سياسة

هل تحاول المناورات الجزائرية الروسية أن ترد على الأسد الإفريقي؟

انطلقت الثلاثاء الماضي مناورات “درع الصحراء” المشتركة بين الجزائر وروسيا بولاية بشار على الحدود المغربية، بمشاركة 100 جندي روسي، والتي من المنتظر أن تستمر إلى غاية الـ28 من نونبر الجاري.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن هذه المناورات العسكرية الأولى من نوعها على الأراضي الجزائرية تتعلق بعملية برية، بعد المناورات البحرية التي نظمها البلدان أكتوبر المنصرم قرب ميناء الجزائر العاصمة.

وتأتي هذه المناورات بعد أربعة أشهر من النسخة ال22 من الأسد الإفريقي، التي شاركت في تنظيمها القوات المسلحة الملكية المغربية والجيش الأمريكي في جنوب المغرب، والتي شارك فيها الإسرائيليون لأول مرة.

كما تأتي في ظل التصعيد الدبلوماسي بين الرباط والجزائر على خلفية قضية الصحراء المغربية، واستمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وتهديد الجزائر بعقوبات أمريكية نتيجة استمرار تعاونها العسكري مع موسكو. فهل يمكن تفسير المناورات الجزائرية الروسية بأنها رد على الأسد الإفريقي؟

وحول الموضوع، نقلت صحيفة “جون أفريك الفرنسية” عن المحلل السياسي محمد شيكر قوله بأن هذه المناورات هي شكل من أشكال الرد على المناورات العسكرية للتحالف المغربي الأمريكي الإسرائيلي.

واعتبر الأستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء مناورات درع الصحراء إشارة إلى عملية “عاصفة الصحراء” التي قادتها الولايات المتحدة وبقرار من الأمم المتحدة، واستمرت 6 أسابيع وانتهت بطرد العراق من الكويت.

وأضاف المحلل السياسي ذاته، أن ما يجعل هذه المناورات التي تنظم على بعد بضع عشرات من الكيلومترات من الحدود مع المملكة هو شكل من أشكال الرسالة السياسية التي ترسلها الجزائر إلى الرباط هو إبرام اتفاقية تعاون عسكري “تاريخية” مع الدولة الإسرائيلية، وإنشاء القوات المسلحة منطقة عسكرية جديدة في شرق البلاد الصيف الماضي، وزيادة عدد معدات الإنذار والدفاع على حدودها مع الجزائر.

وذهب محمد شيكر إلى أبعد من ذلك، حيث أشار إلى أن المملكة بنت استراتيجيتها العسكرية على افتراض أن الجزائر تعتبرها “عدوا رئيسيا”. وأضاف أن “المغرب يحشد كل قدراته لمواجهة أي تهديد من جارته الشرقية، خاصة وأنها لا تزال تستخدم جبهة البوليساريو لخدمة مصالحها والعمل ضد صعود المغرب كقوة إقليمية في منطقة شمال إفريقيا”.‏

في المقابل، لا يرى الخبير العسكري عبد الحميد الحريفي، أي رسالة في هذه المناورات، وقال في تصريح لـ”جون أفريك”: “نتحدث عن 200 جندي، من بينهم مائة روسي، يتدربون داخل الحدود الجزائرية وفي بلد ذي سيادة. لا توجد رسالة غير مباشرة لفهمها”. خاصة وأن روسيا – التي كانت بالفعل في حالة حرب وضعفت – تحافظ على علاقات مستقرة وودية مع المغرب، وبالتالي لن يكون لها مصلحة في استفزازها، وأن المملكة قد تبنت موقفا دقيقا من الحرب في أوكرانيا.‏

وفي نفس السياق، ذكرت صحيفة “جون أفريك” أن تنظيم مثل هذه المناورات العسكرية على الأراضي الجزائرية هو الأول، لكنه جزء من سلسلة طويلة، تم افتتاحها في عام 2017، من المناورات العسكرية المشتركة التي تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، لا سيما في المعركة المشتركة ضد التهديد الجهادي في منطقة الساحل.‏

وقد انطلقت التدريبات المغربية الأمريكية المشتركة “الأسد الإفريقي 2022” يوم 20 يونيو الماضي بأكادير، وشملت عدة مناطق بالمملكة وهي ، بالإضافة الى كاب درعة بطانطان، مناطق أكادير وبنجرير والقنيطرة والمحبس وتارودانت وطانطان، بمشاركة عشرة بلدان إفريقية ودولية، بما فيها المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن حوالي 20 ملاحظا عسكريا من بلدان شريكة.

ويهدف تمرين “الأسد الإفريقي” الذي تنظمه القوات المسلحة الملكية والقوات الأمريكية بناء على تعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، إلى تقوية قدرات الجيوش المشاركة والتنسيق البيني من أجل مواجهة كافة التحديات الأمنية وتعزيز التعاون العسكري بما يضمن الامن والاستقرار الإقليمي.

وتشتمل النسخة ال 18 “للأسد الإفريقي 2022″، بالإضافة إلى التكوين والمحاكاة في مجال أنشطة القيادة ، على التمارين التكتيكية البرية والبحرية والجوية ، ليلا ونهارا، وعمليات القوات الخاصة، والعمليات المحمولة جوا، والتدريبات ضد أسلحة الدمار الشامل والإجلاء الطبي.

ويعد تمرين “الأسد الإفريقي 2022″، كتمرين مشترك متعدد الجنسيات، أحد التدريبات الرئيسية والكبرى التي تنظمها وتديرها القيادة الأمريكية لأفريقيا (أفريكوم) بشراكة مع القوات المسلحة الملكية ، بهدف تعزيز مستوى التعاون والتدريب، وزيادة قابلية التشغيل البيني وكذا تعزيز تبادل الخبرات والمعرفة بين المكونات العسكرية المختلفة من أجل تمكينها من تحقيق قدرتها التشغيلية الكاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *