منتدى العمق

هل حقا طوقت هيئة الإنصاف والمصالحة مآسي الماضي؟

نصب أعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2004 من طرف الملك محمد السادس، وهي لجنة وطنية للحقيقة والإنصاف، ذات اختصاصات غير قضائية قصد تسوية ملف ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تغطي فترة زمنية طويلة من الإستقلال المغرب إلى 1999، تاريخ إعتلاء محمد السادس العرش.

تتكون هذه الهئية من رئيس و16عضو، وهؤلاء الأعضاء يجمعهم الإهتمام بحماية حقوق الإنسان، وكون هؤلاء الأعضاء ثلاث فرق، الفرقة الأولى مكلفة بالتحريات والثانية مختصة بجبر الضرر أما الثالثة فتكلفت بالأبحاث والدراسات، وقد خول للهيئة مهمة إ جراء تحريات حول انتهاكات حقوق الإنسان.

فعملت على استماع لشهادات ضحايا و أهاليهم وموظفين ومسؤولين في أجهزة الدولة، وتمت بذلك دراسة عشرين ألف ملف لضحايا الإختفاء القسري والإعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة السيئة، وتمكنت الهيئة من تحديد وفاة 173 شخصا رهن الإعتقال التعسفي في الفترة الممتدة من 1956الى 1999 في مراكز الإعتقال، وتمكنت الهيئة أيضا من” تحديد هويات 11 شخص توفوا إثر مهاجمات المسلحة، بينما 325 شخص المدرج أسماء بعضهم في عداد مجهولي المصير، قد لقوا حذفهم على إثر الأحداث الإجتماعية الواقعة في السنوات 1965 (50 وفاة)، و1981 (114 وفاة)، و1984 (49 وفاة).

ورغم هاته النتائج التي نوهت بها أطراف وطنية ودولية، من حيث التعويض المادي للضحايا وذويهم ، وتم الكشف عن المقابر السرية التي دغنت فيها الجثامين، تبقى هذه المصالحة جزئية ما دامت قد اقتصرت على تعويض بعض الضحايا الفرادى فقط ولم تتجاوز الأفراد إلى تلك الجماعة وأقصد هنا بالتحديد الريفيين ساكني الحسيمة والقرى المجاورة لها أو التابعة لها الذين تعرضوا لقصف أفقير الذي كان برفقة الأمير الحسن الثاني قصد إخماد انتفاضة الريف سنة 1958 بأسلوب الارض المحروقة، فشعر أبناء المنطقة بالإهانة، وما عمق من الجرح وصفهم من قبل الملك الراحل الحسن الثاني بالأوباش الذين يعيشون على التهريب والمخدرات في خطاب رسمي بعد أحداث 1984 التي تعرض خلال هذه الفترة أبناء المنطقة للإعتقال والبعض تعرض للتصفية الجسدية.

فلم تدمج هاته المنطقة بشكل المطلوب ولم تنجز فيها مشاريعها تنموية، رغم أن ذاك كان من أبرز توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بل كان من التزاماتها الإقرار بالحقيقة وجبر الضرر الفردي والجماعي.

وظلت هته المنطقة تعيش الفقر والتهميش وسلوك إدارتها يذكرها بمَآسِي الماضي، ونحن هنا لا نستهين بتلك البادرة الجريئة من طرف الملك محمد السادس بقدر ماندعو إلى بذل الجهود في قيام علاقة إنصاف ومصالحة جادة بين المنطقة والمركز وطي صفحة الماضي بالفعل.

ـــــــــ

باحثة في التاريخ المعاصر