“ماذا لو سألني طفلي: لماذا خلق الله الزلازل؟”.. خبير نفسي يجيب “العمق”

يمكن أن يباغتك ابنك بطرح سؤال عن أسباب ظهور الزلازل، وقد يربطها بالخالق انطلاقا من خلفيته الدينية، الأمر الذي قد يسبب حيرة كبيرة في اختيار أجوبة مقنعة يستوعبها فكره البريئ النيئ، خاصة وأن نهاية كل جواب مقدم له تعني سؤالا آخرا.
في هذا الإطار، قال الطبيب النفساني، محمد سعيد الكرعاني، في حديث لجريدة “العمق”، إن وراء هذا السؤال حاجات نفسية تحتاج أجوبة ملائمة، أبرزهما خلق المعنى، وخلق الشعور بالأمان.
وأوضح المتحدث، فيما يتعلق بـ”حاجة الطفل إلى المعنى”، مرده إلى أن البشر ومنذ الطفولة يبحثون عن معنى الأشياء ولماذا تقع؟ وهل نعيش في عالم عبثي يهددنا؟ أم أن للعالم نظام وله معنى؟.
هنا يقترح الطبيب النفساني، المذكور، أنه من المفيد أن نشرح للطفل بكلمات بسيطة تناسب درجة نموه الفكري، أن الأرض لها نظام يضمن لها آداء وظيفتها، بدءاً من حركتها حول نفسها وحول الشمس ووصولا إلى موضوع الزلازل والبراكين، وغيرها من آيات الخلق التي تمنح الأرض شروط الحياة المناسبة لإقامة الإنسان عليها إلى حين عودته إلى موطنه الأول.
فوجود معنى للزلازل، يقول الكرعاني، أنه “ينفي وصف العبث المخيف”، معتبرا أن الشعور بـ”عبثية الأحداث لا يطاق، والظفر بالمعنى حاجة إنسانية أصيلة”.
ولفت المتحدث إلى أن النقاش قد يثير تساؤلات عن الأموات في الزلازل، معتبرا هذا السؤال “ضمن موضوع البحث عن المعنى”، ومردفا أن “الإحساس بأن موت الضحايا هو النهاية الأبدية يضفي على الحياة صفة العبث”.
وتابع الكرعاني كلامه قائلا إن “الضحايا يشبهوننا، وكانت لهم حياة وأسرة ومدرسة، وفجأة انتهى كل شيء. إنها الحيرة أمام مشهد ظاهره نهاية مأساوية”. منبها إلى أن هنا تكمن الحاجة إلى “الظفر بالمعنى وأن موت الضحايا هو انتقال وليس نهاية”.
وكشف المتحدث أن الحديث يجب أن يكون مع الأطفال بلغة هادئة، تبين لهم أن هذا الانتقال، هو “انتقال إلى حيث ربنا سبحانه، إله رحمان رحيم، سبقت رحمته غضبه، حتى أنه جعل من مات بزلزال أو نحوه في عداد الشهداء، وما أعظمها من منزلة تلك المنزلة”.
وقال الطبيب النفساني، إن هذه الأزمات والفواجع الطبيعية “تشكل فرصة للتنبيه الأطفال وتعريفهم بربنا سبحانه”، وهذا التعريف ينبغي أن يستند، وفق كلام الكرعاني، “إلى أسمائه الحسنى فهي ما تعرفه سبحانه”.
أما بخصوص الحاجة الثانية، فقد أوضح الطبيب النفساني، محمد سعيد الكرعاني، والمتعلقة بـ”الحاجة إلى الشعور بالأمان”، مردها لكونها “حاجة نفسية أساسية للطفل، لأن أخبارا كالزلازل والكوارث الطبيعية، تجعله يشعر وكأنها تقع كل يوم وهنا يشعر بالتهديد و عدم الأمن”.
لهذا، يوصي الكرعاني، بأن يشرح للأطفال أن هذه الظواهر لا تقع إلا استثناء، وأن الأرض بيتنا الجميل الذي حصّنه ربنا حتى يؤوينا. أما هذه الظواهر التي تقع بين الحين والآخر فهي الاستثناء الضروري لحياة الأرض وليست هي الأصل.
كما أنه من المفيد، وفق كلام الكرعاني، تنبيه الطفل إلى “أن الله تعالى أعطى البشر نعمة العقل لإيجاد الحلول، ولقد أبدع البشر في طرق البناء ما جعل هذه الظواهر محدودة الأثر عليهم. فالمدينة التي تضم الملايين من البشر، ينجو معظمهم لأن البناء الحديث فيه شروط صارمة تتحسب لمثل هذه الظواهر. وهذا يفيد لأنه يشعر الطفل أن الكبار المحيطين به لهم دراية وعلم وتخطيط وأنه يمكنه أن يشعر بالأمان معهم”.
اترك تعليقاً