات راسخة لدى الإنسان تشكلت بفعل عدة عوامل، منها العامل الوراثي، تجارب الطفولة والمراهقة والبيئة المحيطة به من أسرة ومدرسة وأصدقاء ووسائل تواصل اجتماعي.

ويتابع: هذه القناعات الراسخة قد تكون سلبية من قبيل “أنا ضعيف، أنا فاشل، أنا لا أستحق الاحترام، أنا غير قادر على التعبير عن رأيي أمام الناس” وغيرها، وعليه عند حصول موقف معين مؤجج لهذه القناعات تتولد مشاعر مثل، الضيق والقلق والاكتئاب، وتدفع الشخص لاتخاذ سلوك، وهو في هذا الاضطراب النفسي يسمى “الانسحاب”.

وبحسب هذا الاختصاصي النفسي، فإن المعالج يقوم بكسر هذه الدائرة من المشاعر والأفكار والسلوك، ويستهدف كل عنصر، فليس هناك حل سحري لاضطراب الشخصية الانسحابية، لكن العامل الأهم هو تحويل الانسحاب من المواقف إلى مواجهة، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية من أفراح وأتراح، وممارسة الرياضة، وتعلم مهارات الإلقاء والخطابة، والابتعاد قدر الإمكان عن البيئة دائمة النقد والتجريح، هذا كله يتم من خلال العلاج المعرفي السلوكي.

يمكن للفرد تعديل سلوكياته بناء على وعيه وإرادته

ومن جهته، يرى اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين محادين أن المجتمع يعطي الأشخاص الشرعية الدينية والاجتماعية، وبالتالي يتم تشكيل شخصيات ومهارات وطباع الأبناء وفقا لطبائعه وشخصيته العامة، ويمكن ملاحظة سلوكيات جمعية أثناء ممارسة الأفراد لطقوس الفرح أو التجهم أو حتى الانفتاح على الآخرين أو الانزواء عنهم.

ويضيف: بالتالي يمكن القول إن شخصية وسمات الأبناء من الجنسين من حيث الانفتاح أو الانسحاب تتشكل وفقا لطبائع مجتمعهم، وتتشكل شخصياتهم وفقا لشخصية والديهم، فإذا كانت شخصيات الآباء متفاعلة إيجابيا مع الآخرين، كامتداد للتنشئة الاجتماعية قبل الزواج، انعكس ذلك على الأبناء حيث يكتسب الأبناء خبراتهم في الحياة الاجتماعية منذ طفولتهم في كنف الأسرة ثم تتسع دائرة التفاعل إلى المدرسة ثم إلى الحياة.

وبناء على هذه المعطيات، يضيف محادين، يمكن للفرد رجلا أو امرأة أن يُعدل سلوكياته بصورة أكثر انفتاحا، انطلاقا من رغبته وإحساسه بأهمية ونفعية تبنيه للتعديل، خصوصا إذا بدأ بالنضوج من حيث مرونته العقلية، واستقلاله في التفكير والممارسة عن بيئته الأسرية (خبرات الطفولة) وتحديدا والديه اللذين شكلا قدوته، وهذا ينطبق على أصدقاء العمل أو رفاق الدراسة الجامعية مثلا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *