سياسة

مبادرة تشريعية تقترح إحداث مؤسسة عمومية لتوزيع الأغذية على الفقراء

تقدم الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين، بمقترح قانون يقضي بإحداث المؤسسة المغربية لتخزين وتوزيع الأغذية، من بين ما يناط بها العمل على جمع مختلف الأغذية وتقديمها للمحتاجين مع إعطاء الأولوية للأشخاص في وضعية صعبة أو إعاقة، علاوة على محاصرة ظاهرة التبذير وتحبيب ثقافة حسن الاستهلاك وفق الحاجة.

وتنص هذه المبادرة التشريعية على إحداث مؤسسة اجتماعية غير ربحية، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري مقرها بالرباط، تحت مسمى “المؤسسة المغربية لتخزين وتوزيع الأغذية”، تناط بها مهام التدخل العمومي للمساهمة في توفير التغذية لفئات اجتماعية مستهدفة.

وقال واضعو هذه المبادرة التشريعية إن أزمة “كوفيد-19” أبانت في المغرب وفي العالم كله، عن ضرورة إشاعة الأمن الغذائي، والطمأنينة والسكينة العامة والكرامة في ظل تخوف من ندرة السلع والبضائع لبعض الفئات الهشة والفقيرة، خصوصا تلك التي تفقد مناصب شغلها بسبب تفشي المرض، مما يستدعي تفكير عميق في عملية طمأنة هذه الشرائح الاجتماعية، من زاوية تدبيرية عقلانية للعمل الخيري.

وأوضح الفريق الاستقلالي ضمن المذكرة التقديمية لهذا المقترح، أن من بين أهم ما أبدعت منظومة التفكير التدبيري البشري هو مأسسة وأجرأة العمل الخيري في أفق تحقيق أهداف تلبية الحاجات بناء على تشخيص أولي لوجود عجز في توفيرها من قبل المستفيد، في إطار إنساني تضامني يفرضه الانتماء إلى الجماعة البشرية داخل وعاء الدولة وبعيدا عن خلفية التسييس أو الاستعمال الانتخابوي.

وجاء في المذكرة التقديمية التي تتوفر “العمق” على نسخة منها، أن هذا الإبداع ظهر في إحداث جيل جديد من مؤسسات تقديم “الخير” يوفق ما بين قدرة الدولة على ضبط ثغرات المنظومة الاجتماعية الناتجة عن خلل في توزيع الثروة، وبين رغبة الإنسان في تقديم المعونة لأخيه الإنسان الموجود في حالة خصاصة.

كما أشارت إلى أن “من بين هذه المؤسسات شاعت منذ أواسط القرن الماضي، في دول العالم مرافق أطلق عليها أسماء متعددة من بينها الأبناك الغذائية، أعادت لمؤسسة الدولة وجمها الخيري الاجتماعي والإنساني بعد غياب مؤسساتي طويل الأمد”، مضيفة أنه “قد برزت عبر العالم تجارب رائدة سواء في الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية أو في دول تنتمى لفضائنا الثقافي والجغرافي في عدد من الدول الإفريقية والعربية”.

وبحسب الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين، فإن أهم أساس فلسفي تنبني عليه هذه المرافق الاجتماعية الجديدة يكمن في كونها مؤسسات تساهم في بناء مخزون استراتيجي للغذاء، هذا المخزون الذي تحدث عنه الملك في خطاب افتتاح البرلمان أكتوبر 2022، وهي مؤسسات غير مرتبطة أساسا بالمجاعة مثلا، وإنما هي ذات بعد وقائي يساهم في اليقظة الغذائية من منظور متجدد مساهم في تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي والاجتماعي.

وأضاف واضعو هذا المقترح، أن هذه المؤسسات الاجتماعية تتمع بقوة إسنادية لمؤسسات عمومية أخرى في تقديم الغذاء سواء بصفة رئيسية كالمطاعم المدرسية والخيريات أو بصفة محدودة كالمستشفيات أو مؤسسات أخرى تعنى بالنساء والأرامل والأطفال أو المهاجرين بدون مأوى وغيرها، وبالتالي تساهم بدورها في مزيد من إشاعة ثقافة التضامن والتآزر الاجتماعي.

وتتميز هذه المؤسسات الغذائية، بحسب المصدر ذاته، بـ”تنظيم إداري ومالي وترابي عقلاني محكم ومسؤول، يستند على ميزانية وتوقعات مستقبلية وإحصائيات موثقة، وبرامج على طول السنة تستهدف الفئات المعوزة حسب النوع والدخل”.

وأكد الفريق البرلماني أنه “لا يخفى على الجميع أعداد الفقراء الموجودين في بلادنا والذين يتم التعامل معهم من قبل جمعيات متنوعة ذات أهداف مختلفة، أو من قبل الأفراد بناء على ثقافة الصدقة والهدية والمكرمة الموسمية، في الوقت الذي تجعل هذه المؤسسات الجديدة من الصدقة مؤسسة جماعية لا مجال فيها للظهور الفردي أو السياسي أو التسويقي”.

كما شدد على أن “إحداث مؤسسة مغربية للغذاء من شأنه أن يعزز هذه المبادرات ويوسعها ويضبطها باستمرار على صعيد جميع التراب الوطني، تعفي المواطن المعوز من ثقافة الخضوع للمتصدق وتحاصر ثقافة الاسترزاق بالصدقات الموسمية الموسعة، كما تقطع مع عمليات خلق الولاءات السياسية التي تعتمد كثير منها على منطق المساعدات الخيرية”.

في السياق ذاته، أشار المصدر ذاته، إلى أن “مؤسسة تخزين وتوزيع الغذاء يتعين فيها الاشتغال بتنسيق مع السلطات العمومية والمنتخبين والمجتمع المدني والمقاول والمنتجين، من أجل جعل تقديم الغذاء خدمة عمومية لفئات معينة بعيدا عن عقلية التنافس المصلحي أو السياسي”.

وينص مقترح القانون على أن تقوم هذه “المؤسسة المغربية لتخزين وتوزيع الأغذية”، بالعمل على جمع مختلف الأغذية وتقديمها للمحتاجين مع إعطاء الأولوية للأشخاص في وضعية صعية أو إعاقة، وتخزين وتوزيع الأغذية والوجبات الغذائية على المغاربة أو المهاجرين أو الأجانب المحتاجين بصفة العامة.

وبموجب هذه المبادرة التشريعية ستقوم بجمع وقبول التبرعات والهبات الغذائية والمالية لهذا الغرض، والقيام بحملات تحسيسية ضد التبذير الغذائي عبر كل الوسائل المتاحة، وإبرام الشراكات مع القطاعين العام والخاص لتعزيز ثقافة التضامن وجمع الأغذية.

علاوة على التنسيق مع السلطات العمومية والجماعات الترابية والجمعيات لجمع وتوزيع الأغذية، ودعم قدرات المطاعم المدرسية والجمعيات الخيرية والمستشفيات والمراكز الصحية ومراكز رعاية الطفولة والمرأة في وضعية صعبة والمؤسسات السجنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *