أما بعد، مجتمع

أما بعد.. أين وعود آيت الطالب بعد الولادة في ساحة مستشفى اليوسفية؟

وزير الصحة

في آخر أيام سنة 2021 وقع وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب جوابا على سؤال كتابي للنائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية حسن البهي، يسوق فيه الوزير صورة وردية عن المركز الاستشفائي الإقليمي للا مريم بمدينة اليوسفية، ويخبر 257 ألف مغربي يفترض أنهم يتلقون خدمات صحية بالمستشفى المذكور أن الوزارة أعدت “برنامجا طبيا متكاملا” من شأنه رفع الطاقة الاستعابية وتحسين جودة الخدمات، وبعد سنة واحدة وأشهر ثلاثة، تضع سيدة مولودها في حديقة المركز الاستشفائي ذاته بدل وضعها في جناح الولادة الذي يقول الوزير أنه يحتضن ألف ولادة كل نصف سنة.

الصورة الوردية التي قدمها الوزير عن مستشفى اليوسفية هي ذاتها الصورة التي يصر على تسويقها كل مرة عن جميع المؤسسات الصحية التي تقع تحت مسؤوليته، التي لا يخفى على أحد غرقها في المشاكل وتخبطها في الأزمات، متعمدا إخبار المغاربة بعدد العمليات والفحوصات المقدمة، بدل إخبارهم بعدد المرضى الذين عادوا خائبين أو الذين ودعوا الحياة بسبب الإهمال أو عدم إيجاد سرير لهم في المؤسسات الصحية العمومية، حيث يصر الوزير في كل مرة يسأل فيها عن مشكل أو خصاص في مؤسسة تابعة له على عد مجموع الأسرة والوسائد وبعض الآليات قافزا على صلب الموضوع وأصل المشكل.

لن نتحدث اليوم عن صفقات كورونا، ولا عن ما سمي ظلما “مستشفيات ميدانية” وصرفت فيها أموال دون أن تستخدم (مراكش نموذجا)، ولا عن أقسام المستعجلات المغلقة دون مبرر، ولا عن البنايات التي شيدت أو أقيمت بها إصلاحات ولم تشتغل بعد ذلك، ولا عن الحرائق التي تنشب هنا وهناك وتلزم إزاءها الوزارة الصمت (آخرها حريق مستشفى الأم والطفل بمراكش أيضا)، ولا عن الضغط والترهيب الممارس على الأطباء المقيمين والداخليين وذاكرتنا لم تنس بعد الدكتور رشيد ياسين رحمه الله، ولا عن فتاة المضيق  كما لن نتحدث عن الخصاص والإرتباك وسوء التسيير وغيرها من الاختلالات التي يمكن الاطلاع على في مقال العمق السابق المعنون بـ” في زمن الحماية الاجتماعية.. “اختلالات” و”أوضاع كارثية” بالمستشفيات تسائل آيت الطالب”… الخ.

بل يكفي أن نقف على واقعة وضع سيدة لمولودها في الحديقة نهارا جهارا بدل المكان الطبيعي، في وسط حضري وداخل سور المستشفى، وفي مدينة فوسفاطية يفترض فيها الغنى والتوفر على البنية التحتية اللازمة، لنجد الجواب عن واقع الصحة في باقي ربوع هذا الوطن، في أعالي الجبال وفي الصحاري والبوادي، وفي أماكن تكون فيها مشقة الوصول إلى المستشفى أعظم وأنكر من مشقة المرض نفسه.

حتما لو كنا في رقعة جغرافية يحترم فيها الفاعل السياسي نفسه لاستقال آيت الطالب من منصبه ألف مرة، ولدس رأسه في التراب خجلا من حصيلته الصفرية ومن مسؤوليته الأخلاقية على واقع أسود في زمن يعيش فيه المغاربة حلم الحماية الاجتماعية، هذا الحلم المشروع والطموح الذي تعيقه رؤية قاصرة وانعدام للمسؤولية، ووزير لم يعد يشغلنا فيه سوى معرفة متى يأتي يوم يستحيي فيه من نفسه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • إبن الخطاب عبد الرحيم
    منذ سنة واحدة

    اليوسفية من مدينة إلى قرية منكوبة ماضيها أفضل من حضرها حسبنا الله ونعم الوكيل في هد المسؤولين لا حولا ولاقوة إلا بالله العلي العظيم رحم الله الحسن الثاني