خارج الحدود

بقرار جديد لحكومتها .. الجزائر تفتح باب تحولها إلى سوق “خردة” للسيارات المستعملة

في سنة 2005 اتخذت السلطات الجزائرية قرار حظر استيراد السيارات المستعملة، وكان المبرر الذي أعلنه المسؤولون حينها هو رفض تحويل الجزائر لسوق للخردة.

واليوم تتراجع السلطات الجزائرية عن قرار رفض تحويل الجزائر لسوق الخردة، تحت ضغط الشارع، والارتفاع المهول في أسعار السيارات، وتقرر السماح باستيراد السيارات المستعمل.

وكما فشلت الجزائر في تدبير حركة الأسواق الداخلية حتى بالنسبة للمواد الغذائية الأساسية، يتوقع أن تفشل في إلزام السوق بالشروط التي وضعتها لاستيراد السيارات المستعملة، مما يعني أن باب تحويل الجزائر إلى سوق للخردة لتلك السيارات قد فتح بقرار رسمي.

قرار العودة إلى الاستيراد

وحسب “القدس العربي”، أصدر مجلس الوزراء في الجزائر قرارا يسمح باستيراد السيارات المستعملة لأقل من 3 سنوات بعد سنوات من التجميد، في خطوة تستهدف رفع الضغط على سوق السيارات الذي يشهد لهيبا في الأسعار، بسبب نقص العرض. وجاء هذا القرار في ظل احتجاج واسع رفعه نواب البرلمان حول هذا الموضوع، خلال عرض بيان السياسة العامة.

وأورد بيان مجلس الوزراء قبل يومين أن الرئيس عبد المجيد تبون أعطى أوامر بفتح المجال أمام المواطنين لاستيراد السيارات أقل من ثلاث سنوات بإمكاناتهم المالية ولحاجياتهم الخاصة، وليس لأغراض تجارية. وجاء في القرار أيضا “فسح المجال للشركات الأجنبية المصنعة، لاستيراد السيارات، لبيعها في الجزائر بالموازاة مع المتابعة الحثيثة والميدانية لسيرورة إقامة صناعة حقيقية للسيارات، في الجزائر في أقرب الآجال”، بالإضافة إلى “تقديم دفتر الشروط الخاص بوكلاء السيارات، في اجتماع مجلس الوزراء المقبل، للحسم فيه، قبل نهاية السنة”.

ولقي هذا القرار تفاعلا كبيرا من قبل الجزائر، بعد أن أصبحت قضية السيارات تتصدر الأحداث الوطنية، نظرا لصعوبة أو استحالة اقتناء سيارات جديدة في ظل حالة الغلق على الاستيراد. ويعود قرار حظر استيراد السيارات المستعملة في الجزائر لسنة 2005، وذلك بمبرر رفض تحويل الجزائر لسوق للخردة على حد قول المسؤولين حينها. وإلى سنة 2018، كان تموين سوق السيارات في الجزائر كبيرا، بفعل تشجيع الاستيراد المباشر أو المقنع عبر مصانع تركيب ظهر في الأخير أنها مجرد احتيال؛ لأنها تأتي بالسيارة تقريبا جاهزة. لكن كل شيء تغير مع الأزمة المالية الخانقة التي شهدتها البلاد بفعل انخفاض عائدات البترول، وهو ما أدى إلى توقيف شبه كلي للاستيراد منذ 4 سنوات. ولم يتبق للمواطنين الراغبين في اقتناء سيارة سوى سوق السيارات المستعملة التي بفعل هذا الواقع أصبحت ملاذا للمضاربين، مما أدى إلى مضاعفة قيمة السيارة وجعلها في غير متناول الطبقة المتوسطة في البلاد.

تعقيدات السوق والبحث عن حلول جذرية

وخلال السنوات الأخيرة، ظلت الحكومة متحفظة على استئناف نشاط الاستيراد بعد التجربة السيئة التي عرفتها البلاد مع مصانع التركيب المزيفة، وحاولت ضبط النشاط من جديد عبر دفاتر شروط مشددة ودافعة للتصنيع المحلي. لكن هذا القوانين كانت تتغير باستمرار وتُعطل معها تموين السوق المتعطش للعرض. وفي هذا السياق، يأتي قرار فتح استيراد السيارات المستعملة لكن وفق شروط أهمها أن يوفر المواطن ثمن السيارة بالعملة الصعبة من خارج البنك، وهو إجراء يراه البعض تشجيعا للسوق السوداء التي تعرف فيها أسعار العملة الصعبة فجوة تصل إلى 50 بالمئة مع الأسعار الرسمية، فاليورو في السوق الموازية يقترب من 220 دينارل، بينما السعر الرسمي هو في حدود 140 دينار.

ويبدو هذا الإجراء كحل وسط مؤقت، إلى غاية إقامة صناعة سيارات تستجيب لمعايير نسب الإدماج التي تريدها الحكومة حتى لا تتكرر التجربة السابقة. وما يؤكد ذلك، أن الوزير الأول، خلال رده مؤخرا على تساؤلات نواب البرلمان الذين رفعوا بحدة هذه المسألة، قد صرّح أن الحكومة تعمل على إيجاد “حلول جذرية” لملف استيراد السيارات، وكشف عن مفاوضات “جد متقدمة” مع مصنعين عالميين مهتمين بالاستثمار في صناعة السيارات بالجزائر، سترى النور خلال الشهر الحالي.

سرعان ما أثار القرار تساؤلات حول مدى مساهمته في التخفيف من أزمة السيارات وارتفاع أسعارها، وذلك بسبب الأسعار التي تبقى مرتفعة للسيارات دون 3 سنوات في أوروبا وفرنسا خاصة.

وأبرز أيمن بن عبد الرحمن أن “هناك إجراءات يجب اتخاذها من ناحية سرية الملف، فهناك عدة متعاملين دوليين يريدون القدوم إلى السوق الجزائرية، لكن كل حسب شروطه، وشرطنا الوحيد والأوحد هو تمكين صناعة المركبات في الجزائر، بكل أسسها، وكل شروطها وكل مدخلاتها، حتى نتمكن من إرساء هذه المناولة الصناعية التي عجز عنها البعض في السابق”.

تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني

وتريد الحكومة تفادي الاستيراد المفرط الذي يضر مخزون البلاد من العملة الصعبة، وتحدث الوزير الأول، أن عامي 2012 و2013 بلغت فيهما فاتورة استيراد المركبات على التوالي ما قيمته 7.6 و 7.3 مليار دولار إضافة لـ5.7 مليار دولار تم تسجيلها سنة 2014، وهو ما يستوجب “اتخاذ كافة الاحتياطات لتفادي تكرار هذه الوضعية”.

لكن سرعان ما أثار القرار تساؤلات حول مدى مساهمته في التخفيف من أزمة السيارات وارتفاع أسعارها، وذلك بسبب الأسعار التي تبقى مرتفعة للسيارات دون 3 سنوات في أوروبا وفرنسا خاصة، وبسبب التعريفة الجمركية والضرائب المفروضة على استيرادها.

واستقبل تجمع وكلاء السيارات في الجزائر، قرار الرئيس بالإسراع في الإفراج عن دفتر الشروط الجديد، بالترحيب. وورد في بيان للتنظيم، أن القرارات المتخذة اليوم هي بداية لانفراج الأزمة، وهي تثبت المستوى المتدني الذي تعاملت به الوزارة الوصية (الصناعة) مع الملف العالق منذ سنتين”. واعتبر تجمع الوكلاء أن أزمة السيارات قد طال أمدها وامتدت عواقبها إلى كافة طبقات الشعب والمتعاملين الاقتصاديين، ولنواب البرلمان الذين أخذوا على عاتقهم إيصال الانشغالات التي لم تعر لها الوزارة لها أي اهتمام”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • . غزاوي
    منذ سنتين

    مجرد تساؤل. هل سيارة ثلاث سنوات تعتبر خردة !!!؟؟؟ جاء في المقال ما نصه: "واليوم تتراجع السلطات الجزائرية عن قرار رفض تحويل الجزائر لسوق الخردة، تحت ضغط الشارع، والارتفاع المهول في أسعار السيارات، وتقرر السماح باستيراد السيارات المستعمل." انتهى الاقتباس. أولا القرار لا يُجبر أحدا على استيراد الخردة، ومن رآها كذلك فلن يفق الملايين عليها لاقتنائها ويعرض نفسه وأهله للخطر. أما الخطر الحقيقي فهو عندما يُسمح باستيراد النفايات الصناعية و النفايات البشرية على شاكلة دانييل كالفان وجاك بوثيي وباتريك فايني وديفيد غوفرين.

  • عباس بلمدني
    منذ سنتين

    هل عجلات هذه الخردة منفوخة أم سيتم نفخها بالجزائر في حفل رسمي يترأسه رئيس الدولة؟

  • Glii
    منذ سنتين

    روح نيك مك يا حسادين

  • غير معروف
    منذ سنتين

    Va te faire foutre

  • 'غزاوي
    منذ سنتين

    مجرد تساؤل. هل سيارة ثلاث سنوات تعتبر خردة !!!؟؟؟ جاء في المقال ما نصه: "واليوم تتراجع السلطات الجزائرية عن قرار رفض تحويل الجزائر لسوق الخردة، تحت ضغط الشارع، والارتفاع المهول في أسعار السيارات، وتقرر السماح باستيراد السيارات المستعمل." انتهى الاقتباس. أولا القرار لا يُجبر أحدا على استيراد الخردة، ومن رآها كذلك فلن يفق الملايين عليها لاقتنائها ويعرض نفسه وأهله للخطر. أما الخطر الحقيقي فهو عندما يُسمح باستيراد النفايات الصناعية و النفايات البشرية على شاكلة دانييل كالفان وجاك بوثيي وباتريك فايني وديفيد غوفرين.

  • القادري
    منذ سنتين

    مادخلنا في أخبار وشؤون بلد الشر والسوء دولة الجزائر التي لاتذكرنا إلا واننا محتلين ومتامرين و ومطبعين وتشبهنا بالصهاينة واذناب الولايات المتحده وعملاء المغرب وتنازعنا في وحدتنا الترابية كاما تفعل المغرب لاينبغي ذكر اسم الجزائر إلا وهي متورطة أو فاشلة او متازمة أو غير ذلك

  • القادري
    منذ سنتين

    وما دخلنا في اخبار هذه الدولة التي لاتذكر المغرب والمغاربة إلا بالسوء وتحطيم المعنويات والكذب في كل اقوالها وتهويل المشاكل وتشويه سمعة البلاد والعباد في المغرب واكثر من ذلك تعمل بكل قواها الإقتصادية والاعلامسة والسياسية انتزاع جزء من المغرب واعطاءه ا

  • عبد الرزاق
    منذ سنتين

    إنه قرار جيد و نتمنى أن يسمح للسيارات المستعملة تحت 10 سنين لتستفيد الطبقة الكادحة و التي لا يدافع عنها أحد خصوصا مع توالي الأزمات من كورونا و حرب روسيا على أوكرانيا وغلاء كل المواد الأساسية و غير الأساسية . و السيارات العيانة تباع للسوق الإفريقي و هاكذا نضرب سربال من العصافير بكرة قلم من المسؤول عن وزارة التجهيز لرفاهية المغاربة .

  • غزاوي
    منذ سنتين

    مجرد تساؤل. هل سيارة ثلاث سنوات تعتبر خردة !!!؟؟؟ جاء في المقال ما نصه: "واليوم تتراجع السلطات الجزائرية عن قرار رفض تحويل الجزائر لسوق الخردة، تحت ضغط الشارع، والارتفاع المهول في أسعار السيارات، وتقرر السماح باستيراد السيارات المستعمل." انتهى الاقتباس. أولا القرار لا يُجبر أحدا على استيراد الخردة، ومن رآها كذلك فلن يفق الملايين عليها لاقتنائها ويعرض نفسه وأهله للخطر. أما الخطر الحقيقي فهو عندما يُسمح باستيراد النفايات الصناعية و النفايات البشرية على شاكلة دانييل كالفان وجاك بوثيي وباتريك فايني وديفيد غوفرين.

  • من المغرب
    منذ سنتين

    قرار يصب في مصلحة المواطن الجزائري ويمكنه من اقتناء سيارة حسب قدرته الشرائية. وكان حريا بهذا المنبر الاعلامي الذي نحسبه يصدح بالحق أن يبين المؤامرة العظيمة التي حيكت على المغاربة من خلال منع استيراد السيارات الأوروبية المستعملة التي يقل تاريخ انتاجها عن 5 سنوات.. ناهيكم عن رسوم الجمارك المهولة بالنسبة للسيارات التي يمكن استيرادها من أوروبا. فمع جحيم الطاكسيات الكبيرة و حافلات النقل الحضري التي تحرم المغربي الحق في تنفس الأكسجين، ومع قرار منع استيراد السيارات المستعملة، لجأ المغربي قسرا الى الربا والأبناك لشراء dacia logan وأخواتها