اقتصاد، مجتمع

وحدة حليب جرسيف “تفور” في رأس وزير الفلاحة.. ومطالب بمحاسبة المتورطين في تعثرها

وحدة حليب جرسيف "تفور" في رأس وزير الفلاحة.. ومطالب بمحاسبة المتورطين في تعثرها

لم يمضِ عام واحد، على انطلاق عمل وحدة انتاج وتثمين مادة الحليب، بجرسيف، حتى بدأت تتخبط في مشاكل تسيير عديدة، دفعت المستخدمين والمنتجين، على حد سواء، إلى التذمر والمطالبة برفع الحيف والضرر عنهم.

ولقي مشروع إنتاج الحليب بجرسيف، ترحيبا كبيرا، بتاريخ 27 مارس 2023، بعدما أعطى وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، محمد صديقي، انطلاقة وحدة لإنتاج الحليب،على مستوى الطريق الرابطة بين جماعة لمريجة ومدينة جرسيف، بكلفة إجمالية تبلغ 60 مليون درهم، وبسعة 30 طنا يوميا، يتم تجميعها  من 14 مركزا، ويستفيد من مشروع وحدة الحليب بجرسيف حوالي 2689 فلاح منحدرين من الجماعات الترابية تادارت، وهوارة ولاد رحو، ولمريجة وصاكا وراس لقصر، و13 تعاونية فلاحية.

     “من الخيمة خرج مايل”

الوحدة الأولى من نوعها على مستوى اقليم جرسيف، وإن انطلقت متأخرة، حيث كانت بداية أشغال البناء يوم 17 نونبر 2014، وانتهت رسميا في مطلع سنة 2017، ولم تعط الانطلاقة لعملها في مجال معالجة الحليب وتسويقه إلى غاية يوم 27 مارس 2022، كان ينتظر منها أن تشكل منافسا حقيقيا ودعامة كبيرة، على مستوى جهة الشرق، وأن تشكل فرصة لفلاحي المنطقة لتوزيع وتنويع مصادر تصدير منتوج الحليب، إلا أن ذلك لم يتم بالشكل المنتظر، إذ بدأت تتخبط في مشاكل في التدبير والتسيير، وشكلت موضوع احتجاجات الفلاحيين المنتجين للحليب، بعد تأخر الوحدة، في تسليم الفلاحين مستحقاتهم العالقة، مما جعل البعض منهم مهدد بالسجن بسبب الشيكات، كما شكلت موضوع احتجاجات المستخدمين، لنفس الغرض، بعد تأخر توصلهم مستحقاتهم لأشهر.

 “أسئلة برلمانية دون إجابة”

شكل تخبط وحدة إنتاج الحليب بجرسيف، موضوع أسئلة كتابية برلمانية، ثلاثة منها موجهة لوزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، محمد صديقي، دون أي إجابة تذكر، باعتبار وزارته شريك لوزارة الداخلية في هذا المشروع، حيث تكلفت وزارة الفلاحة بتجهيز الوحدة، وبالغلاف المالي المخصص لإنجاز عملية الملاءمة مع معايير السلامة والجودة؛ هذا بالإضافة إلى تكلفة التجهيزات والمعدات التي وصلت إلى 38 مليون درهم.

وفي هذا الإطار، وجه المستشار البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة خالد البرنيشي؛  بتاريخ 10 يناير 2022، سؤالا كتابيا، إلى وزير الفلاحة، حول الوضعية الحرجة لوحدة إنتاج الحليب بجرسيف “حليب جرسيف”، حيث ذكر أنه وبعد مدة وجيزة من انطلاق الأشغال بهذا المشروع الهام؛ أصبحت هذه الوحدة تعاني من سوء التدبير والمزاجية في التسيير، مما جعل حلم حليب جرسيف بمثابة كابوس يقض مضاجع الفلاحين ومنخرطي تعاونيات الحليب بالإقليم.

وأضاف المستشار البرلماني، أن المتضررين هم فلاحون بسطاء ومصدر عيشهم الوحيد هو ما يبيعونه من حليب لهذه الوحدة، التي لازالت تتماطل في تمكينهم من مستحقاتهم المالية؛ وبالتالي لم يعد بمقدورهم الإستمرار في تزويد الوحدة بالحليب، بل إن أغلبهم مهددون بالسجن بسبب الشيكات المقدمة لتجار العلف.

وأردف البرنيشي، أنه رغم تدخل السلطة المحلية التي ضغطت على إدارة هذه الوحدة، التي بدورها رضخت ووعدت باستخلاص مستحقات شهر 11 من 2022 فقط، إلا أن استمرار الوضع على هذه الوتيرة ستكون له انعكاسات اجتماعية وأمنية غير محمودة العواقب، خاصة بعد احتجاج التعاونيات والفلاحين القادمين من جماعات قروية بعيدة أمام هذه الوحدة، الأمر الذي يستدعي تدخلا عاجلا من طرف الوزارة لإنقاذ هذا المشروع الكبير الذي كلف حوالي 7 مليار سنتيم، أسهمت فيه جل تعاونيات الحليب بعشرات الملايين، وتتساءل اليوم عن مصير أموال بيع الحليب وبعض مشتقاته لأزيد من 06 أشهر مدة انطلاق المشروع”.

وفي السياق ذاته، تساءل البرلماني عن الفريق الاشتراكي، سعيد بعزيز، بتاريخ 10 يناير أيضا، في مراسلته لوزير الفلاحة، عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لإنقاذ هذه الوحدة من الإفلاس، وضمان استمراريتها واستدامتها، وخطوات تمكين مربي الأبقار من مستحقاتهم في أقرب وقت ممكن.

وفي سؤال آخر، بعثه النائب البرلماني، بعزيز، بتاريخ 14 فبراير، لوزير الفلاحة، أشار فيه، إلى أنه ابتداء من شهر دجنبر المنصرم بدأت التعاونيات تتراجع على دفع الحليب لهذه الوحدة الصناعية، والتوجه نحو الزبون السابق “كوليمو” بوجدة. وحيث أن الوضع تفاقم مع استمرار عدم أداء مستحقات المنتجين، مما دفع ببعض التعاونيات إلى توقيف عملية تجميع الحليب ابتداء من نهاية الأسبوع المنصرم، مما سيسبب كسادا غير مسبوق، من شأنه أن يؤثر سلبا على سلسلة الحليب بإقليم جرسيف.

وتبقى الأسئلة البرلمانية، عالقة برفوف الوزارة، في تنافِِ مع ما جاءت به الفقرة الثانية من الفصل 100 من الدستور المغربي التي تنص على أن ” الحكومة تدلي بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال إليها”.

   “ضبابية و تواطؤ” 

تراجع أداء الوحدة، لم يقف عند هذا الحد، بل ذهب النائب البرلماني،  بعزيز، في نفس المراسلة، إلى الاشارة إلى أن الجهة التي عهد إليها بتدبير وتسيير هذا المشروع، لم تكن شفافة وواضحة في ذلك، واتسم أداؤها بالضبابية وسوء التدبير، مما أدى إلى عدم أداء مستحقات مربي الأبقار، منذ حوالي ثلاثة أشهر.

وأشار بعزيز، أن الجهة التي عطلت المشروع، ولم تعط له الانطلاقة إلى غاية يوم 27 مارس 2022، هي نفسها التي أحضرت المدير الحالي للوحدة، وهي المسؤولة المباشرة عن هذا التعثر، اعتبارا لكون معظم المتتبعين يتهمونها بالتواطؤ مع وحدة صناعية أخرى داخل تراب الجهة لإفشال هذا المشروع الحيوي بجرسيف، على حد تعبيره، مطالبا الوزارة، بالوقوف على كل الاختلالات، ومحاسبة المتورطين فيها، ومعالجة ما يمكن معالجته، بهدف تصحيح الوضع، وتمكين هذه الوحدة من انطلاقة ناجعة، وضمان استمراريتها واستدامتها.

هذا وتسائل المستشار البرلماني، البرنيشي، عن مصير أموال بيع الحليب وبعض مشتقاته لأزيد من 06 أشهر مدة انطلاق المشروع الذي كلف حوالي 7 مليار سنتيم، أسهمت فيه جل تعاونيات الحليب بعشرات الملايين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *