الذكرى الأولى لفاجعة الطفل ريان.. الأب بلا عمل ولا دعم ومولود جديد ينسي الأسرة آلامها (فيديو)

يستحضر المغاربة، ومعهم طيف واسع من شعوب العالم، هذه الأيام، ذكرى فاجعة إنسانية أبكت الجميع، وتحولت إلى لحظة نادرة اجتمعت فيها الإنسانية على قضية واحدة، إنها قضية التضامن والتعاطف مع الطفل المغربي، ريان أورام، الذي قاوم الموت لخمسة أيام قبل أن يستسلم في النهاية.
ففي فاتح فبراير من العام الماضي 2022، اهتز المغاربة على خبر سقوط الطفل ريان في بئر بعمق 32 مترا بدوار إغران بضواحي شفشاون، حيث قضت فرق الإنقاذ 5 أيام للوصول إليه، لكن الموت كان أسرع منهم، إذ أخرجوه جثة هامدة، في قضية أثارت تعاطفا عالميا وتصدرت أخبار وسائل الإعلام الدولية.
وفي الوقت الذي كان من المفترض أن تعيش أسرة الطفل ريان، الذكرى الأولى للفاجعة، على وقع استحضار لحظات الحزن والآلام والبكاء، شاءت الأقدار الإلاهية أن تتحول هذه الذكرى إلى مناسبة للفرح والسعادة، بعدما رُزِق الوالدان بمولود جديد، الخميس، بمستشفى “سانية الرمل” بمدينة تطوان.
خالد أورام ووسيمة خرشيش، والدا الطفل ريان، بدا لافتا على ملامحهما وحديثهما فرحٌ عارم بمولودهما الجديد، حيث اعتبرا في حديثهما مع “العمق” أن ولادة طفلهما الجديد في ذكرى وفاة ريان، أمر شبيه بالمعجزة، مشيران إلى أنهما يفكران في تسميته بـ”ساجد” شكرا لله على نعمة العطاء بعد الأخذ.
غير أن فرحة ولادة الطفل الجديد لم تستطع إخفاء معاناة الأسرة مع ظروف مادية واجتماعية صعبة رافقتها منذ المأساة وإلى اليوم، بالرغم مما أثير حول وجود مساعدات وتبرعات وشقق تم منحها لوالدي الطفل، إلا أن تصريح الأب لـ”العمق” كشف الحقيقة وفنَّد كل ما تم ترويجه.
ففي أول حوار له منذ الفاجعة، كشف خالد أورام، والد الطفل ريان، لجريدة “العمق”، أنه عاطل عن العمل ولم يتلقى أي تبرعات تُذكر، مشيرا إلى أن لقمة عيشه كان يكسبها من أعمال بسيطة، كان آخرها بيع “الحرشة” في محل بسيط بتطوان، قبل أن يتوقف عن العمل منذ زهاء شهرين.
وأوضح خالد أورام الذي زارته “العمق” قبل أسابيع في شقته الجديدة بإحدى إقامات “السكن الاقتصادي” بتطوان، أنه يعيش ظروفا مادية صعبة، خاصة بعد انتقاله للاستقرار بمدينة تطوان، مشيرا إلى أنه لا يزال يبحث عن عمل يكسب به قوت أسرته.
وفي هذا السياق، أشار الأب إلى أنه لم يتوصل إلى حد الساعة، بأي تبرعات أو شقق، عكس ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، باستثناء أدائه مناسك العمرة رفقة زوجته تكلف بها الملك محمد السادس، وفق تعبيره.
وبحسب ما توصلت إليه جريدة “العمق” من معطيات من مصادر مختلفة، فإن عمالة إقليم شفشاون كانت قد أصدرت تعليماتها إلى أسرة الطفل ريان بعدم التواصل مع أي شخص يقدم نفسه على أنه متبرع، وعدم قبول أي مساعدات أو تبرعات إلا عن طريق العمالة وبتنسيق مع السلطات، وهو ما جعل عدة مبادرات لمساعدة الأسرة والتبرع لها تتوقف، خاصة من طرف مجموعة من مشاهير الفن والرياضة والإعلام.
وكان والد الطفل ريان قد قرر الانتقال من قرية إغران بجماعة تمروت بشفشاون، إلى مدينة تطوان، أسابيع قليلة بعد الفاجعة، في محاولة من الأسرة لنسيان تفاصيل المأساة، حيث أشار في حواره مع “العمق” إلى أن البقاء في القرية كان سيزيد من معاناتهم النفسية.
يقول خالد أورام في هذا الصدد وعلامات التأثر بادية على ملامحه: “نذهب للدوار في الصيف والمناسبات الدينية والعائلية، ونزور قبر ريان رفقة والدي ونقرأ عليه ما تيسر القرآن.. كلما نزور القرية نتذكر ابننا الذي لا يمكننا نسيانه إطلاقا، إنه جزء من كبدي، وربنا أراده إلى جانبه”.
وبخصوص الفاجعة، أشار خالد أورام إلى أن الصدمة التي عاشتها أسرته حينها كانت قوية للغاية، مضيفا: “ربنا أنزل علينا الصبر، وحين لم نُصاب بالجنون أو الحمق فهذه نعمة في حد ذاتها” حسب قوله، لافتا إلى أن حجم المواساة والتضامن العالمي خفف نوعا ما من وقع الفاجعة على العائلة.
وتابع قوله في الحوار ذاته: “تضامن المغاربة والعالم أجمع أشعرني أن ريان ليس ابني فقط، بل ابن الجميع لأن الكل أحبه”، كاشفا أنه يتعامل مع أبنائه الثلاثة حاليا باحتياط كبير، موجها رسالة إلى العائلات التي تعيش في البوادي، بضرورة حماية أطفالها تفاديا لتكرار هذه المأساة.
اترك تعليقاً