مجتمع

موظفون بغرفة الصناعة التقليدية بالشمال يشتكون “تضييقات غير مسبوقة” والرئيس يوضح (فيديو)

كشف موظفون بغرفة الصناعة التقليدية بجهة طنجة تطوان الحسيمة وملحقاتها، عن ما أسموه “ارتفاع ضحايا مسلسل التعسف الإداري والممنهج ضد موظفي وموظفات الغرفة، وحرمانهم من أبسط حقوقهم المشروعة”، منبهين إلى أن “حالة الاحتقان” مستمرة في هذه الغرفة منذ 2016 وإلى الآن.

جاء ذلك في ندوة صحفية نظمها المكتب الوطني النقابة الديمقراطية لموظفي غرف الصناعة التقليدية، المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، مساء الجمعة بتطوان، بحضور فعاليات حقوقية ومدنية ونقابية، فيما قدمت موظفات شهادتهن حول ما تعرضن له من “تعسفات إدارية” في الغرفة، بحسب النقابة.

غير أن رئيس الغرفة، أحمد بكور، نفى تلك الاتهامات في اتصال لجريدة “العمق”، واعتبرها غير صحيحة إطلاقا، كاشفا أن الأمر يتعلق بعدد محدود جدا من الموظفين، تم اتخاذ إجراءات معينة في حقهم انطلاقا من “أخطاء ارتكبوها”، على حد وصفه، نافيا أن تكون غرفته قد مارست تعسفا إداريا في حقهم.

“معركة الكرامة”

وبحسب المتدخلين في الندوة الصحفية، فإن غرفة الصناعة التقليدية بجهة طنجة تطوان الحسيمة تعرف “حالة احتقان استثنائية وغريبة عن جسم الإدارة العمومية المغربية”، وهو ما دفع النقابة لإطلاق “معركة الكرامة”، انطلقت بحمل الشارة الحمراء من طرف موظفي كافة الغرف بالمملكة، بمقرات عملهم، تضامنا مع زملائهم بالشمال.

وقال أعضاء النقابة إن غرفة الصناعة التقليدية بالجهة تعرف “تضييقا على الحريات النقابية واستهدافا لقيادات ومناضلي النقابة، واستمرار التمييز وعدم تكافؤ الفرص في إسناد المهام والمسؤوليات، وغياب معايير منصفة وشفافة في عملية توزيع منح المردودية السنوية، وفي تدبير تنقيط وترقية الموظفين (حالة موظفات ملحقة الغرفة بتطوان نموذجا)، ومشكل الحركة الانتقالية لبعض الموظفين”.

وأوضحوا خلال الندوة الصحفية، أن “ملفات الضحايا” تثبث ما أسموه “تورط مسؤولي الغرفة، سابقا وحاليا، في استهداف موظفيها والمس باستقرارهم المهني والنفسي والأسري، من خلال تنفيذ انتقالات تعسفية وبخلفية انتقامية وانتقائية، ولأسباب نقابية وشخصية في حق البعض، وخلق حالة من الرعب والتهديد تجاه البعض الآخر”.

وأشاروا إلى وجود ما أسموه “تحكم حزبي داخل الغرفة”، مسجلين رفض رئيس الغرفة الاستجابة لطلبات الحوار المتكررة للنقابة، واتهموا الجهاز الإداري للغرفة بـ”التملص من تحمل مسؤولياته، وفشله الذريع في تدبيره لمشاكل العديد من الموظفين المتراكمة منذ مدة، في ظل غياب تدخل رادع ومستعجل للوزارة الوصية”.

مطالب بفتح “تحقيق”

وفي هذا الصدد، طالب الكاتب العام الوطني للنقابة الديمقراطية لموظفي غرف الصناعة التقليدية، أشرف المسياح، الوزارة الوصية بفتح تحقيق في ما اعتبرها “خروقات وتعسفات إدارية” تعرفها غرفة جهة الشمال، مشيرا إلى أن هذه الغرفة هي “المؤسسة الوحيدة في المغرب التي تضطر فيها الموظفة إلى الاستعانة بعون قضائي من أجل وضع طلب عطلتها لدى الإدارة”.

وقال المسياح في الندوة الصحفية، إن الأمر يتعلق بكل الموظفين الذين لديهم انتماء نقابي منذ 2016 وإلى الآن، مشيرا إلى أن هناك حالات لموظفات تم إعفاؤهن أو تجميد ترقيتهن ومنحهن، مباشرة بعد التحاقهن بالتنظيم النقابي، كاشفا أن أكثر المتضررين هم العنصر النسوي، ومنهن من لا يستطعن التحدث بسبب تهديدات في عملهن، حسب قوله.

واستغرب المتحدث “كيف أن رئيس الغرفة هو قيادي في حزب سياسي بطنجة، وأن مدير الغرفة، الذي يُفترض أنه أقل درجة في السلم الإداري من الرئيس، هو الأمين العام الجهوي للحزب ذاته الذي ينتمي له رئيس الغرفة، وبالتالي فإن مدير الغرفة، عمليا، هو رئيس على الرئيس، وهو الذي يتحكم في دواليب الغرفة ويفعل ما يشاء في ملفات الموظفين”، وفق المسياح.

ويرى المسؤول النقابي ذاته، أن “هذه التعسفات تؤشر عن نشوء ممارسة غريبة تنم عن عقلية متسلطة وغير مسبوقة في تاريخ الإدارة المغربية، والتي لا تمت بصلة الى قيم وتطلعات مغرب الحقوق والحريات ودولة المؤسسات التي ما فتئت تؤكده العديد من الخطب الملكية، وترجمته العديد من الإصلاحات على مستوى الادارة العمومية الحديثة، والتي يعتبر العنصر البشري الركيزة الأساسية فيها”، وفق تعبيره.

وأضاف أن تنظيمه النقابي يريد منح فرصة أخرى لإدارة الغرفة من أجل حل المشكل عبر نهج سياسة الحوار، مهددا باتخاذ خطوات تصعيدية تبدأ بتنظيم اعتصامات داخل مقرات العمل، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان تحالف حقوقي لدعم الموظفين المتضررين، يضم جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومنظمة النساء الاتحاديات.

تقرير “الخروقات”

النقابة المذكورة قدمت خلال الندوة الصحفية، تقريرا عن ما اعتبرته “خروقات بالجملة” داخل غرفة الصناعة التقليدية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، معتبرة أن “التعسفات الإدارية وتحريك المتابعات التأديبية الانتقامية في حق موظفين بسبب انتمائهم النقابي أو خلافاتهم الشخصية مع بعض مسؤولي الغرفة، يعد خرقا سافرا للقانون الوطني والدولي”.

ومن بين تلك “الخروقات”، سجلت النقابة الحرمان من الحق في الترقية بحق 8 موظفين من بينهم عضو المكتب الوطني وأعضاء في النقابة، من حق الترقية بدون مبرر مشروع، وفي “تجاوز تام” للمساطر المعمول بها بكل من الإدارة المركزية بطنجة وملحقات تطوان وأصيلة ووزان، خلال سنوات 2019 و2020 و2021 و2022.

وأشارت النقابة إلى أن الهدف من هذا الحرمان هو “إقصاء هؤلاء الموظفين من مرحلة الترقي خارج السلم لسنة 2022، ودون معايير واضحة وشفافة ومتفق عليها مع ممثلي الموظفين في حظيرة اللجان المتساوية الأعضاء، وهو ما يعد خرقا سافرا للقوانين والمساطر المعمول بها في هذا الإطار”، يقول التقرير.

وتوقف المصدر ذاته على “حرمان أعضاء في النقابة وموظفين آخرين في الغرفة المذكورة، من الحق في المكافأة السنوية، كما هي محددة في النظام الأساسي لمستخدمي غرف الصناعة التقليدية، والمحددة مقدارها أجرة الشهر الأخير من كل سنة، مع حرمانهم من المكافأة السنوية المتعلقة بنسبة 250%، كما هي محددة في مقتضيات النظام الأساسي، واقتصار منحها لأشخاص بعينهم”.

كما سجل التقرير الاقتطاع من أجور الموظفين بدون مبرر مشروع، ويتعلق الأمر، وفق النقابة، بـ”استهداف أعضاء المكتب الوطني وعدد من أعضاء النقابة، من خلال اقتطاعات غير مشروعة من الأجر في حقهم، وتحريك مسطرة الفحص الطبي المضاد في حق بعض الموظفين (ملحقة غرفة تطوان نموذجا)، وذلك من 2017 إلى 2021″.

وفس نفس السياق، سجل التقرير ما اعتبرها “تنقيلات تعسفية عشوائية” لملحقات إدارية بتطوان وأصيلة والحسيمة والقصر الكبير، مشيرا إلى أنها “طالت بشكل ممنهج وغير مشروع وفي إطار من الشطط في استعمال للسلطة، عددا من الموظفين ومست استقرارهم النفسي والمهني والاجتماعي”، وفق النقابة ذاتها.

الرئيس يوضح

بالمقابل، عبَّر أحمد بكور، رئيس غرفة الصناعة التقليدية لجهة طنجة تطوان الحسيمة، عن رفضه لكل الاتهامات التي وجهتها له النقابة المذكورة، معتبرا أن الأمر يتعلق بما أسماه “حزازات سياسية لدى الموظفين المشتكين، خاصة بتطوان”، مشيرا إلى أن ما ورد في تقرير النقابة “كله بهتان” على حد وصفه.

وقال بكور في اتصال لجريدة “العمق”، إن الأمر يتعلق فقط ببضع موظفين ولجوا الغرفة في 2011 ضمن التوظيف المباشر، ضمنهم 6 موظفات من تطوان صدر قرار بتوزيعهن على ملحقات الجهة، بالنظر إلى أن ملحقة تطوان كانت مملوءة، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك تعامل معهن جيدا وقرر تركهن في تطوان.

وأوضح المسؤول أن الموظفين المشتكين وقعت لهم مشاكل مع الرئيس السابق بعد أن غادر هو الغرفة في 2015، مشيرا إلى أنهم “لم يتلزموا بعدد من الأمور، وهو ما دفع الإدارة حينها إلى تقليص تنقيطهم”، مشددا على أن مدير الغرفة لا علاقة له بالأمر بتاتا، وفق تعبيره.

وأشار إلى أنه، وبعد عودته لرئاسة الغرفة في انتخابات 2021، تفاجأ بعريضة وقعها الموظفون المعنيون، خاصة بملحقة تطوان، لافتا إلى أنه رفض تلك الطريقة، موضحا: “كان من المفروض أن يتواصلوا مع الإدارة من أجل حل مشاكلهم، وليس الخروج إلى الإعلام”.

وفي هذا الصدد، عبَّر بكور عن انزعاجه من الندوة الصحفية التي نظمتها النقابة، أمس الجمعة بتطوان، قائلا: “لا أقبل أن يهاجمونني ويتهمونني بالبهتان في الإعلام، كما أرفض مهاجمة حزبي وأعضاء الغرفة، فهذا ليس هو العمل النقابي، ولهذا أرفض الجلوس معهم للحوار”.

وتابع في هذا السياق بالقول: “هناك مجموعة قليلة من الموظفين أسسوا مكتبا نقابيا وطالبوني بإجراء حوار بعد يومين فقط من التأسيس، رغم أن مشكلهم كان أساسا قبل مجيئي كرئيس، وقد جلست بداية مع الكاتب الوطني لنقابتهم واستمعت إليه، لكن لم أقبل أن تتم مهاجمتي والافتراء عليَّ عبر الإعلام، لذلك أرفض الآن الحوار معهم”.

“افتراءات”

وبخصوص طبيعة الاتهامات التي وجهتها له النقابة، أوضح رئيس الغرفة أن “الحديث عن انتقالات تعسفية لا أساس له من الصحة”، مشيرا إلى أن تنقيل الموظفين يتم بناء على خريطة الانتشار في ملحقات الغرفة بالجهة، ضمن تدبير عملية الخصاص.

ولفت في هذا السياق إلى أن مكاتب الحسيمة وشفشاون ووزان والعرائش وأصيلة تعرف خصاصا كبيرا، عكس الإدارة المركزية بطنجة ومكتب تطوان، واللذان لا يوجد بهما أي مقعد شاغر.

وبشأن المكافأة السنوية، أشار إلى أن كل الموظفين تسلموها الموسم المنصرم، باستثناء موظفين اثنين، أحدهما بطنجة تغيب 4 أشهر لظروف خاصة، والآن عاد إلى عمله، وموظفة بأصيلة لم تلتزم بعملها، وهو ما دفع الوزارة الوصية إلى إيفاد لجنة للتحقق من وضعها، وكانت مهددة بالطرد، وفق تعبيره.

وفيما يخص التنقيط السنوي، قال بكور إن الموظفين المحتجين طالبوه بتسليهم تنقيطهم منذ 2016، مشيرا إلى أنه بعد ترأسه للغرفة خلال الانتخابات الأخيرة، أعطاهم حق الاطلاع على تنقيطهم، بعدما منح نقاط تتراوح ما بين 18 و19 لموظفات تطوان، كما أشار إلى استفادة معظم الموظفين من المنحة السنوية.

واعتبر أن الإشكال في غرفة تطوان يتعلق بمشكل بين الموظفات ومسؤولة الغرفة، موضحا أن الإدارة أقدمت على توقيف المسؤولة وتعيين إحدى الموظفات مكانها بشكل مؤقت، مضيفا: “بعدها قمنا بإعفاء الموظفة من تلك المسؤولية، لأنه كان من المفروض، حين يقع أي مشكل، أن تتصل بالإدارة وليس أن توقع عريضة نقابية تهاجم فيها الرئيس”.

وكشف أنه يقوم بتطبيق القانون على كل الموظفين، حيث فرض عليهم توقيت العمل من 8:30 صباحا إلى 16:30 بعد الزوال، مشيرا إلى أنه أجاب الوزارة الوصية فيما يخص هذا الملف، متسائلا بالقول: “لماذا لم يؤسسوا النقابة في 2019 وانتظروا إلى اليوم؟، وأنا أيضا أطالب وزارة الداخلية والوزارة الوصية بالتحقيق في هذا الملف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *