أدب وفنون، حوارات

‘‘ذو الخفين الطائرين‘‘ .. النبلي تتحدث لـ”العمق” عن مؤلفها الجديد وأهمية الكتابة للطفل

يمكن اعتبار الكتب الموجهة للأطفال إحدى الوسائل الهامة التي من شأنها تنمية مهارات الكتابة والقراءة لدى الطفل، وتوسيع قاموس مفرداته وتنمية خياله وإثراء معرفته بالعالم من حوله.

بيد أن الكتابة الموجهة للطفل، وبشكل مبدئي، يرجح أن تكون لها سمات خاصة عن غيرها من أنواع الكتابة، تراعي: بساطة اللغة والمفردات المستعملة، ووضوح الأسلوب، وجاذبية المضمون، وأهمية المحتوى التعليمي، وإيجابية القيم، وتنوع الموضوع، والتي تختلف بدورها تبعا لاختلاف المراحل العمرية للطفل.

لتسليط الضوء أكثر على موضوع الكتابة الموجهة للأطفال، ولاستجلاء أهميتها، وتحديد سماتها، ورصد صعوباتها، تستضيف جريدة ‘‘العمق‘‘، الصحافية والإعلامية المغربية حنان النبلي، وهي فرصة كذلك للحديث عن قصتها ‘‘ذُو الخُفَّيْنِ الطَّائِرَيْنِ‘‘ الصادرة حديثا عن دار جامعة حمد بن خليفة للنشر بقطر.

ما هي أهم سمات الكتابة الموجَهة للطفل: من حيث اللغة، المفردات، الأسلوب، الأفكار …؟

مما لا شك فيه، أنّ كل من يخوض غمار الكتابة لهذه الفئة الحساسة، يجب أن يكون على إلمام ودراية واسعة بعالم الطفل المركب والبسيط في الآن نفسه، وأن يراعي في مضمونه مراحل نموه وكذا مستواه المعرفي، متسلحاً بقاموس لغوي يراعي قدرات الناشئة على الاستيعاب والفهم، قصد تحقيق أهدافه وغاياته في قالب أدبي جمالي يجمع بين المعرفة والمتعة.

إن الكتابة للأطفال عموماً، تتطلب الإلمام الكافي بالموضوع، والاستعانة بالأسلوب السهل الواضح، والمفردات المناسبة، واللغة التي تجعل المضمون مستساغا مفهوما، مناسبا للمرحلة العمرية المستهدفة، لمساعدتهم على فهم الفكرة المطروحة ومتابعة تفاصيلها دون ملل، مع احترام التسلسل المنطقي في الحكي، في احترام تام لذكاء الطفل وقدرته على الفهم والتفاعل.

إن هذه السمات كما اتفق عليها عدد من رواد أدب الأطفال تعتمد على بنيان لغوي قوامه ألفاظ سهلة ميسرة فصيحة تتفق والقاموس اللغوي للطفل، بالإضافة إلى خيال شفاف غير مركب ومضمون هادف متنوع، وتوظيف كل تلك العناصر بحيث تتفق أساليب مخاطبتها وتوجهاتها مع عقل الطفل وإدراكه ووجدانه، كي يفهم النص الأدبي ويحسه ويتذوقه، ثم يكتشف بمخيلته آفاقه ونتائجه.

ما هي أهمية الكُتب في حياة الطفل، الأهمية التي قمت باستشعارها؟

يقرأ الطفل لينطلق إلى عالم جديد من المتعة والإفادة والسفر، من هذا المنطلق، يكتسي الكتاب أهمية كبيرة في حياة الطفل، خاصة في ظل التحولات الرقمية والتكنولوجية الحالية، فهو بمثابة غذاء فكري ونفسي واجتماعي وعاطفي، يساعده على النمو العقلي والمعرفي ويتيح له التعرف على الكثير من المعارف، وكذا الانفتاح على البيئات الأخرى.

ولعل غاية كتب الأطفال ليست فقط إذكاء الخيال عند الناشئة فقط، بل تتعداه إلى تزويدهم بالمعلومات العلمية، والتاريخية، وتوسيع مداركهم اللغوية، وتشجيعهم على اكتساب عادة القراءة والتفكير، وتكوين الذوق الفني، فضلا عن تكوين شخصية متكاملة ومتوازنة.

حدثينا قليلا عن قصة “ذو الخفين الطائرين”: فكرة الكتابة، واختمارها ، ومضمون القصة؟

“ذُو الخُفّين الطائرين”، قصة موجّهة للأطفال في المرحلة العمرية من (6- 9 سنوات) صدرت حديثاً عن دار جامعة حمد بن خليفة للنشر بقطر، تدور أحداثها عن قصة الفتى نعيم والعلاقة التي تجمعه بخفّيه الطائرين اللذين يُحلّق بهما في أرجاء المغرب، وأيضا بشخصية “ذات الرداء الأبيض”، التي اشترطت عليه أن يحلّ اللغز تلو الآخر للاحتفاظ بالخفين والتحليق لزيارة معالم طبيعية وتاريخية ومعاصرة.

تندرج القصة ضمن مشروع دار جامعة حمد بن خليفة للنشر بقطر، الذي يتضمن مجموعة قصص عن عدة دول عربية والمغرب من بينها، فبعد تواصل جرى بيننا بهذا الخصوص، تقدّمت بالمقترح فنال الموافقة، لتكون هذه الخطوة بمثابة تحفيز لي على خوض غمار الكتابة ضمن هذا الفن للمرة الأولى، مسلطة الضوء على شخصية محورية ضمن القصة، هي الفتى نعيم والعلاقة التي تجمعه بـ “ذات الرداء الأبيض”.

تتضمن القصة مجموعة من المغامرات وسلسلة من التحديات التي يستعين فيها الفتى بذكائه المتيقظ وفطنته لتجاوزها قصد الاحتفاظ بخفيه الطائرين اللذين يجول بهما في أنحاء المغرب، من شماله إلى جنوبه، متمنياً لحلمه ألا ينتهي، ولخفيه أن يبقيا في حوزته في صحوه.

وقد اخترت مخاطبة الصغار من خلال نافذة القصة لأنها تعد من أقرب وأحب الأشكال الأدبية لهم، مُعزّزة برسوم للفنانة غادة عزت، بهدف لفت انتباههم، واختبار سرعة بديهتهم، بعيداً عن الأسلوب المباشر وقريباً من خيال الطفل ووجدانه.

ما هي أبرز الصعوبات غير المتوقعة التي واجهتك في مراحل تأليف القصة؟

يقال إنّ “كاتب الأطفال يجب أن يرتد طفلا، يشطب ويصحح، ويمسح ويعيد الكتابة، كما يفعل الأطفال”، ربما من هذا المنطلق كنت أتحرك على الورق بقلق مشوب بالحذر وأنا أخاطب هذه الفئة، متسلحة بما قرأته من التجارب السابقة، العربية والغربية، مستفيدة كذلك من كتب علم النفس والتربية، محاولة قدر الإمكان الابتعاد عن الغموض والتكلف والألفاظ الصعبة، مع الاحتفاظ بعنصر التشويق والجاذبية في الوقت نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *