بزيز: الفساد والتسلط هو الفتنة الكبرى

في تعليق له على أحداث الحسيمة وقضية مقتل بائع السمك محسن فكري، اعتبر الفنان الكوميدي أحمد السنوسي المعروف إعلاميا بـ “بزيز”، بأن “الفساد والتسلط هو الفتنة الكبرى”، مشددا على أن “عرفته ميادين المغرب في مدنه وقراه من مظاهرات التضامن مع شهيد الكرامة في الحسيمة والشعارات المنادية بالحرية والعدل، إلا دليل جديد على أن تلك الروح النضالية ما تزال متوهجة في الأذهان والقلوب”.
وشدد بزيز في تدوينة مطولة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” على أن “التسلط والقمع المنهجي ونهب أرزاق الناس وخيرات البلاد لا تحتاج إلى دساتير مكلفة واستنفار شعبي من اجل التصويت على فقاعة صابون أو في أحسن الأحوال على نص قانوني هدفه الأول والأخير لعب دور رجل المطافئ لإخماد غضب المستضعفين”.
وأضاف “وما سقوط شهيد الحسيمة محسن فكري إلا النقطة التي أفاضت كأس الحكرة وحولت مسألة صيانة الكرامة إلى خبز يومي لكل المغاربة حين وضعوها في مقدمة الأولويات مرددين حكمة “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”، وذلك في دعوة واضحة لكي تطابق الممارسة الشعارات السلطوية والدساتير التي من المفروض أنها وضعت أصلا من أجل حماية وتحصين كرامة الإنسان من كل التجاوزات. وفي حال لم يتحقق هذا الهدف فإن كل القوانين والدساتير تعتبر باطلة ولاغية ، ولا تستحق كل تلك الأموال الطائلة والسائبة التي تم صرفها في حسابات خبراء الدساتير في الداخل والخارج من أجل ” تدبيج” دستور حروفه صماء لا تنطق ومضامينه مناقضة لما يجري على أرض الواقع”.
وفيما يلي التدوينة الكاملة للفنان الكوميدي المعارض بزيز:
الفساد والتسلط هو الفتنة الكبرى
تعاقبت على مغرب ” الحداثة والديمقراطية ” أحداث وإهانات موجهة بالأساس إلى من يطلقون عليهم عبثا “الشرائح الهشة في المجتمع ” من فراشة وباعة متجولين، فقتل من قتل واحترق من احترق وصالت السلطة وأعوانها دون حسيب أو رقيب لكنها هذه المرة اصطدمت بمعطى جديد لم تضعه ضمن حساباتها وتوقعاتها، وهي التي راهنت على صمت الشعب بعد أن باعت له وهم ” الاستقرار ” راه الظلم هو اللي مستقر، مقابل إطلاق يدها وسوطها على أعناق الجميع، لذلك قالوا إن يد المخزن طويلة.
سقط هذا الرهان، وبعث الشعب الرسالة تلو الرسالة لكن يبدو أن ” الثقافة السلطوية ” المتوارثة حالت دون التقاطها إشارات موحية وبليغة الدلالات بأن اليوم لن يشبه البارحة، وأن البراكين غالبا ما تعطي الانطباع بأنها مجرد رماد جامد على أن تنفجر حممه وتتحول إلى أنهار من نار غاضبة.
ولم تنتبه السلطة إلى أنها مست عرقا حساسا حين استهانت بكرامة الشعب، وما سقوط شهيد الحسيمة محسن فكري إلا النقطة التي أفاضت كأس الحكرة وحولت مسألة صيانة الكرامة إلى خبز يومي لكل المغاربة حين وضعوها في مقدمة الأولويات مرددين حكمة “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”، وذلك في دعوة واضحة لكي تطابق الممارسة الشعارات السلطوية والدساتير التي من المفروض أنها وضعت أصلا من أجل حماية وتحصين كرامة الإنسان من كل التجاوزات. وفي حال لم يتحقق هذا الهدف فإن كل القوانين والدساتير تعتبر باطلة ولاغية ، ولا تستحق كل تلك الأموال الطائلة والسائبة التي تم صرفها في حسابات خبراء الدساتير في الداخل والخارج من أجل ” تدبيج” دستور حروفه صماء لا تنطق ومضامينه مناقضة لما يجري على أرض الواقع.
فالتسلط والقمع المنهجي ونهب أرزاق الناس وخيرات البلاد لا تحتاج إلى دساتير مكلفة واستنفار شعبي من اجل التصويت على فقاعة صابون أو في أحسن الأحوال على نص قانوني هدفه الأول والأخير لعب دور رجل المطافئ لإخماد غضب المستضعفين.
وما عرفته ميادين المغرب في مدنه وقراه من مظاهرات التضامن مع شهيد الكرامة في الحسيمة والشعارات المنادية بالحرية والعدل، إلا دليل جديد على أن تلك الروح النضالية ما تزال متوهجة في الأذهان والقلوب.
وقد طرحت قضية شهيد الكرامة بالحسيمة محسن فكري من جديد للنقاش العام مسألة تدبير الثروة الوطنية والمآلات المافيوزية التي آلت إليها بعد أن كان مصيرها النهب من قبل شلة سلطوية تسلطت على خيرات هذه الأرض واستولت على كل ما يدب فوقها أو يغوص تحت مياه البحر أو يطير في الأجواء، في انتظار أن يفرضوا ضرائب على الهواء والشمس والحق في الحياة. وفي خضم ذلك يظل المواطن هو الرقم المجهول في المعادلة السلطوية التي وقودها التفقير والتوزيع ” العادل ” للفقر على كل ربوع البلاد والتجهيل والارتهان بتعليمات صندوق النقد الدولي (داولي وليك رزقنا ) والبنك العالمي التي ” توصي ” بمنع توظيف أجيال متتالية من الشباب، وإهمال القطاع الاجتماعي وتحويل التعليم والصحة إلى الخواص الذين هم عبارة عن سمك قرش مفترس (مع الاعتذار لسمك القرش الحقيقي في البحار) ستحدث نزيفا خطيرا في المداخيل المتواضعة والمنعدمة للأغلبية المسحوقة من الشعب
لابد من استحضار هذه المعطيات كلها لكي ندافع عن حقوقنا وكرامتنا، ما دام أن الحيف السلطوي يصر على ألا يعترف للشعب بحق المواطنة الكاملة ويسعى إلى تمديد عمر منطق الرعية والقطيع مسلوب الإرادة ضدا على منطق التاريخ. فلا توجد فتنة أشد على النفس من فتنة التسلط والفساد.