وجهة نظر

لفهم كيف ارتقى المغرب في مؤشر ممارسة الأعمال

أولت حكومة الأستاذ عبد الاله بن كيران منذ توليها عناية خاصة بمناخ الأعمال، ومنحته مكانة مركزية ومتقدمة في برنامج عملها، وذلك من أجل تيسير ممارسة الأعمال في المغرب وتوفير شروط جذابة للمستثمرين الوطنيين والأجانب. وبفضل الاشراف الفعلي لرئيس الحكومة على الإصلاحات المرتبطة بمناخ الأعمال، والمجهودات المبذولة من طرف السلطات العمومية، بشراكة مع القطاع الخاص؛ استطاع المغرب التقدم ب7 مرتبات في مؤشر (Doing Business) الذي أصدره البنك الدولي في تقريره السنوي الجديد الصادر بواشنطن حول ممارسة الأعمال برسم سنة 2017 ومنه التقدم ب29 درجة منذ 2012، وأحرز بذلك المرتبة 68 عالميا من بين 190 دولة حيث تصدر دول شمال إفريقيا، فضلا عن ارتقائه للمرتبة الثالثة على المستوى القاري والرابعة على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (MENA).

تتولى اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال تنسيق وتتبع التدابير المبرمجة في هذا الورش، باعتبارها إطارا تشاوريا شفافا مبنيا على مقاربة تشاركية ترمي إشراك مختلف القطاعات الوزارية العاملة على تحسين مناخ الأعمال وكذا القطاع الخاص الوطني ممثلا بأهم هيئاته (الاتحاد العام لمقاولات المغرب، المجموعة المهنية للأبناك المغربية، جامعة غرف التجارة والصناعة والخدمات). وقد أعدت هذه اللجنة، في سنة 2015، مخططا للعمل يتضمن 21 مشروعا موزعا على 6 أوراش استراتيجية، وهي روح المقاولة والاستثمار (7 مشاريع)، والتعمير ونقل الملكية (3 مشاريع)، والمشتريات العمومية (2 مشروعان)، والتجارة الخارجية (2 مشروعان)، وقانون الأعمال (3 مشاريع)، والتنسيق والشراكة الدولية (4 مشاريع).

ركزت الإنجازات والإصلاحات التي باشرتها الحكومة في مجال مناخ الاعمال على تحديث البيئة القانونية للأعمال، سوآءا على المستوى الضريبي (كتمديد مدة الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على شراء ممتلكات استثمارية، سواء بالداخل أو عند الاستيراد، من 24 شهرا إلى 36 شهرا ابتداء من تاريخ الشروع في النشاط؛ وكذا تخفيض العبء الضريبي على الشركات إلى 10٪ بالنسبة للتي تقل أو تساوي أرباحها الضريبية 300.000 درهم ، بالإضافة إلى تحفيز المقاولات على الرفع من رؤوس أموالها…) أو مستوى التدابير القانونية غير الضريبية الهادفة إلى تطوير المقاولة المغربية (كالقانون رقم 86-12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص حيز التنفيذ، و القانون رقم 13-01 المتعلق بمسطرة الأمر بالأداء، و المصادقة على مرسوم جديد يتعلق بالصفقات العمومية، والمصادقة على مشروع قانون القاضي بتعديل المادة 26 من القانون رقم 53-95 المتعلق بالمحاكم التجارية، جهود الحكومة لتفعيل ميثاق الاستثمار).

كما عملت الحكومة على تبسيط المساطر الإدارية ونزع الصفة المادية عنها على مستويين، الشق الاول يتعلق بالإجراءات الضريبية، والتي تمثلت في تعميم مسطرة الأداء الالكتروني والتصريح الالكتروني بالضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة -لفائدة المقاولات التي يساوي رقم معاملاتها دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة على الأقل 10 ملايين درهم- وتفعيل الأداء الالكتروني للرسوم الجمركية، وكذا إنشاء “أرضية الكترونية لتبادل المعطيات” بين المديرية العامة للضرائب والخزينة العامة للمملكة، بالإضافة إلى التنصيص على نظام للتصفية الذاتية، بهدف تبسيط وتخفيف الالتزامات الضريبية للمقاولات الوطنية، لاسيما بالنسبة لمعاملاتها مع مقاولات أجنبية غير مقيمة. الشق الثاني مرتبط بالمساطر الإدارية غير الضريبية، أهمها: التبسيط التدريجي للمساطر الإدارية على أساس عينة تجريبية تضم 100 مسطرة، وإعطاء الانطلاقة للرقم التعريفي الموحد للمقاولات، إضافة إلى تبسيط مساطر منح تراخيص البناء حيث تم إحداث شبابيك وحيدة على مستوى الجماعات التي يتجاوز عدد سكانها 50.000 نسمة، كما تم توحيد ومجانسة أشكال ومساطر الترخيص المعتمدة على الصعيد الوطني، وتوحيد الوثائق المكونة لملفات طلب التراخيص بالنسبة لكل نوع من المشاريع وشروط قبول هذه الطلبات…

من بين الإجراءات الفريدة والبنيوية التي باشرتها الحكومة وكان لها كبير الأثر في تحسين مناخ الأعمال والاستثمار في المغرب، مواصلة تحديث القطاع المالي: فلقد تم تنفيذ إصلاح القانون البنكي، وتنويع الأدوات المالية الموضوعة رهن إشارة مصدري السندات المالية والمستثمرين، وتحسين منظومة رقابة وشفافية القطاع المالي، وتحديث الإطار التشريعي المنظم لبورصة القيم المنقولة، ومراجعة الإطار القانوني المنظم للقطب المالي للدار البيضاء. علاوة على ذلك، عملت الحكومة على تعزيز آليات الضمان لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة والمقاولات الصغرى، الأمر الذي ساعد هاته المقاولات على تعبئة التمويلات وفق أفضل الشروط الممكنة ودون الحاجة إلى تقديم ضمانات تعجيزية. ومن بين أهم الآليات التي تم وضعها، هناك “ضمان التصدير” و”مواكبة” و”ضمان إكسبريس” و”إليك”، و “ضمان كريا”، و”ضمان ديف”، و”ديف الصناعة “، و”MDM الاستثمار “، و”ضمان الاستغلال”. و”ضمان كابيتال ريسك”. بالإضافة لهذا، حرصت الحكومة على تعزيز خزينة المقاولات عن طريق مجموعة من الإجراءات، أبرزها، تصفية متأخرات الديون المتراكمة على كاهل الإدارات والمؤسسات العمومية، لصالح المقاولات الامر الذي مكن هذه الأخيرة من استرداد جزء كبير من ديونها، وتقليص جزء كبير من احتياجاتها التمويلية.

لم تنسى الحكومة تطوير وتعزيز الشق المتعلق بالتكوين المهني والبحث العلمي لصالح المقاولة، باعتبارهما المزود الرئيسي للمقاولة والقطاع الإنتاجي بالموارد البشرية المؤهلة التي تستجيب للاحتياجات المتطورة للاقتصاد.

ختاما، بفضل السياسة الديبلوماسية الاقتصادية التي وضع معالمها جلالة الملك محمد السادس، وبفضل التراكمات التي حققتها الحكومات السابقة على مستوى تحسين البنيات التحتية، وبفضل الإصلاحات الاقتصادية الشاملة والقطاعية (إصلاح المالية العمومية، وإصلاح العدالة، وإصلاح الإدارة، وإصلاح القطاع المالي، وإصلاح السياسات القطاعية، الخ) التي باشرتها حكومة الأستاذ عبد الاله بن كيران بالشراكة مع جميع الفاعلين المهنيين والسياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، استطاع المغرب تعزيز صورته وإشعاعه في العالم وإحراز تقدمات مهمة في عدة مؤشرات وتقارير دولية، جعلت منه فاعلا اقتصاديا وسياسيا مؤثر إقليميا وجهويا، الأمر الذي سيكون له أثر كبير وإيجابي على مستقبل ومكانة المغرب في المنتظم الدولي.