وجهة نظر

مغاربة العالم: اللبنة المفقودة في بيت البناء الديمقراطي

أعلنت نتائج انتخابات 7 أكتوبر وبغض النظر عن نتائجها فإنها أكدت متابعة السير داخل قطار الخيار الديمقراطي الذي اختاره عاهل البلاد، السير نحو مزيد من الديمقراطية والوصول إلى ثقافة ديمقراطية حضارية يتشبع بها الشعب المغري قاطبة.

طريق الديمقراطية صعب المخاض لكنا نرى أولى تجلياته في المظاهرات الأخيرة التي خرجت للتنديد بمقتل المرحوم محسن فكري، ومنها مظاهرة مدينة الحسيمة الأخيرة التي أعطت نقلة جديدة لهذا المسار تتجلى في المطالبة بالكرامة وعدم الحقرة -الحكرة- للمواطنين جميع، وتم ذلك بصورة راقية وحضارية -لا نراها حتى في الغرب المتحضر أحيانا- أبهرت عيون المتتبعين وأخزت نظرات المتربصين.

المغرب اذن في طور استكمال تشييد بيت الديمقراطية،أبناء الشعب يقومون بتحسينه وتجميله لكن هذا البيت تنقصه لبنات. وسيبقى الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون ، هلا وضعت هذه اللبنات؟

لن أتحدث عن كل اللبنات الناقصة لكنني سأتحدث ومن موقعي كمواطن مقيم بالخارج عن لبنة ناقصة من زاوية مغاربة العالم.

بيت الديمقراطية المغربي -وهو بيت متواضع لا يستحمل استعمال كلمة “قصر”- لا يمكن أن يكون تامامع إقصاء عشر أبنائه الذين يعيشون في الخارج، ودون مساهماتهم في مجال الاقتصاد والاستثمار والخبرة المكتسبة في شتى العلوم والتقنيات، وهذا لا يكفي بل المغرب مطالب أن يستفيد من حنكنهم وتجربتهم أيضا في المجال السياسي وتدبير الشأن العام والحكامة الجيدة ..، كونهم يعيشون في بيئات ذات ثقافة ديمقراطية ومتشبعة بمبادئ حقوق الإنسان محترمة الحرية الفردية وكرامة الشخص، مهما كان وكيفما كان، مع محافظتهم على هويتهم الأصيلة المنفتحة لكفيل بجعلهم متميزين ومتوفقين وبارعين في هذا الباب.

وضع هذه اللبنة في مكانها لن يكون إلا من طرف أصحابها، ولا تجزئ الوكالة هنا كما لم تجزئ في المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، واللبنة لا ولن تستكمل إلا بإجراءات وتدابير عاجلة يعرفها أصحابها.

واقع المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي يجعل الأولويات الكبرى للوطن من إصلاح للإدارة وعدل وتعليم وصحة وسكن وعدل في المركز الأول ولا ضير، لكن لابد من الاهتمام بملفات مغاربة العالم وها نحن أصبحنا نرى أبناء الجيل الثاني والثالث يتحولون للسياحة والاستثمار وتقديم الخبرات إلى دول أخرى ومع مرور الزمن سينقطع الحبل السري الذي جمع لحد الآن بين مغاربة العالم ومسقط الرأس، وعدم الاكتراث يلمس في الواقع المعيش ويحس به المكلومون.

وللاهتمام فعلا بهذه الفئة من المواطنين ولاحترام ما ورد في برامج الأحزاب المغربية اتجاهها لابد من المعرفة الدقيقة والعميقة لكل الحيثيات المتشعبة والمتفرعة لقضايا مغاربة الخارج، فهناك ملفات متعددة، وقضايا عديدة وأولويات مختلفة، ولا يمكن أن نحلها بجملة “يكفيكم أن صاحب الجلالة راض عنكم” كما ورد في كلام الوزير الحالي المكلف بهذا الملف.

ومن هذا، ،فإن التدبير الأنجع لملف مغاربة العالم يقتضي وضع مقاربة شمولية وتشاركية لبحث القضايا الرئيسية وترتيب الأولويات في تعاون كامل وانسجام مع البرنامج الحكومي، مع القيام بإجراءات استعجالية أولها تخفيض عدد المتدخلين الرسميين، بفتح شباك وحيد، مع إعطاء سلطة حقيقية للوزير المكلف بالملف على القنصليات والمصالح المغربية في الخارج حتى تكون له كلمة مسموعة، مع القيام بالتعاقد الواضح مع فعاليات المجتمع المدني المغربي بالخارج الكفيل بإنجاح المهمة ، واللائحة طويلة.

خلاصة القول، وكما ذكرت هذا سابقا في مقال مماثل «ليست النائحة كالثكلى” والسلام.