سياسة

الفريق الاشتراكي ينتقد “تغييب” الإصلاح الجبائي في مشروع مالية 2023

انتقد الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، ما اعتبره”، “تغييبا للإصلاح الجبائي في مشروع قانون المالية لسنة 2023، معتبرا أن هذا الأخير لا يقدم أجوبة شافية لصيانة مكتسبات القضاء على الفقر والهشاشة وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

وقال عضو الفريق الاشتراكي، بمجلس النواب، محمد ملال، إن “عنوان المشروع البارز هو الفشل الحكومي في مباشرة الإصلاحات الجوهرية التي تتطلبها الدولة الاجتماعية، ليس كشعار للاستهلاك السياسي، وإنما كقناعة فكرية وإيديولوجية”.

وأشار ملال، في الجلسة العامة المخصصة للمناقشة والتصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2022، إلى أن الفريق الاشتراكي لم يجد في مشروع قانون المالية لسنة 2023 حضورا واضحا لإقرار تدابير حقيقية للقيام بالإصلاح الجبائي وفق التوصيات المقررة في هذا المجال، والذي أصبح يكتسي، على حد تعبيره، طابعا شموليا واستعجاليا نظرا للموارد المالية الواجب تعبئتها لتفعيل المشاريع الاجتماعية ذات الأولوية وضمان ديمومة تمويلها.

وذكر المتحدث ذاته بأن المجال الضريبي في بلادنا لم يعرف، منذ سنة 1984، أي إصلاح هيكلي شامل على الرغم من أن الاقتصاد الوطني خضع لتغييرات جذرية أدت إلى بروز قطاعات صناعية جديدة واستفادة بعض القطاعات من الظرفية الحالية من قبيل سوق المحرقات وصناعة الأدوية.

وأضاف في هذا الصدد: ” لم تتم مباشرة الإصلاح الأكثر إلحاحا من أجل توسيع الوعاء الضريبي، مما أدى إلى استمرار الضغط الضريبي على الموظفين والأجراء وارتفاع الضريبة على القيمة المضافة”.

واعتبر عضو الفريق الاشتراكي أن الحكومة لم تتحلّ بالشجاعة اللازمة لمباشرة إصلاح رزنامة الإجراءات الجبائية الموجهة للطبقة المتوسطة، باعتبارها صمام أمان التوازن الاقتصادي وآلية تحريك الدورة الاقتصادية الوطنية.

وأضاف أن الطبقة المتوسطة ظلت، في هذا المشروع، هي نفسها الطبقة التي تخضع لاقتطاع الضرائب من المنبع دون أدنى التحفيزات، في مقابل خدمات عمومية جد متدنية ترغمها على اللجوء إلى المدارس الخصوصية والمصحات الخاصة.

وقال المتحدث ذاته إن الحكومة لم تتجرأ على مراجعة الاستثناءات الضريبية أو إجراء أي تقييم للأثر الاقتصادي أو الاجتماعي للإعفاءات المعمول بها لسنوات عديدة، والتي تحرم الدولة سنويا من موارد تقارب 2,5 % من الناتج الداخلي الإجمالي، معتبرا أن الحكومة تغاضت عن تضمين الضريبة على الأرباح الكبرى، وخاصة على شركات المحروقات، رغم التنصيص الواضح عليها في توصيات التقرير الصادر عن مجلس المنافسة.

كما تغاضت الحكومة، يضيف ملال، في إعدادها لمشروع قانون مالية 2023، عن الأخذ بالتوصيات والاقتراحات العميقة والمتنوعة للمؤسسات الوطنية والدستورية، وما خلص إليه التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات والتقرير السنوي لبنك المغرب وتقارير المندوبية السامية للتخطيط وغيرها.

وزاد قائلا: “رغم تنبيهاتنا المتكررة لها بأهمية الانفتاح على الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين، وضرورة إعمال المنهجية التشاركية في بلورة الميزانيات العمومية، لم تتخلص الحكومة من مقاربتها الانفرادية ومواصلة سياسة التغول العددي، ولم يتسع صدرها لمطالب العديد من الفرقاء السياسيين والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية، وهو ما ينذر بإمكانية خلق حالة احتقان بإقرار تدابير جبائية من جانب واحد، كما يقع مع مهنة المحاماة”.

وفيما يتعلق بالبعد الجهوي، شدد المتحدث ذاته إلى أن الحكومة لم تتقدم بأي تصور لإصلاح المنظومة الجبائية الجهوية والمحلية لجعل الجماعات الترابية قادرة على تحقيق التحول التنموي الشامل وتفعيل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الكفيلة بتحقيق العدالة المجالية.

وشدد عضو الفريق الاشتراكي على أن “التحول الفعلي في قوانين المالية التي نريدها آلية لدعم الإقلاع التنموي الشامل لبلادنا، لن يتحقق بالمنظومة الجبائية ذاتها التي أبانت عن محدوديتها وعجزها التام في تعزيز موارد الدولة وتكريس العدالة والإنصاف الجبائيين”.

كما اعتبر ملال أن “عجز الحكومة عن تفعيل الإصلاح الجبائي الحقيقي لن يمكن من تعبئة الموارد المالية بطريقة منصفة وعادلة، ولن يسمح على المدى القريب والمتوسط من معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية المطروحة، مضيفا أن الأمر يزداد تعقيدا حين نستحضر الفرضيات التي انطلقتم منها في تحديد أهدافهم غير الواقعية، خاصة نسبة التضخم التي حددتموها في نسبة 2%”.

وتساءل ملال بهذا الخصوص: “إلى متى سنهادن مع ضعف منظومة الحكامة والتتبع والمراقبة المتعلقة بالاستثمارات العمومية، خاصة أمام التأخر الحاصل الذي أشار إليه برنامج الأمم المتحدة للتنمية فيما يتصل بمؤشر التنمية البشرية، والذي صنف المغرب في المرتبة 123 عالميا”.

وأكد على أن “مشروع قانون المالية لسنة 2023 لا يقدم أجوبة شافية لصيانة مكتسبات القضاء على الفقر والهشاشة، حيث فقدنا، على حد قوله، ما يقرب من سبع سنوات من التقدم المحرز في المجال بحسب المندوبية السامية للتخطيط، وتراجعنا المستويات التي كنا فيها سنة “2014.

كما اعتبر المتحدث ذاته أن “مشروع مالية 2023 لا يقدم أجوبة مقنعة عن كيفية إحداث مناصب الشغل، والوفاء الجزئي بالتزام الحكومة بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الولاية الحكومية، منتقدا عدم وجود أجوبة عن كيفية محاربة البطالة، خاصة في ظل نسبها المرتفعة التي تفوق 12 % واستمرار نزيف فقدان الشغل في الوسطين الحضري والقروي، وعدم وجود أجوبة أيضا حول وضع منظومة متكاملة للمخزون الاستراتيجي في المجالات الطاقية والمائية والغذائية والدوائية.

من جهة أخرى، نبه ملال إلى الاكتفاء بالتلويح بالميزانية المرصودة للأمازيغية، مع عدم وجود لأي تخطيط أو برمجة لتفعيل قانون تنظيمي مر على دخوله حيز التنفيذ ثلاث سنوات، يتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.

وشدد النائب البرلماني على أن مشروع قانون مالية 2023 لم يستوعب بما يكفي من العمق استعجالية المشاريع الإصلاحية التي دعت إليها الخطب الملكية، معتبرا أن هذا المشروع ارتكن للحفاظ على التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية.

إلى ذلك، دعا الفريق الاشتراكي لحماية القدرة الشرائية وصحة وسلامة المواطنين من خلال مراجعة جدول الضريبة العامة على الدخل ورفع الدخل المعفى من أداء الضريبة إلى 50.000 درهم، وتحسين الإعفاءات عن دخول المتقاعدين، وإعفاء مجموعة من التجهيزات الطبية الأساسية من الرسوم الجمركية، وإعفاء الفوائد عن التوفير من أجل السكن أو الدراسة من التضريب في حدود 600.000 درهم، بالإضافة الى خصم مصاريف التمدرس من الدخل الخاضع للضريبة.

وأوصى الفريق أيضا بتشجيع الشغل وحماية المقاولة الصغيرة والمتوسطة عبر الحفاظ على نسبة 10 %كضريبة على الشركات التي لا تتجاوز أرباحها 500.000 درهم، وتطوير شروط برنامج الإعفاء من أداء الضريبة على الدخل بالنسبة للمقاولات الصغيرة والحديثة النشأة، وحماية المقاول الذاتي.

كما أكد على ضرورة تبسيط مساطر التحصيل الضريبي، وذلك من خلال إعفاء الفلاحين الصغار من إجبارية التصريح الضريبي لخصوصية هذه الفئة، وحذف التدابير الواردة في مشروع قانون المالية التي تخص مجموعة كبيرة من المهن، وحث الحكومة على تطوير أليات المراقبة والتحصيل بدل وضع مقترحات تؤدي في نهاية المطاف إلى تعقيد المساطر الإدارية.

من جهة ثانية، انتقد ملال عدم تفاعل الحكومة إيجابا مع التعديلات التي تقدم بها الفريق الاشتراكي، مشيرا إلى أن الميزانيات التي اعتمدتها الحكومة لتطبيق برنامجها لا تستجيب لمتطلبات الأولويات الحقيقية للدولة الاجتماعية، كما أنها لا تتفاعل بالمطلق، على حد قوله، مع الحاجات الملحة لأغلب فئات الشعب المغربي، وخاصة فيما يتعلق بحماية القدرة الشرائية والتخفيف من حدة غلاء أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *