سياسة

ميارة: التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة يطرح العديد من التساؤلات

اعتبر رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، أن سكوت القانون التنظيمي 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية عن تحديد الجهة المكلفة بعرض تقرير رئيس النيابة العامة أمام لجنتي العدل والتشريع بالبرلمان، وعن تحديد الجهة المعنية بالمناقشة مع أعضاء اللجنتين يثير تساؤلات عديدة.

جاء ذلك في كلمة افتتاحية، خلال اللقاء الدراسي المنظم من قبل العدالة الاجتماعية، حول موضوع “إصلاح العدالة: المنجزات والانتظارات”، الأربعاء بمجلس المستشارين.

وأضاف ميارة أن التساؤلات المشار إليها، تتصل أساسا بتحقيق الغاية من إقرار هذه الآلية من جهة، ومدى نجاحها العملي في تقويم السياسة الجنائية وتطويرها من جهة أخرى.

كما نوه في الوقت ذاته بالقيمة المضافة لهذا التقرير الذي يحال في كل سنة على مجلسي البرلمان، مشيرا لما يقدمه من معطيات وبيانات دقيقة بشأن تنفيذ السياسة الجنائية والتعريف بأولوياتها في ظل التغيرات المتسارعة التي تعرفها الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

وأوضح أنه، وبعد مرور فترة وجيزة من إرساء منظومة الاستقلالية المؤسساتية والقانونية، قد أصبحت تتأصل معالم نموذج مغربي في مجال استقلالية السلطة القضائية، وعلاقتها بالسلطتين التشريعية والتنفيذية،

وأضاف أنه يتعين المضي قدما في تدعيم وتقويم هذا التجربة بالآليات الإبداعية التي تسمح بقيام مبدأ التعاون الدستوري بين مختلف السلط الثلاث، وفق تصورات ومناهج عمل جديدة ومبتكرة، تساير الأهداف المحددة دستوريا، وتتماشى مع الطموح الجماعي في تحديث وتطوير نجاعة أداء منظومة العدالة القضائية.

وذكَر أن مسار إصلاح منظومة العدالة، ومنذ إقرار دستور 2011، قد شهد أشواطا مهمة، وطبعته محطات وصفها ‘‘بالتاريخية‘‘، مشيرا لما تحققت خلاله من متغيرات مؤسساتية، ودورها في استكمال البناء القضائي للمغرب.

وأكد أن الإصلاح الشامل والعميق قد شكل أحد أهم الأوراش الإستراتيجية، ليس فقط على مستوى جوهر امتداداته المؤسساتية الهيكلية، بل لأنه يمثل معلما بارزا في قوام الدولة المغربية الحديثة.

وذكّر بأن هذا الورش قد حظي بعناية الملك محمد السادس، من خلال الخطب الملكية التي دعت إلى بلورة وإنجاح سبل تفعيل الإصلاح الشمولي لمنظومة العدالة، وفق مبدأ التخطيط الإستراتيجي التشاركي، تكريسا لسمو الدستور، وحماية الحقوق والحريات، وسيادة القانون، ومساواة الجميع أمامه.

واعتبر ميارة أن اليوم الدراسي يندرج ضمن الحلقات الفكرية التي تواكب تنزيل الورش الإستراتيجي، مضيفا انه سيمثل فرصة للنقاش والتأمل، في محاولة لتجديد قراءة مضامين الميثاق، وإغنائه على مستوى التفعيل.

وأكد على أن التجربة المغربية في مجال إصلاح العدالة بمكوناتها المختلفة تعتبر نموذجا يقتدى به، وذلك في سعيها المتواصل لتقديم الأجوبة للإشكالات التي تعاني منها مختلف الأنظمة القضائية بدول العالم في هذا المجال.

وأوضح أن المغرب لم يصل إلى المحطة النهائية بعد، بل لا زال في مرحلة تنزيل وتفعيل الأهداف المسطرة والمعلنة في ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وعلى رأسها العمل والانخراط المسؤول في مرحلة توطيد استقلالية السلطة القضائية، وفق المبادئ والقواعد الدستورية.

وفي هذا السياق أشار المتحدث إلى النقاش المؤسساتي القانوني-الفقهي الذي واكب المصادقة البرلمانية على القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة،

وأضاف أن المحددات الأساسية لهذا النقاش، هي التطلع نحو إبداع أفضل الآليات والمقومات الكفيلة بضمان استقلالية القضاء والقاضي، وفق المبادئ والمعايير الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية، بما يتوافق مع روح دستور المغرب.

واعتبر أن الاستقلالية التي منحها دستور 2011 للسلطة القضائية، تعكس إيمان المشرع الدستوري بأن دولة القانون والمؤسسات، لا تستقيم إلا بتواجد قضاء لا يحتكم في النوازل القانونية إلا لوجدانه وضميره القانوني، وبوجود مهن مساعدة له مؤهلة قادرة على مسايرة التحديات.

وأشار إلى أن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، والذي أشرف على إطلاقه الملك محمد السادس، قد شكل مرجعا أساسيا لمختلف المبادرات الإصلاحية التي أعقبت اعتماده، تبعا للمقاربة التشاركية الواسعة التي اتخذها كأساس.

وذكر أن الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة قد سطّر جملة من التدابير المؤسساتية والقانونية لتأهيل وضمان فعالية وشفافية وجودة الأداء القضائي، سعيا في توطيد استقلال السلطة القضائية.

وأضاف أن هذه التدابير تسعى كذلك، لتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها.

وأضاف المتحدث أن خصوصية تركيبة مجلس المستشارين من حيث تمثيله للهيئات الترابية والمهنية والنقابية، لا تقلص دوره في إقرار التشريعات المتعلقة بالحقوق والحريات بصفة عامة، وتلك التي تصون هيبة ومكانة السلطة القضائية والهيئات المساعدة لها بصفة خاصة.

وفي هذا الصدد، أوضح أن مجلس المستشارين، أولى عناية خاصة بالنصوص القانونية ذات الصلة بإصلاح منظومة العدالة، مضيفا أنه عمل كذلك على القضايا ذات الصلة من خلال الآليات الرقابية المتنوعة.

كما أكد على أن المجلس يعبر عن انفتاحه الدائم على جميع التجارب والاقتراحات والتوصيات الرامية إلى تجويد القواعد القانونية الوطنية، بما يضمن تمتيع الأفراد والجماعات بالحقوق المكفولة لها دستوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *