أخبار الساعة، سياسة

دحمان يعدد أسباب قرار الـ”UNTM” التظاهر أمام البرلمان ويرفع مطالب “مستعجلة”

كشف عبدالإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أسباب قرار نقابته بالخروج في وقفة احتجاجية أمام البرلمان، غدا الأحد، تحت شعار: “جميعا ضد إلتهاب الأسعار وضرب القدرة الشرائية للشغيلة المغربية”.

وقال دحمان في حوار معه، إن استمرار ارتفاع الأسعار أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمغاربة، مشيرا إلى أن هناك مطالب مستعجلة يتوجب على الحكومة والقطاعات المعنية التفاعل معها من أجل خفض حدة “الاحتقان”.

وفيما يلي نص الحوار:

1- لماذا هذه الوقفة وفي هذا التوقيت؟

أعتقد أن هذه المحطة الاحتجاجية الإنذارية الوطنية لها ما يبررها وبقوة في الواقع الاجتماعي الذي يزداد احتقان، وهي منطلق برنامجنا النضالي سيمتد مجاليا وقطاعيا، وهي نقطة نظام أولية للحكومة المغربية قصد تصحيح مسار سياستها الاجتماعية وتدارك أخطائها والوفاء بتعهداتها الاجتماعية
ووعودها الانتخابية، وتجاوز لحظة العجز وتهوين خطورة تطورات الوضع الاجتماعي، وهي كذلك دعوة إلى التفاعل الجدي والمسؤول والتجاوب مع تنامي مؤشرات هذه الأزمة الاجتماعية، جراء استفحال وثيرة ارتفاع الأسعار وانعكاس ذلك على تواصل انهيار القدرة الشرائية للمغاربة.

وأشير هنا إلى تفاقم مستوى التضخم إلى حوالي 8%، والذي يعزى أساسا حسب مصادر رسمية (المندوبية السامية للتخطيط )، إلى ارتفاع أثمان المواد الغذائية بـ12%، وغير الغذائية بـ5%، وما أفرزته من وضعيات اجتماعية مرتبطة بغلاء منظومة الأسعار، سيما تلك التي تستهدف قفة المغاربة.

في مقابل ليست هناك أي إجراءات قادرة صيانة السلم الاجتماعي، وحتى الرهان على الحوار الاجتماعي يبقى دون سقف انتظارات الشغيلة المغربية ولا يلامس جوهر وحقيقة أوضاعها الاجتماعية، في ظل هذا الاستنزاف المتواصل للقدرة الشرائية للمغاربة، والتي تؤكده التقارير الوطنية الصادرة عن المؤسسات الوطنية والدستورية، من خلال انخفاض كل المؤشرات المرتبطة بالواقع الاجتماعي، الشيء الذي أوجب على الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب التحرك من خلال دق ناقوس الخطر ولفت الانتباه إلى تنامي الغضب الشعبي، عبر القيام بمقاربة مسؤولة للسياق الوطني في علاقته بما يتفاعل في محيطه الدولي والإقليمي، خصوصا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

ويجب استحضار المعطيات المتضمنة في البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر الذي صدر عن المنذوبية السامية للتخطيط في أكتوبر 2022، والذي أكدت مؤشراته على أن ثقة الأسر تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ 2008، وأن قدرتها على الإدخار سجلت مؤشرا سلبيا يتجاوز 37,7 نقطة، وأن مؤشر البطالة استقر في مستوى سلبي بلغ ناقص 81,1 نقطة، بالإضافة إلى تدهور الوضع المالي للأسر، حيث إن 52% من مداخيلها بالكاد تغطي مصاريفها، أي انتفاء أي إدخار للمستقبل.

في مقابل، فإن 45,4% من الأسر استنزفت مدخراتها أو لحأت إلى الاقتراض وإثقال كاهلها بالديون، وبالكاد استطاعت 2,6% من الأسر إدخار جزء من مداخيلها، مما يعني فقدان مرتكزات العيش الكريم والحياة الكريمة، ولعل مؤشر قدرة الأسر على اقتناء سلع مستديمة، وتصريح 99,2% منهم بارتفاع الأسعار، خيل دليل.

هذا الوضع بشكل عام، يختزل لماذا تحرك الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ضد هذا الغلاء المتوحش والمنفلت من ضوابط التنافسية الحقيقية، وبالتالي لا يمكن للاتحاد إلا الانحياز المبدئي لقضايا الشغيلة المغربية وملفها المطلبي لما لذلك من أثر مباشر على الاستقرار الاجتماعي لبلدنا.

2- الحكومة بادرت إلى الحوار الاجتماعي مع النقابات، والكل راضٍ عن مخرجات الحوار باستثنائكم، لماذا؟

أولا، أن تبادر الحكومة إلى فتح جولات الحوار الاجتماعي، فهذا أضعف الإيمان، لكن العبرة ليس بتعدد جلسات الحوار بل بمخرجاته ومدى تجاوزها لدقة المرحلة اجتماعيا، ثم مدى تجاوب جولاته مع الملف المطلبي للشغيلة المغربية، ناهيك عن تقديمه لإجابات حاسمة عن مؤشرات الوضع الاجتماعي الملازم.

وبالتالي النقاش اليوم يجب ألا ينصب فقط على زيادة مباشرة في الأجور، فهذا منظور قاصر على استيعاب الإشكالات المرتبطة بالانهيار الشامل للقدرة الشرائية في غضون أسابيع قادمة  الإشكال هو وقف نزيف الأسعار المتنامي، إذ إن أي زيادة لا جدوى منها في ظل ارتفاع مؤشر تكلفة معيشة المواطنين.

لذلك على الحوار الاجتماعي أن يقدم مقاربة اجتماعية تفي بشعارات ورهانات الدولة الاجتماعية في إطار تصور متكامل يبدأ بمعالجة ارتفاع منظومة الأسعار، ثم تعزيز القدرة الشرائية بإجراءات ملموسة، لننتقل بعد ذلك لمدارسة القضايا التشريعية والقانونية وغيرها.

الأولوية يجب أن تعطى الآن بشكل مباشر إلى محاصرة دينامية ارتفاع الأسعار وسن إجراءات تضامنية عبر تحسين دخل المغاربة، أما اختزال الحوار الاجتماعي في سياق اجتماعي واقتصادي ضاغط، في لعبة الأرقام وإجراءات معزولة عن سياقها، فهذا لن يجدي، لذا يجب تصحيح منهجية الحوار الاجتماعي ومضمونه وإعادة النظر في رهاناته، لأننا لسنا في سياق عادي، وهذا ما نسجله على مجرياته الآن.

3- إذن ما هي مطالبكم المستعجلة حاليا؟

كما قلت سابقا، هي تصحيح مسار الحوار الاجتماعي وربطه بمعطيات الواقع المغربي وضبط منهجية، ثم التعجيل بوقف ارتفاع الأسعار بالتوازي مع تحسين القدرة الشرائية لعموم الأجراء والمتقاعدين، بما يصون كرامتهم ويؤمن متطلبات عيشهم الكريم، وذلك بسن إجراءات ملموسة وذات مصداقية لدعم الفئات الهشة المتضررة.

وعلى الحكومة، كذلك، مراجعة سياستها واختياراتها الاجتماعية، والمبادرة إلى تحديث منظومة الأجور ومنظومة الترقي، وتعزيز حزمة السلة الاجتماعية (التعويض عن حوادث الشغل، والأمراض المهنية، والصحة والسلامة المهنية وطب الشغل والحماية الوقائية من الاخطار المهنية…الخ)، والعمل على إنصاف الفئات المتضررة وحل ملفات المتصرفين والدكاترة والتقنيين بالإدارات والمؤسسات العمومية.

كما يجب فتح حوار متعدد الأطراف حول بعض القضايا المصيرية، كملف التقاعد، وعدم المس بالمكتسبات المتبقية، بما في ذلك النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد.

ثم لا ننسى أنه الاستجابة لمقتضيات الاستقرار الاجتماعي تحتم معالجة الإشكالات الراهنة، وعلى رأسها ملف الغلاء الذي يهدد قفة المغاربة وعيشهم، لذلك يجب أن نبادر إلى تحيين وتجديد ترسانة التشريعات الوطنية وتكييفها مع مقتضيات المعاهدات والاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية، وتحصين الحريات النقابية والحق في الاحتجاج، من خلال المصادقة على الاتفاقية 87 وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي وباقي التشريعات ذات الصلة. لأن بعض مؤشرات الواقع النقابي بعد كورونا وفي سياق هذه الأزمة، أصبحت مقلقة وتقتضي تقوية التنظيمات النقابية وتحصين الممارسة النقابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *