سياسة

الطالبي يعدد تحديات قطاع الصحافة ويحدد 6 رهانات لجعله أكثر مهنية

قال رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، إن عددا من التحديات تواجه قطاع الإعلام والاتصال والصحافة والنشر، مؤكدا أن هذه التحديات تفرضُ العودةَ إلى حصيلة الحوارَ الوطني حول الإعلام والمجتمع الذي احتضنه مجلس النواب قبل 10 سنوات ومُخرجاتِه باعتبارِها رصيدًا مشتركًا تَمَّ التوافق بشأنه، واكتسبَ شرعيةً ديمقراطيةً بشرعيةِ الأطراف المشاركة فيه.

وشدد الطالبي العلمي، في كلمة له خلال اللقاء الدراسي المنظم بمجلس النواب، الأربعاء، بمناسبة مرور عشر سنوات على الحوار الوطني حول “الإعلام والمجتمع”، على أن “التحدياتُ التي تتعبأُ بلادُنا، خلفَ الملك لرفعها اليوم، تستدعي تقويةَ حقلِنا الإعلامي، من حيث التنظيمُ والضبطُ والنموذجُ الاقتصادي، وأساسًا من حيث المحتوى. وفي محيط إقليمي مُتَمَوِّج، غير مستقر وغير آمِن، أحيانًا، يُثِيرُ استقرارُ ونجاحاتُ بلادِنا، سياسيًا ومؤسساتيًا، وصعودِها اقتصاديا وتماسُكِها اجتماعيا، حُنْقَ البعض، ويجعلُ بلادَنا مَحَطَّ استهدافٍ من بعض وسائل الإعلام الأجنبية، التي تتعمد التغليطَ والخلطَ والتضليل، مِمَّا يُلقي بمسؤولياتٍ كبرى على إعلامِنا الوطني”.

وأضاف أن الثورةُ الرقميةُ تزيد من حجمِ هذه التحديات لما تُتيحُه من إمكانياتٍ لنشرِ الأخبار دون قيد أو شرط مهني، إلى الحد الذي يمكن أن نَصِفَ معه حالةَ استعمالاتِ التكنولوجيا الرقمية في تَدَفُّقِ الأخبار على المستوى الدولي، بالفوضى، مبرزا أن هذه التكنولوجيا تطرح عدة تحديات أمام المقاولات الصحفية الورقية التي تخوضُ معركةَ البقاء بحكم تراجع المبيعات وموارد الإشهار وارتفاع كلفة الإنتاج.

وأكد الطالبي العلمي على أن “الهدف من هذا اللقاء هو تجاوز هذه التحديات في إطار حوار لبلورة مخارجَ وخلاصات قابلة للتنفيذ تعتمِدُ من أجل ضبطِ الحقل الإعلامي وتقويته وجعله أكثرَ مهنيةً وتطويره تنظيما ونموذجا اقتصاديا ومحتوى تحريريا”.

وفي هذا الإطار، طرح رئيس مجلس النواب ستة (6) رهاناتٍ كمحاورَ عامة للنقاش، ويتعلق الرهان الأول بـ”تأهيل الإعلام الوطني المكتوب، والمرئي والمسموع، والرقمي، ليكون مواكبًا للتموقع الجديد لبلادنا كقوة ديمقراطية، وركيزةَ استقرار إقليمي وقاري ودولي، وقوةً صاعدةً اقتصاديا، منخرطةً في رفعِ التحديات الدولية المشتركة بما في ذلك محاربة الإرهاب وبناءُ السلم، ومواجهةُ انعكاسات الاختلالات المناخية، وربحُ رهانِ الانتقال الطاقي ومعالجةُ إشكالياتِ الهجرة، والدفاعُ عن قضايا قارتنا الإفريقية، وتحقيق العدالة الدوائية والمناخية للقارة”.

فيما يتعلق الرهان الثاني، بحسب الطالبي العلمي، بـ”التعبئة من أجل ربحِ ِرهَانِ الانتقال الرقمي بالنسبة لصحافتنا الوطنية، والحيلولة دون استغلال الإمكانيات الكبرى التي تتيحها لنشر الأخبار المضللة والتشكيك في مصداقية المؤسسات أو المس بالأمن العام لبلادنا، أو التشهير والتشنيع بالآخرين. وينبغي على العكس من ذلكَ، الاستفادةُ من الفرص الهائلة التي تُتِيحُهَا التكنولوجيا الرقمية لنشر المعرفة وتمكين الرأي العام من الأخبار الصحيحة”.

وأضاف المتحدث، أن الرهان الثالث يتعلق، بـ”استرجاع الدور الاستراتيجي للإعلام الوطني في بناء الرأي العام الواعِي، المدرِك لقضايا بَلَدِه بما يُيَسِّرُ المشاركة في الشأن العام، اقتراعًا، وتحملاً للمسؤوليات، وتقييمًا للأداء العمومي، وفق ما يَكفُلُه الدستور. وفي علاقة بذلك، ينبغي أن نُثنِي على دورِ ومساهمةِ الإعلام الجادِّ والمسؤول والمواطِن في حماية الحريات والحقوق المكفولة في الدستور، وهي رسالة اضْطَلَعَ بها الإعلام الوطني، وساهمت في بناء التوازن في المجتمع وتقوية المؤسسات الديمقراطية”.

وشدد على أنه “في علاقةٍ بهذا الرهان، إِزاءَ مَهَامِّ التَنشئةِ الاجتماعية والتربية والتأطير، والتثقيفِ ونشرِ قِيَمِ الوطنية والانفتاح والمشاركة والاعتدال والمواطنة والايمان بالحق في الاختلاف، والحرية، ومعادلة الحقوق والواجبات”.

ولفت رئيس مجلس النواب، إلى أن الرهان الرابع، “فيتعلقُ بالمصداقية والجدية في الممارسة الصحفية والإعلامية، في علاقتها بأخلاق المهنة وأدبياتها، وَبُنْذِ الضمير، وبالاستقلالية التحريرية (علمًا بأنني لا أقصد بذلك الحياد)، وإعمال شعار ” الخبر مقدس والتعليق حر”، الذي كان جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه قد اختاره شعارًا لوكالة المغرب العربي للأنباء في 1959″.

فيما أشار إلى أن الرهان الخامس، يعنى بـ”سلطات الضبط Autorités de régulation السمعية البصرية والمكتوبة (الورقية والرقمية). ودون المس بحرية الرأي والتعبير، يتعين الانضباط لقرارات المؤسسات الموكولِ إليها ممارسةُ هذه السلطة وفقَ القانونِ والقرارات ذات الصلة”، مضيفا أنه من المقتنعين بأن “رصيدَ وممارسةَ وآلياتِ اشتغالِ الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ودورَها المُوَاكِبِ لتحرير الأَثِيرِ، وتنوع المشهد السمعي البصري، من قنوات تلفزية وإذاعات عمومية وخاصة، يُعتبر رصيدًا وممارسةً يمكن البناءُ عليها، والاقتداءُ بها لممارسةِ الضبط في حقل الإعلام المكتوب، الرقمي بالخصوص”.

وما من شكٍّ في أن المجلس الوطني للصحافة والهيئات المهنية الحاضرة معنا اليوم، يضيف الطالبي العلمي، “تتوفر على التصميم والإرادةِ اللَّذينَ يُمَكِّنَانِها من التصدي للانحرافات المهنية وللاختلالات والممارسات التي تَنْتَهِكُ حقوق المجتمع والأشخاص والمؤسسات في سياقِ ممارسةِ التضليل والخلط والتشهير، وفي عدد من الحالات، الابتزاز السياسي”.

ومضى يقول: “ما من شَكٍّ، أيضا، في أن ممارسة الضبط سَيُسَاهمُ في تقويةِ وحمايةِ الممارسات الجادة، والمؤسسات الإعلامية الورقية والرقمية الرائدة، التي ينبغي أن نفخَر بإداء عدد كبير منها وبالمهنية التي تَتَّصِفُ بها وبدورها الاجتماعي والتوعوي ومساهمتها القَيِّمَةِ في إثراء النقاش العمومي وتحريكه”.

ويتعلق الرهان السادس، بحسب رئيس مجلس النواب، بـ”التكوين واستكمال التكوين، ودور مؤسسات التكوين في مهن الصحافة والاتصال والإعلام وتقنياتها، العمومية والخاصة. وبجانب التكوين الأساسي الذي ينبغي أن يكونَ شرطًا لولوج المهنة، يتعين تمكينُ المهنيين من التكوين المستمر في التحرير، والصورة، والفيديو، والراديو والرقميات، والمونتاج والكاريكاتِير. ويتَعين أن يكونَ التَّكوينُ في مجال قانون الصحافة والنشر، وأخلاقيات مهنة الصحافة، آلْتقائيا في منهاج التكوين إذ ينبغي أن يَتَوَازى الرفعُ من القدرات المهنية، بالتحلي بأخلاقيات المهنة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *