أما بعد

أما بعد.. “الأساتذة المتعاقدون” معركة آن لها أن تنتهي

لقد طال الأمد بمعركة “الأساتذة المتعاقدين” حتى أصبحت الوضعية شاذة في مسار التربية الوطنية المغربية، واستمرار الوضعية سيجني على منظومة التربية والتكوين برمتها، وسيكتوي بنارها المعلم والتلميذ والأسرة والمسؤول، والوطن قبل ذلك وبعده، ولقد أصبح لزاما أن يغلب صوت الحكمة والعقل وأن يتنازل كل طرف شيئا ما لمسك العصا من الوسط قبل أن تجلد ظهورنا جميعا.

إن الوضعية الحالية لملف من يسمون “أطر الأكاديميات” أو “الأساتذة المفروض عليهم التعاقد” تستدعي أن تتحلى الوزارة الوصية ومن بيده للقرار بشيء من المرونة في التعامل وإن اضطر الأمر إلى إعمال روح القانون قبل نص القانون (هذا إن كان هناك قانون يؤطر هذه الوضعية الغريبة)، وأن توقف الاقتطاعات من الأجرة الهزيلة أصلا، وتتراجع عن قرارات التوقيف من العمل، وطي ملفات الأساتذة المتابعين قضائيا، وإطلاق مبادرة مصالحة تربوية.

كما يجب على الوزارة أيضا فتح باب الحوار مع ممثلي هذه الفئة من رجال ونساء التعليم التي أصبحت نسبتها وازنة ضمن الموارد البشرية لوزارة التربية الوطنية، وهي الفئة التي يغلب عليها الشباب الذين مازال أمامهم سنوات عمل طويلة، وأمامهم مسؤوليات جمة في تربية أجيال عديدة من أبناء هذه الوطن.

وآن الأوان أن تقدم الوزارة عرضا جديا ورسميا بأفق زمني واضح وإن طالت مدته شريطة أن يكون بسقف واضح وآجال محددة،  ويجب أن يتضمن العرض تجاوبا مع الحقوق والمطالب المشروعة التي يطالب بها هؤلاء الأساتذة، إضافة إلى حمايتهم من أي شطط محتمل للمديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية، وألا تسمح بإضافة خطيئة اجتماعية وإنسانية على خطأ التعاقد وطريقة إقراره.

بالمقابل، نذكر إخوتنا وسادتنا الأساتذة أن معركتهم (سواء اتفقنا مع مطالبها أو اختلفنا) ذات بعد استراتيجي ولن يمضي عليها الأجل، فليس من الضرورة أن يستجاب لجميع المطالب دفعة واحدة، فالوقت فسيح والتدرج محمود والمرونة مطلوبة.

همسة أخرى في أذن الأحبة الكرام نتمنى أن تجد قبولا وتفهما: أي تصعيد يكون التلميذ محوره أو متضررا منه لن يؤدي سوى إلى تأليب المجتمع ضد المعركة وتجييش الرأي العام عكسها، وكذا تقليص حجم التضامن والتآزر الشعبي والجماهيري الذي يعد عامل ضغط ومساندة، ثم لأن التلميذ ليس طرفا في المعركة ولا ذنب له ليعاقب بحرمان أو توتير أو إرباك.

لا خير في أمة لا تكرم رجال ونساء التعليم، ولا مستقبل لوطن لا تسود فيه قيم المواطنة والوطنية، المشعة من داخل المدرسة العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *